أكد فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين أنَّ الأرضَ الآن أصبحت مُمَهَّدة لأن تأخذ الأديان دورها في إبرازِ قيم السَّلام والعَدْلِ والمُسَاواةِ واحتِرامِ الإنسان أيًّا كان دينُه ولَونُه وعِرقُه ولغتُه وفي القُرآن الكريم الذي يَتلوه المسلمون صباحَ مساء نقرأ قوله تعالي: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَي كَثِيري مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" "الإسراء :70" كما نقرأ في باب التعارف والتراحم قوله تعالي: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْپمِنْپذَكَري وَأُنْثَي وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَپلِتَعَارَفُوا...". أضاف - خلال كلمته في ختام مؤتمر الأزهر العالمي للسلام بحضور البابا فرنسيس الثاني بابا الفاتيكان-: لكن قبلَ ذلك يلزمنا العمل علي تنقِية صُورة الأديان مِمَّا عَلِقَ بها من فهومي مغلوطةي وتطبيقاتي مغشوشةي وتديُّني كاذبي يُؤجِّجُ الصِّراعَ ويبث الكراهية ويبعث علي العُنف.. وألَّا نُحاكِم الأديان بجرائمِ قِلَّةي عابثةي من المؤمنين بهذا الدِّين أو ذاك فلَيْسَ الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلا فاسدًا ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويقتلون الأبرياء ويرعون الآمنين ويعيثون في الأرض فسادًا ويجدون مَن يمدهم بالمال والسلاح والتدريب.. ولَيْسَت المَسيحيَّة دين إرهابي بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير وليست اليهودية دين إرهاب بسببِ توظيف تعاليم موسي عليه السلام -وحاشاه-في احتلالِ أراضي راحَ ضَحِيَّته الملايين من أصحاب الحُقُوق من شَعْبِ فلسطين المَغلُوب علي أمرِه بل لَيْسَت الحضَارة الأوروبيَّة حضارةَ إرهاب بسببِ حربين عالَميتَين اندَلعتَا في قلبِ أوروبا وراحَ ضَحِيَّتها أكثر من سبعين مليونًا من القتلي ولا الحضارة الأمريكية حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته من تدمير البَشَر والحَجَرَ في هيروشيما ونجازاكي هذه كلها انحرافات عن نهج الأديان وعن منطق الحضارات وهذا الباب من الاتهامپ لو فُتِحَ -كما هو مفتوحى علي الإسلام الآن-فلَنْ يسلَم دينى ولا نظامى ولا حضارةى بل ولا تاريخى من تُهمة العُنف والإرهاب. أشار إلي أنه لا يَزالُ الأزهرُ يسعي من أجلِ التعاون في مجال الدَّعوَةِ إلي ترسيخ فلسفة العَيْش المُشتَرَك وإحياء منهجِ الحوار واحتِرام عقائد الآخرين والعملِ معًا في مجالِ المُتفق عليه بين المؤمنينَ بالأديان وهو كثيرى وكثيرى فلْنَسْعَ معًا من أجلِ المُستضعَفِين والجائِعين والخائفين والأسري والمُعذَّبين في الأرضِ دون فرزي ولا تصنيفي ولا تمييز ولنعملْ معًا علي استنقاذِ كيانِ الأُسرة مِمَّا يُتربَّص به من انفلاتِ الأخلاق وانحرافاتِ البَحث العِلمي واستنقاذِ البيئة من الفَسَادِ والمُفْسِدِينَ فيها ولنقف معًا في وجهِ سياسات الهيمنة ونظريات: صراع الحضارات ونهاية التاريخ ودعوات الإلحاد والعقلية الميكيافيليَّة والحداثة اللادينيَّة وفلسفاتِ تأليهِ الإنسانِ وما ينشأ عن كلِّ ذلك من مآسي وكوارثَ في كل مكاني. أكد أن العُقَلاء وأصحاب الضَّمائر اليَقِظَة لايزالون يبحثونَ عَن سَببي مُقنِع وراء هذه المآسي التي كُتِبَ عَلَينا أن ندفعَ ثمنَها الفادِحَ من أرواحِنا ودمائِنَا فلا يظفرون بِسَبَبي واحدي منطقييّ يُبرِّر هذه الكوارثَ التي أناخت مطاياها بساحاتِ الفُقَرَاء واليتامي والأرامل والمُسنِّين اللَّهُمَّ إلَّا سَببًا يَبدو معقولا ومقبولا ألَا وهو تِجَارَةُ السِّلاح وتَسْويقُه وضمانُ تشغيل مصانع المَوت والإثراء الفَاحِش من صفقاتي مُريبةي تسبقها قَرارَاتى دوليَّةى طائشةى. استهل البابا فرنسيس الثاني بابا الفاتيكان كلمته قائلاً: "السلام عليكم".. وأكد أنه يجب علي المسئولين الدينيين فضح العنف الذي يتنكر بزي القدسية المزعومة وكل محاولة لتبرير أي شكل من أشكال الكراهية باسم الدين وإدانتها علي أنها تزييف.. وقال: لنكرر معًا كلمة "لا" قوية للعنف والكراهية باسم الدين ولنؤكد سويًا استحالة الخلط بين العنف والإيمان وبين الإيمان والكراهية ولنعلن معًا قدسية كل حياة بشرية.. مشيرًا إلي أن مستقبل الجميع يتعلق باللقاء بين الأديان والثقافات ولعل في اللجنة المشتركة للحوار بين الأزهر والفاتيكان مثلاً ملموسًا ومشجعًا. أضاف أنه يجب وقف انتشار الأسلحة التي إن تم تصنيعها أو تسويقها فسوف يتم استخدامها عاجلاً أو آجلاً.. موضحًا أنه لايمكن منع الأسباب الحقيقية لسرطان الحرب إلا إذا استطعنا كشف المناورات الخفية والملتوية التي تغذيه وينبغي علي مسئولي الأمم والمؤسسات وغيرهم كل في مجاله بدء عمليات سلام دون التهرب من وضع أسس تحالف صلبة بين الشعوب والدول. قال إننا بحاجة اليوم إلي بناة سلام لا إلي محرضين علي الصراعات وإلي دعاة المصالحة لا إلي المهددين بالدمار.. موضحًا أن الإيمان يتضمن الدعوة إلي تعزيز السلام ومهمتنا أن نتلاقي ونتحاور ونوطد الانسجام بروح من التعاون والصداقة. پ پ أضاف أنه لا يمكنُ تأسيس حوار حقيقيّ علي الغموضِ أو علي التضحية بما هو صالح من أجلِ إرضاء الآخر ولا ينبغي معاملة المختلف ثقافيًّا أو دينيًّا كعدوّ.. موضحًا أن التربية علي الانفتاحِ باحترام وعلي الحوارِ الصادقِ مع الآخر مع الاعترافِ بحقوقهِ وبالحرّياتِ الأساسيّة ولا سيما الحرية الدينيّة تشكّلالطريقَ الأفضل لبناء المستقبل معًا لنكون بناة حضارة لأن البديل الآخر الوحيد لثقافة اللقاء هو ثقافة الصدام. قال إنه من الضروريّ كي نواجه فعلًا بربريّة من يحرّض علي الكراهية والعنف أن نرافقَ ونقودَ إلي النضوجِ أجيالًا تجيبُ علي منطقِ الشرّ المحرّض بنموّي صبور للخير: شبابًا مثل الأشجار الراسخة يكونون متجذّرين في أرضِ التاريخ ويحوّلون جنبًا إلي جنب مع الآخرين جوَّ الكرهِ الملوَّث إلي أكسيجين الأخوّة. قمة تاريخية كان الإمام الأكبر قد استقبل بابا الفاتيكان بمقر مكتبه بمشيخة الأزهر.. معربًا عن تقديره لاستجابته الكريمة وزيارته التاريخية لمصر والأزهر ومشاركته في المؤتمر العالمي للسلام تلبية لنداء مؤسسة السلام.. وأكد أن هذه الزيارة هي رسالة سلام للناس جميعًا علي أساس أن الأزهر والفاتيكان يمثلان رمزية كبري لدي أتباع الإسلام والمسيحية في العالم.. موضحًا أن الأزهر يقود حملة عالمية لنشر السلام بين علماء ورجال الأديان والتي بدورها تؤدي إلي السلام بين أتباع الأديان وذلك انطلاقًا من دور الأزهر التاريخي في نشر السلام الذي هو رسالة الإسلام إلي العالم. أكد أن مؤتمر الأزهر العالمي للسلام يأتي ضمن سلسلة المؤتمرات العالمية التي ينظمها الأزهر لإرساء وترسيخ أسس السلام بين مختلف الحضارات والثقافات ومواجهة الأفكار المتطرفة التي يقوم مروجوها بإزهاق أرواح الأبرياء متسترين برداء الدين. أعرب بابا الفاتيكان عن تقديره لفضيلة الإمام الأكبر علي دعوته للمشاركة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام.. مؤكدًا أنه لا بد من العمل معًا من أجل تعزيز السلام وإشاعة روح التعاون والصداقة كما أننا بحاجة اليوم إلي بناة سلام لا إلي محرضين علي الصراعات التي لا تحقق السلام والاستقرار.. وشدد علي ضرورة عدم الخلط بين العنف والإيمان وبين الإيمان والكراهية وأهمية وضع أسس لعلاقات قوية بين الشعوب والدول.