وافقت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، خلال اجتماعها، أول أمس، برئاسة اللواء كمال عامر، نهائيا على مشروع قانون الحكومة بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 89لسنة 1960، بشأن دخول وإقامة الأجانب في مصر والخروج منها، والقانون 26 لسنة 1975بشأن الجنسية المصريّة، وذلك بحضور المستشار عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب. أثارت هذه التعديلات الجدل الذي وصل حد الغضب في الوسط السياسي، حيث جاءت لتنص على "منح 5 سنوات إقامة للأجنبي مقابل وديعة بنكية، والحصول على الجنسية المصرية مقابل التنازل عن الوديعة التي تبدأ بمتوسط 500 ألف دولار". رئيس اللجنة دافع عن التعديلات التشريعية قائلا، إن إيداع وديعة نقدية بالعملة الأجنبية في البنوك المصرية استثمار غير مباشر، ويشجع الاستثمار العربي والأجنبي للدخول في المشروعات الاقتصادية بمصر. بينما رفض آخرون مبدأ بيع الجنسية المصرية ووصفوه بالتنازل عن تراب وهوية الوطن، مؤكدين أن الجنسية ليست مطروحة للبيع في مزاد علني لمن يدفع أكثر، بل أكدوا خطورة ذلك على الأمن القومي. اللواء يحيى كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، قال في تصريحات صحفية، إن كل الشروط الحالية لمنح الجنسية المصرية سيتم تطبيقها على المستفيدين من مادة منح الجنسية للمستثمرين مقابل التنازل عن قيمة الوديعة في البنوك . وأوضح النائب أن التعديل اشترط الحصول على إقامة 5 سنوات ووضع وديعة مالية بالبنك يحدد قيمتها وعملتها وزير الداخلية، وسيكون متوسطها 500 ألف دولار، وأن الحصيلة المتوقعة من أول تطبيق لذلك القانون قد تصل إلى 10 مليارات دولار تقريبا، خاصة أن أعداد الأجانب المقيمين في مصر من مختلف الجنسيات يتراوح بين 4 و5 ملايين. نبيل زكي، المتحدث الرسمي لحزب التجمع، قال ل"البديل" إنه يرفض القانون شكلا وموضوعا، مؤكدا أن الجنسية المصرية ليست للبيع أو محل فصال لمزاد تتراوح فيه الأسعار بين ملايين الدولارات، مشيرا إلى أن ربط منح الجنسية بالمال أمر غير مقبول ويفتح الباب أمام أي شخص يمتلك المال ولديه رصيد بالبنك لشراء الجنسية. وأضاف أنه مندهش من موافقة لجنة كالدفاع والأمن القومي على هذا القانون رغم أن تخصصها الحفاظ على الأمن القومي، موضحا أن شراء الجنسية يتيح الفرصة لأي شخصيات مغرضة لا نعرف جنسيتها الحقيقية أو الدول التي تمولها أو تقف وراءها لتنفيذ عمليات تخريبية مشبوهة وإجرامية بالبلد، خاصة في ظل الفترة الحرجة التي تمر بها. وأوضح أنه يوافق على منح الجنسية المصرية بدون مقابل لشخصيات أثرت الحياة الثقافية والأدبية المصرية أو قدمت أعمالا خدمت الإنسانية بصفة عامة، ومعروف عنها نشر السلام والمحبة، فهذه هي الشخصيات التي تستحق الحصول على الجنسية، مثل الفنان محمد خان، عندما حصل على الجنسية في آخر أيامه بمصر، وغيره من الكتاب الشوام أصحاب الإسهامات الثقافية الجليلة. أكد زكي، أنه لم يفاجأ بموافقة البرلمان على إصدار مثل هذا القانون، خاصة أنه برلمان مازال يجادل في مصرية جزيرتي تيران وصنافير حتى بعد الأحكام القضائية النهائية، وليس لديه مانع من بيعهما للسعودية إرضاء للحكومة، معربا عن أن هذا البرلمان الذي تواطأ مع الحكومة لتمرير قانون السلطة القضائية لدهس استقلال القضاء، يستطيع أن يحول الجنسية المصرية من قيمة ورمز إلى مجرد وديعة بنكية بالدولارات. من جانبه، قال كمال أحمد، عضو مجلس النواب: "الجنسية المصرية لا تباع ولا تشترى وهي شرف لكل مولود من أب أو أم مصرية، ولا يستحقه إلا المصري فقط، أما عرض الجنسية للبيع فهو يفتح أبواب جهنم على البلاد حيث يتيح الفرصة لأي شخص أجنبي بشراء الجنسية ثم دخول أبنائه الجيش المصري ثم شرائه للأراضي والأملاك المصرية وهو يهدد الأمن القومي والاستراتيجي". شدد أحمد، في تصريحاته ل"البديل"على خطورة بيع الجنسية ورفضه لتمرير لجنة الدفاع والأمن القومي لهذا القانون، واصفا إياه بأنه تفريط وتنازل عن تراب الوطن وبيعه لأعلى سعر، وأنه يؤدى إلى صنع خلخلة وثغرة في الهوية المصرية وتجنسيها بهويات أخرى لا تُعرف نواياها الحقيقية تجاه البلد في هذه المرحلة. وتساءل كمال أحمد: هل يجوز الاستثمار على حساب الوطنية والجنسية المصرية؟ وهل تعوض هذه الملايين من الدولارات رصاصة واحدة تخترق أجساد جنودنا على الحدود بعد منح الجنسية لأي شخص يمتلك الأموال؟. النائب أكد أن مصر بلد مضياف وكريم، وقال إنه لا مانع من الحصول على مصروفات الإقامة مثلما يحدث في الدول الأخرى، وليس هناك مشكلة أن يقيم الأجنبي من سنة حتى آخر العمر ولكن دون الحصول على الجنسية المدفوعة الثمن، فهو أمر مرفوض تماما، بحسب تعبيره، موضحا أن هذه المصاريف حقوق مشروعة مقابل الخدمات التي يحصل عليها الأجنبي طوال فترة إقامته بالبلد.