· الوزير فاروق حسني هو المحرك الأساسي لمسألة «دعم» الإنتاج السينمائي، ولكن ما أن بدأت حتي تعثرت ..وان نفس الوزير هو الذي أعاد المهرجان القومي للتواجد والاستمرار ، ولكن الآن «يفكر» في إلغائه أن يقول أي أحد إن أحوال الثقافة والإبداع في مصر ليست علي ما يرام، ثم يسوق أسبابا ودوافع رأيه هذا، فهذا أمر يمكن مناقشته .. أما أن يكون صاحب هذا القول هو وزير ثقافة مصر شخصيا، فهذه مصيبة وكارثة.أن يقول أي أحد إن أحوال الثقافة والإبداع في مصر ليست علي ما يرام، ثم يسوق أسبابا ودوافع رأيه هذا، فهذا أمر يمكن مناقشته .. أما أن يكون صاحب هذا القول هو وزير ثقافة مصر شخصيا، فهذه مصيبة وكارثة. في الصفحة الثالثة بجريدة «الأهرام» يوم السبت 8مايو الماضي، كان الموضوع الرئيسي أو المانشيت تقرير - حواري للزميلة مشيرة موسي مع فاروق حسني وزير الثقافة بعنوان «الإبداع.. يتراجع»! .. وكان الهدف من التقرير - فيما يبدو - استطلاع رأي الوزير في تلك القضية التي رفعها اثنان من المحامين لمصادرة رائعة الزمان الأدبية «الف ليلة وليلة»، وكان رأي الوزير أن هذا يعكس حالة من التراجع في المجتمع المصري ودليل علي الجمود الفكري.. وللأسف لم تسأله الزميلة ما الذي جعلنا كمجتمع نصل إلي هذا «الجمود الفكري»؟! . بل ولم تسأله سؤالا أكثر بساطة وبديهيا : كيف تركت الحال يصل إلي حالة «الجمود» وأنت - أو سيادتك - وزير ثقافة مصر منذ 23سنة؟!! وليس من الموضوعية أو الانصاف اتهام فاروق حسني أنه كان - بحكم منصبه - وراء هذا الجمود الفكري والتراجع، فقد جرت في بحر مصر أمواج كثيرة عاتية، ونوات صاخبة طوال إدارته لوزارة الثقافة، وللأسف فان الحكومات المتعاقبة لم تتصدي لها، بل علي العكس ردخت وتراخت في مقاومتها، ولم تقم «صخور» صد في مواجهتها.. إذن لم الدهشة فيما يقوله فاروق حسني الآن، فالمسألة أكبر من الوزير والوزارة!. لكن .. ليس من الموضوعية أو الانصاف أيضا تبرئة ساحة الوزراء، والوزير فاروق حسني تحديدا - بوصفه وزيرا معمرا وأقدم الوزراء في مصر المحروسة - لأنه منذ البداية، وربما حتي الآن لم يضع خطة أو تصورا أو استراتيجية أو رؤية للمقاومة حتي لا تصل الأمور إلي حالة «الجمود» حسب تعبيره، والذي أصاب كل النواحي الثقافية والإبداعية - يمكننا استثناء هيئة الآثار مؤقتا - فالأمر ببساطة - أن فاروق حسني ظل طوال السنين يعتمد علي «رد الفعل»، وليس علي رؤية واضحة لاستمرار الفعل، وحتي نكون أكثر دقة دعوني اضرب لكم مثالا بالسينما، وقد تخصصت في الكتابة عنها، لتوضيح الأمر. خلال الشهر الأخير، وبالتحديد من 8أبريل إلي 8مايو، كانت هناك 4قرارات سينمائية مهمة أصدرها فاروق حسني .. القرار الأول في شكل اعلان عن دعم وزارة الثقافة لانتاج أفلام سينمائية «قيمة هذا الدعم 20مليون جنيه كما هو معروف»، وهذا الدعم كانت قد عرفته السينما المصرية منذ 3سنوات، وتم عن طريق دعم خمسة أفلام روائية طويلة وعدد من أفلام الديجيتال، وكان المفروض أن يكون الدعم الذي تقدمه وزارة المالية سنويا، ولكن وزارة الثقافة اصابها اضطراب شديد - لعدم وجود رؤية أو جدية في التنفيذ - فاستغرق تنفيذ الدعم ثلاث سنوات كاملة «مازالت بعض الافلام لم تنتج حتي الآن»، وبالتالي فقدت السينما المصرية هذا الدعم لعامين متتاليين.. والمعني أننا أمام مشروع مهم جدا لدعم السينما ولكنه بدأ ثم تعثر وتوقف ثم عاد«!!».. القرار الثاني إقامة المهرجان القومي للسينما« يصدر به قرار كل عام»«، وقد اقيم في الفترة من 22 إلي 30 أبريل، وقد تم الغاء الافتتاح لسبب غير معلوم، وفي نهاية المهرجان قرر الوزير أن يكون أكثر دعما للمهرجان فأعلن «مضاعفة» الجوائز في العام القادم!.. ولكن بعد أقل من 10أيام من ختام المهرجان عاد يصرح للأهرام «أنه يفكر جديا في الغاء المهرجان القومي في دورته القادمة».. وإلي هذه الدرجة وصل التضارب والتناقض في قرارات الوزير .. أما القرار الثالث أو المسألة الثالثة فتتمثل في قرار الوزير شخصيا بعودة وزارة الثقافة للانتاج السينمائي، وكان فيلم «المسافر» الذي احاطت به اشياء كثيرة، ولكن المهم أن الوزير عبر عن عزمه في انتاج الوزارة لفيلم واحد علي الأقل كل عام في حدود ميزانية قدرها 20 أو 25مليون جنيه، وأشار الوزير لفيلم «اخناتون» لشادي عبد السلام، وهو مشروع «مؤجل» في الوزارة منذ سنوات طويلة، واستطيع أن اؤكد أنه لن يتم انتاجه لأن ميزانية انتاج «اخناتون» اليوم تصل إلي 100مليون جنيه، وهذا سوف يجعل الوزير يتراجع عن انتاجه. ما أريد أن أصل اليه، أن الوزير فاروق حسني هو المحرك الاساسي لمسألة «دعم» الانتاج السينمائي، ولكن ما أن بدأت حتي تعثرت «وان نفس الوزير هو الذي اعاد المهرجان القومي للتواجد والاستمرار ، ولكن الآن «يفكر» في الغائه.. كما أن فاروق حسني هو الذي منح مهرجان الاسماعيلية الدولي للأفلام القصيرة والتسجيلية قبلة الحياة، ولكن وصل الآن لحالة يرثي لها.. لقد كان فاروق حسني طوال الوقت يسعي إلي «الفعل» ثم سرعان ما ينقلب إلي «رد الفعل» ما أن يصيب مشروعا من مشروعاته أي اخفاق.. في وسط هذا التضارب يصبح «الوزير» مسئولا - بكل تأكيد - عما يحدث من اضطراب في تحقيق المشروعات، ويساهم في حالة «الجمود» التي تحدث عنها، وبالتالي يجعل «الابداع يتراجع». وبعد .. إن وزير الثقافة قد لا يكون مسئولا عن اخفاق مشروعات سينمائية مهمة، وعدم تحقيقها نجاحا أو تأثيرا ايجابيا، ولكنه مسئول بكل تأكيد عن استمرار فشل هذه المشروعات لأنه جدد الثقة في من افشلوها.. لماذا لا يحاسب فاروق حسني من يجهضون مشروعاته، ولماذا يجدد الثقة فيهم؟! .. فهؤلاء سبب «الجمود» الذي تتحدث عنه ياسيادة الوزير، في مجال السينما، وسنجد مثلهم الكثير في المجالات الأخري.