ظاهرة غريبة تشهدها الإسكندرية خلال السنوات الأخيرة من انتشار مستشفيات خاصة بالمناطق الشعبية والأسواق حتي بالشوارع الرئيسية غير مرخصة ولا يملكها طبيب بل هي مجرد استثمار للمقاولين ورجال الأعمال ويتم الاستعانة بأطباء بلا خبرة للعمل وإدارة المستشفي وهو ما يسفر عنه سقوط العديد من المرضي ضحايا لعدم خبرة الطبيب وعدم توافر الرعاية الطبية اللأزمة بالإضافة إلي عدم توافر اشتراطات الامن الصناعي لحماية المرضي من الحرائق المفاجئة وتأتي الطامة الكبري بالأسعار الجزافية التي تفرض علي المواطنين دون حسيب أو رقيب خاصة وان اغلب المواطنين يلجأون للمستشفي الأقرب لمنازلهم بالإضافة إلي اشتراطات بعض الاطباء في العيادات الخاصة في دخول مستشفي بعينه نظير حصوله علي نسبة من كل حالة. في البداية يقول د.هشام عبدالحميد المتحدث باسم مديرية الصحة بالإسكندرية ان اكتشاف المستشفيات والانشطة الطبية التي تعمل بدون ترخيص تكون صعبة للغاية لكون إدارة العلاج الحر بالإسكندرية لا يعمل بها سوي ثلاثة أطباء ورئيس القسم فقط وبالتالي فمن المستحيل ان يتمكنوا من اكتشاف ورصد جميع المنشآت المخالفة التي تعمل بدون ترخيص الا في حالة تقديم شكوي من المواطنين ضد مستشفي بعينه وعند ذلك تقوم إدارة العلاج الحر بالتحري عن المستشفي وإذا ما كان لديه ترخيص من عدمه وكذلك الأطباء العاملون به مضيفا أن هناك العديد من المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية التي تعمل بالإسكندرية بدون ترخيص نهائيا وفي حالة اكتشاف إدارة العلاج الحر له تقوم بإنذاره بضرورة عمل ترخيص وتمنح له مهلة 15 يوماً للتقدم للحصول علي ترخيص فإذا تقدم للحصول علي الترخيص يظل يعمل كما هو وإذا لم يتقدم يتم غلق المستشفي لحين حصوله علي ترخيص. أطباء حديثو التخرج كشف أن اغلب المستشفيات والمراكز التي تعمل بدون الحصول علي ترخيص من وزارة الصحة يكون الاطباء به غير مؤهلين لتقديم الخدمة الطبية فمثلا طبيب الجراحة لم يتمكن من إجراء عملية إلا إذا حصل علي ماجستير وذلك يؤكد علي الاشتراطات الصحية ولكن ما يحدث بالمستشفيات الخاصة غير المرخصة غير ذلك فمن الممكن ان يقوم طبيب حديث التخرج بإجراء عملية وهو غير مؤهل لإجرائها فضلا عن قيام هذه المستشفيات بالاستعانة بأطباء غير متخصصين لكي يكونوا اقل أجرا من المتخصصين حيث ان من التخصصات التي تلقي ندرة هو طبيب العناية المركزة لكون المتاحين بالإسكندرية قليلين للغاية ولا يوجد لديهم وقت للعمل في مستشفيات مما يجعل إدارة المستشفي الخاص تلجأ إلي تشغيل الاطباء غير المؤهلين بالعناية المركزة إلي ان وصل أجر الطبيب غير المؤهل بالإسكندرية إلي 500 جنيه في اليوم الواحد فما بالك بأجر الطبيب المؤهل. أضاف عبدالحميد أن المستشفيات الخاصة منشأة تجارية هادفة للربح بحكم القانون حيث إنها تكون مسجلة بالبورصة المصرية ولها أسهم تجارية ولكن هناك من يقوم بإدارة هذا البيزنس أو المشروع التجاري بشكل غير شريف لتحقيق اكبر عائد مادي دون النظر لتقديم خدمة طبية ولكن هناك اشتراطات كثيرة يجب توافرها لضبط الخدمة الطبية داخل المستشفيات الخاصة والحصول علي الترخيص القانوني لعمل المستشفيات ومنها ضرورة وجود مخارج للطوارئ وتوافر جميع اشتراطات السلامة والأمن الصناعي كما ان الترخيص يجعل هناك رقابة قانونية وجنائية علي المستشفي ورقابة اشتراطات السلامة المهنية والامن الصناعي للتأكد من أمان العاملين والعلاج الحر يكون مسئولاً عن الاعداد والتخصصات والتأهيل العلمي للاطباء والتمريض وتجهيزات المستشفي للأقسام المختلفة فضلاً عن رقابة نقابة الاطباء للتأكد من مراعاه آداب المهنة وعدم استغلال حاجة المريض. مستشفيات الحكومة قال المتحدث باسم مديرية الصحة للأسف لا يوجد أي ضوابط لأسعار الخدمة الطبية التي تقدمها المستشفيات الخاصة وحاولت الحكومة وضع ضوابط علي أسعار الخدمة الطبية في ظل القوانين الاشتراكية ولكنها فشلت فما بالك أننا نحاول تطبيقها اليوم في ظل النظام الرأسمالي الحر مشيراً إلي أن إدارة المستشفي تقوم بطلب المبلغ المالي دون أي ضوابط ولذلك نجد مستشفيات خاصة تطلب مبالغ طائلة ومبالغ فيها بإجراء عملية بآلاف الجنيهات أو قيام المستشفي باستغلال حاجة المريض وحجزه بقسم العناية المركزة في الوقت الذي لا تستدعي حالته ذلك لكون اليوم بالعناية المركزة يصل سعره إلي خمسة آلاف جنيه مثلاً وتحقيق أكبر هامش للربح. أضاف المتحدث باسم مديرية الصحة بالإسكندرية ان الحل الوحيد لضبط أسعار المستشفيات الخاصة هو توفير بديل من وزارة الصحة لتقديم خدمة طبية متميزة بأجر معقول خاصة وان وزارة الصحة لديها العديد من المستشفيات الجيدة والخبرات المهنية العالية ولكن دائماً أزمة وزارة الصحة في عدم إجادتها للتسويق لمستشفياتها فتبقي الصورة الذهنية المتعلقة بمستشفيات الوزارة بإن مرضاها يعانون من الاهمال وعدم توفير الخدمات بها علي عكس الواقع. يضيف د.طارق خليفة مدير عام مستشفي الأميري الجامعي التابع لجامعة الإسكندرية أن المستشفيات الخاصة غير المرخصة والتي تعمل مستترة عن القانون يكون هدفها الأساسي هو جلب الأموال فقط بغض النظر عن الخدمة الطبية مشيراً إلي أن هناك من المستشفيات التي تعمل بدون طبيب متخصص أو مؤهل لتقديم خدمة طبية للمرضي ومنهم اطباء الجراحة والعناية المركزة حيث تقوم المستشفيات بتشغيل نواب هذه الأقسام وهو الطبيب الذي يعمل تحت اشراف متخصص بالمستفيات الجامعية. أضاف خليفة ان هذه المستشفيات الخاصة انتشرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية لضعف الرقابة عليها وتحقيقها لمكاسب مالية كبيرة مما جعلها تلفت أنظار أصحاب رءوس الأموال للاستثمار فيها وفتح مستشفيات خاصة تحقق أرباحاً كبيرة أعلي من عائد مصنع أو شركة بالاضافة إلي ضعف الدور الرقابي عليها من قبل الدولة فمن الممكن قيام أي شخص بشراء وحدات سكنية وتحويلها أي مركز طبي يقوم فيه بإجراء العمليات. أشار إلي ان هناك مجموعة من الأسئلة التي يجب ان يتأكد منها المريض قبل دخوله لمستشفي خاصة هل الطبيب بها مؤهل من عدمه وهل المستشفي مؤهل لإجراء الجراحة مشيراً إلي أن هناك مستشفيات خاصة صغيرة جداً ولديها اطباء غير مؤهلين وتقوم بإجراء عمليات القلب المفتوح دون أي شعور بمسئولية المريض وبدون أيه تجهيزات. قال إن المستشفي الخاص يتم إنشاؤه داخل عقار سكني يقوم المقاول أو رجل الأعمال بشراء شقتين مجاورتين وتحويلهما لمستشفي بل وصل الأمر إلي قيام مستشفيات خاصة كبري بإنشاء ممر بينها وبين العقار المجاور كامتداد للمستشفي فتدخل كمريض من عقار وتفاجئا بالخروج من عقار آخر دون الحصول علي أيه موافقات وهو مأيعد تحايل ليس من الناحية الامنية فقط ولكن أيضاً من الناحية الصحية فعند أي تفتيش يتم غلق الباب المشترك حتي لا يتم كشف الأمر وهو ما ادي إلي نشوب حرائق وخسائر في الأرواح في العديد من الحوادث التي شهدتها الإسكندرية كما ان نسبة الوفيات أصبحت ملحوظة في النساء اللاتي تجرين عمليات الولادة داخل مستشفيات خاصة بإشراف طبيبة غير مدربة مما يسفر عن نزيف كأخطاء طبية لا يستطيع الطبيب تداركها لقلة خبرته. من جانبه طالب حسين صديق المحامي بضرورة تغليظ العقوبات علي أصحاب المستشفيات التي تعمل بدون ترخيص ووصول العقوبات إلي الحبس وليس الغرامة فقط أو الانذار بالغلق مشيراً إلي أن من يقوم بإنشاء منشأة طبية ولم يقم باستخراج التراخيص اللازمة يكون عازم النية علي مخالفة الاشتراطات اللازمة للترخيص والتي من المؤكد ان تضر بالمواطنين والمرضي كما ان هذه المستشفيات تستغل حاجة المرضي وتقوم باستنزاف اموالهم في ظل عدم وجود أي ضوابط لهذه العملية. أكد علاء يوسف رئيس حي العجمي أن تراخيص المستشفيات الخاصة تختص بها مديرية الصحة ولكن الحي يكون مسئولا عن ترخيص المنشأة أو المبني حيث تقوم مديرية الصحة باخطار الحي بان هناك طلبا بترخيص مستشفي بأحد العقارات فيقوم الحي بالرد إذا كان العقار مخالفاً من عدمه وعلي ضوء ذلك يتم منح الترخيص للمنشأة ثم يقوم صاحب الترخيص بتسجيل رخصته عقب حصوله عليها من مديرية الصحة بالمركز الذكي التابع للمحافظة. يضيف علي مرسي رئيس حي وسط أن دوره يقتصر فقط علي إصدار ترخيص المنشأة والتي تكون عقاراً سكنياً ويتم إنشاء المستشفيات داخل الادوار التجارية التي توجد بالعقارات السكنية حيث تكون المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية مدرجة ضمن الادوار التجارية ولم يكن لها ترخيص خاص لها بالحي ولكن مديرية الصحة هي التي تكون مسئولة عن اصدار التراخيص اللازمة لها. تفاوض علي السعر يضيف محمد سعد: "موظف من سكان منطقة الإبراهيمية" كان قد تعرض لقطع في أوتار الساعد: علي الفور توجهت لأحد المستشفيات الخاصة القريبة من منزلي بشارع بورسعيد لإسعافي وبعد عمل الاشعات اللازمة ووقف النزيف أبلغني الطبيب بالمستشفي بانني في حاجة لإجراء عملية للأوتار ولكنني فوجئت بان الحسابات في المستشفي تؤكد ان العملية تتكلف 25 ألف جنيه وعندما قلت لهم سوف اذهب لمستشفي آخر وانني لم أتمكن من توفير هذا المبلغ فوجئت بان مسئول الحسابات يؤكد لي بانه من الممكن ان يتم تخفيض المبلغ المطلوب في حالة تفاوضي مع صاحب المستشفي وعند طلب مقابلته قابلني شخص يرتدي جلبابا ويجلس في مكتب فاره جداً وعندما اخبرته انني لا استطيع دفع 25 ألف جنيه لإجراء عملية فوجئت بسؤاله "تقدر تدفع كام..؟" فجاوبته بان استطاعتي ان ادفع 10 آلاف جنيه فنظر لي وقال ادفع 15 ألفاً فقط وأنا هكلم الحسابات هبلغهم وبالفعل قمت بدفع المبلغ وتم إجراء العملية. يقول مدحت عصام "تاجر" لقد نجت زوجتي من الموت بأعجوبة بعد ان طلب الطبيب المتابع لحالة الحمل ان تقوم بالولادة في أحد المستشفيات الخاصة بلوران ليتبين لنا ان التكاليف وصلت إلي 14 ألف جنيه واضطررت للاستدانة حتي أخرج زوجتي وطفلي من المستشفي خاصة أنه اشترط وضع مبلغ مالي كتأمين عند الدخول لأفاجأ بعد بضعة أيام بان وزارة الصحة تقوم بحملة علي المستشفي لكونه غير مرخص ولتكتشف وجود فيروس بالمعامل وحجرة العمليات ويغلق المستشفي فحمدت الله انني نجوت مع زوجتي ونجلي الذي جاء بعد فترة معاناة طويلة.