أطرف ما تم طرحه خلال لقاء د.عماد أبوغازي وزير الثقافة بأعضاء اتحاد الناشرين المصريين هو مطالبة صاحبة إحدي دور النشر بوقف إصدار سلاسل الكتب التابعة لوزارة الثقافة خلال هذه الفترة الانتقالية. الغريب في الأمر أنه في مقابل هذا الطلب العجيب فقد طالب الناشرون بدعم وزارة الثقافة لهم في إنشاء قاعدة بيانات لصناعة النشر تتكلف 2 مليون جنيه. ودعم مشاركتهم في المعارض الدولية والعربية بتمويل نسبة من إيجار الأجنحة بتلك المعارض. وتخصيص مساحات من الأراضي بأسعار رمزية لإنشاء مدينة صناعية للناشرين. وأيضاً طالبوا بتخصيص إحدي جوائز الدولة لأفضل ناشر. المؤكد أن أحداً لا ينكر الدور المهم لأعضاء اتحاد الناشرين في صناعة الكتب. لكن المؤكد أيضاً أن أحداً من الناشرين لا يخسر. وأن أسعار مطبوعات معظم دور النشر المصرية فوق طاقة البشر. لذلك فإن مطالبتهم بالدعم وفي نفس الوقت مطالبتهم بوقف إصدارات وزارة الثقافة التي تباع بأسعار معقولة أمر غريب ومريب ويدل علي أنانية هؤلاء الناشرين وجشع بعضهم.. وأنهم لا يرحمون ولا يتركون رحمة ربنا تنزل. وأنا لو كنت من د.عماد أبوغازي وزير الثقافة لضاعفت ميزانيات النشر في مؤسسات وزارة الثقافة لتكون منافساً بحق لجشع دور النشر الخاصة ولتذهب هذه الدور وأصحابها إلي الجحيم.. فليس معقولاً في ظل ثورة تطالب بالعدالة الاجتماعية أن ندعم دور النشر الخاصة ونوقف إصدارات المؤسسات الثقافية غير الهادفة إلي الربح. لنترك القارئ لقمة سائغة في أيدي الناشرين.. منطق غريب وغير مبرر ويثير القرف. عموماً فقد أحسن د.عماد أبوغازي عندما أعلن أن وزارة الثقافة لا تمول أي مشاريع ثقافية هذا العام. فهي تتقشف في إنفاقها بنسبة تصل إلي 20%. كما أن صندوق التنمية الثقافية لديه عجز هذا العام يصل إلي 15 مليون جنيه. مؤكداً ضرورة تنظيم جهات النشر. ووجود مطبوعات حكومية. وأن تظل موازنة النشر الثقافي في مؤسسات الدولة كما هي. أبوغازي اعترف أن مشكلات صناعة الكتاب والنشر هي عدم الاتقان. وعدم تطبيق معايير الجودة. خاصة في مؤسساتنا الحكومية التي من الممكن أن تفقد القارئ الثقة في إصداراتها.. ونتمني أن يعقب هذا الاعتراف سعي إلي تطوير الكتاب الذي تصدره المؤسسات الثقافية. وسعي مماثل إلي توزيعه. لأن الحاصل أن هناك إصدارات مهمة عن المؤسسات الثقافية وبأسعار معقولة لكن مصيرها في الغالب يكون المخازن.. ليس لسوء محتواها ولكن لعدم القدرة علي إتاحتها في منافذ التوزيع بشكل جيد. وفي ظني أن هناك أيضاً إلي جانب عدم القدرة. عدم رغبة في التوزيع.. ربما لإتاحة الفرصة لسيطرة دور النشر الخاصة.. فليس معقولاً أن مؤسسات وزارة الثقافة بما لديها من جيوش الموظفين لا تستطيع حتي الآن توزيع إصداراتها بشكل جيد.. الأمر الذي يشي بتكاسل غريب.. وإن شئت الدقة اعتبره "تواطؤ غريب". وربما تكون هيئة قصور الثقافة علي سبيل المثال واحدة من أهم مؤسسات وزارة الثقافة المهتمة بالنشر. وقد تطور النشر بها بشكل ملفت. وساهم د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة السابق بجهد رئيسي في هذا التطوير منذ أن كان رئيساً للإدارة المركزية للشئون الثقافية بقصور الثقافة. ورغم جودة الكتب التي تصدرها هذه الهيئة شكلاً ومضموناً. فإن نسبة توزيعها تحتاج إلي وقفة.. وطالما نادينا بتحديث إدارة التسويق بالهيئة. أو استحداث إدارة جديدة تكون مهمتها الإشراف علي التوزيع.. لكن يبدو أنه لا حياة لمن تنادي!