الدستور المصري ينص علي أن الجنسية المصرية لمن يولد لأب مصري. أو أم مصرية.. لذلك أتعجب من مشروع القانون الذي وافقت عليه بالفعل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب. تمهيداً لعرضه علي المجلس لإقراره. والذي يمنح الإقامة أولاً مقابل وديعة دولارية تتراوح بين 100 ألف و400 ألف دولار. وفقاً لمدة الإقامة.. وبعد إقامة مستقرة مدتها خمس سنوات. يمكن منح الجنسية مقابل التنازل عن تلك الوديعة!!.. تعجُبي ليس سببه فقط مخالفة ذلك بوضوح لنص الدستور. ولكن لأسباب أخري كثيرة. أول الأسباب: قدسية الجنسية المصرية التي لم نحصل عليها مجاناً كما يعتقد واضعو القانون العجيب.. فقد دفعنا ومازلنا ندفع الغالي والثمين. ويكفي أرواح شهداء الواجب من الجيش والشرطة دفاعاً عن تراب وأمن هذا الوطن.. فهل أدي مَن سيحصل علي الجنسية ضريبة الوطن؟!.. وهل هو مستعد للتضحية بأبنائنه من أجله؟!!.. بل هل سوف يشعر أنه بالفعل وطنه. وأنه يجري منه مجري الدم في العروق مثلنا؟!!.. دفعنا ومازلنا ندفع فاتورة ظروف صعبة عشناها مع الوطن. قد تكون سياسية أحياناً. واقتصادية أحياناً أخري.. حروب لا عدد لها علي مر التاريخ خُضناها. بعضها فُرض علينا. وبعضُها خططنا له لاسترداد أرض ضاعت. وضاعت معها كرامتنا سنين عدداً.. فأين كان مَن سوف يدفع لينال بسهولة ما لم ننله إلا بشق الأنفس؟!! ثاني الأسباب: أن قسم الفتوي والتشريع في مجلس الدولة. اعترض رسمياً علي مشروع القانون. عندما عرض عليه منذ شهور. واستند في اعتراضه إلي الدستور والقامات القانونية في هذه الهيئة القضائية معروف كفاءتها.. أما ما قاله أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب تبريراً للقانون. فمردود عليه.. فقد اعتبروا أن القانون يتماشي مع المصالح المصرية. ولا يهدد الأمن القومي. فكيف يقولون ذلك والمسئولون يرددون ليلاً ونهاراً أننا مستهدفون. والتآمر علي بلادنا لا يتوقف إلا ليبدأ من جديد؟!.. فما يمنع أن تكون الجنسية المكتسبة باباً لذلك؟!.. قالوا أيضاً: إن الأجنبي الذي يعيش علي أرضنا يحصل علي الخدمات بنفس الأسعار التي يحصل عليها المواطن. فلماذا لا يبحثون عن وسيلة تجعله يدفع الثمن الحقيقي للخدمات. بل وأكثر مادام راغباً في الإقامة بدلاً من بيع الجنسية. خاصة أنهم يقولون إن عدد الأجانب علي أرض مصر يتراوح بين أربعة وخمسة ملايين؟!! من مبررات بيع الجنسية أيضاً. الرغبة في زيادة الاحتياطي من الدولار لدي البنك المركزي. فهل لم يحقق تعويم الجنيه هذا الغرض؟!.. رغم ما نتحمله صابرين من معاناة غير مسبوقة منذ صدور هذا القرار. أملاً في تحقيق هذا الهدف؟!.. أيضاً زيادة الدخل القومي بصفة عامة. وسد العجز في ميزان المدفوعات.. فهل تم تحصيل متأخرات الضرائب وهي بالمليارات. وتحصيل الضريبة العقارية كما يجب أن يكون؟!.. والتوقف عن صرف حوافز تصدير علي صادرات وهمية؟!.. وهل فكرنا في فرض ضرائب علي المدارس والجامعات الخاصة والأجنبية لأنها بالفعل تهدف إلي الربح وليس العكس؟!.. هل فعلنا كل ذلك. ومازال اقتصادنا يعاني حتي نلجأ لبيع الجنسية؟!! إنهم يقولون أيضاً إن دولاً كثيرة تبيع جنسيتها.. وهي بالتحديد ثماني دول منها قبرص. والثمن كان 34 مليون دولار. تم تخفيضه مؤخراً إلي 6 ملايين.. والنمسا 10 ملايين. ومالطا مليون ونصف المليون.. أما نحن فعندما فكرنا في بيع الجنسية المصرية عرضنا بثمن بخس 250 ألف دولار. بل إن أحد أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي اعتبره كبيراً. وعرض تخفيضه إلي 100 ألف فقط!!!... يا سادة استيقظوا.. إنها مصر.. التي يتحمل شعبها الجوع راضياً. لكنه لن يرضي ببيع جنسية بلده بأي ثمن. مهما قدموا له من مبررات. ومهما قالوا إن ذلك سوف يخضع لشروط وضوابط.