لماذا لا تشارك أفلامنا في مهرجان كان؟.. والإجابة دائما هي أن أفلامنا الآن أصبحت استهلاكية وتجارية، وتفتقر إلي الإبداع الحقيقي، وبالتالي فهي ليست محل ترحيب من أي مهرجان مهم في العالم!.. ولكن حدثت 3 مفاجآت حقيقية هذا العام. يختتم مهرجان كان أعماله الأحد القادم بإعلان جوائز السعفة الذهبية، صحيح أن السينما المصرية لا تتنافس علي جوائز فهي لم تشارك في مسابقته الرسمية أو برامجه المهمة، ولكننا نظل نفتخر بأن «سفعة الصيد الذهبي» للمهرجان كانت لمخرجنا الراحل يوسف شاهين عن مجمل أعماله ومنها فيلم «المصير»، وظل تواجدنا بعد ذلك هامشيا.. وفي هذا العام حدثت 3 مفاجآت تستحق التأمل، وإعادة الحسابات لأننا سينما «تظلم نفسها كثيرا، وتستحق مكانا ومكانة أفضل مما هي عليه الآن بكثير. المفاجأة الأولي: هذا الاحتفاء الكبير بفيلم «المومياء» الذي انتجته مؤسسة السينما في مصر «الدولة» للمخرج شادي عبد السلام منذ 40 سنة «1969»، وتم عرضه في إطار «كلاسيكيات كان»، والفيلم تم إنقاذه وترميمة من خلال «مؤسسة السينما العالمية» التي يرأسها المخرج العبقري مارتن سكوريزي، وقام بتقديم «المومياء» بنفسه ووصفه بأنه سيمفونية.. وهكذا عدنا لتذكر تاريخنا السينمائي الجميل، بهذا الفيلم البديع. المفاجأة الثانية: هذا التواجد المتميز في سوق الفيلم من خلال أفلام «إبراهيم الأبيض» و «دكان شحاتة» وهليوبوليس» وغيرها.. وإذا كان التواجد الأول جاء بفضل وزارة الثقافة والفنان فاروق حسني والباحث مجدي عبد الرحمن والمركز القومي للسينما برئاسة الناقد علي أبوشادي ثم السينارست خالد عبد الجليل، فإن التواجد الثاني جاء بفضل اتحاد الصناعات التابع لوزارة الصناعة وغرفة صناعة السينما برئاسة منيب شافعي.. والمهم أننا عدنا إلي خريطة مهرجان «كان» أهم مهرجانات الدنيا. المفاجأة الثالثة: الاتفاق مع شركة توزيع فرنسية علي تسويق 500 فيلم مصري قديم في محطات التليفزيون الأوروبية ومواقع الإنترنت، وسوف يحقق تسويق هذه الأفلام عائدا كبيرا وإيرادات ليست قليلة، كما سيتم تسويق نفس الأفلام علي اسطوانات DVD وهذا أمر يجعلنا نشعر بالسعادة والفخر، فها هي أفلامنا قد أصبح لها سعر في السوق العالمي.. ولكن المؤسف أن عائد هذه الأفلام سوف يذهب إلي قناة «روتانا» التي أشترت نيجاتيف 1500 فيلم مصري بسعر زهيد، وكم ضررنا من بيع الأفلام المصرية ولم ينتبه أحد! وهذا يدعونا للمرة الألف بالتوجه إلي فاروق حسني وزير الثقافة لتنفيذ وعده ومشروعه باقامة الأرشيف للسينما، فهذه الأفلام ليست ملكا لنا، ولابد أن يكون لدينا أصول، فهي تاريخنا.. ولكن المشروع «الأرشيف» مازال تحت الاعداد والدراسة منذ 10 سنوات .. حاجة تجنن! حمدا لله أن فيلم «المومياء» كان من إنتاج الدولة، ولم يتم بيعه لروتانا أوART أو غيرهما، لكانت المفاجأة الأولي في خبر كان الآن. إننا في حاجة إلي إعادة صياغة تعامل الدولة مع صناعة السينما المصرية، أنها كنز ثقافي وتجاري هائل، ولكن الدولة تتعامل معه طوال الوقت علي أنه من أدوات التسلية، وتسلط عليه الرقابة، وتجعله يئن من الضرائب والجمارك.. وحتي مجلس الشعب يتعامل مع السينما علي أنها امرأة لعوب، لابد من تهذيبها وتحجيمها، إن الصناعة السينما في مصر ثروة ثقافية وفنية وإبداعية وتجارية أيضا، وعنوان للتحضر والرقي، ويجب أن نتعامل معها علي هذا الأساس!. نادر عدلي