حالة من الإهمال تسود مستشفيات الإسكندرية المملوكة لرجال أعمال.. منشآت أشبه بالمستوصفات وهو ما دعا مديرية الشئون الصحية أن تغلق ثلاثة مستوصفات أو مستشفيات خاصة كما يطلق عليها خلال 10 أيام بعد شكاوي المواطنين مما يتعرضون له من إهمال طبي جسيم. كشفت "المساء" أن المستوصفات أو المستشفيات الخاصة الصغيرة يمكن إنشاؤها بمجرد الحصول علي موافقة من مديرية التضامن الاجتماعي ولا تحصل علي أي موافقات من مديرية أو وزارة الصحة رغم أنها تقدم خدمة طبية وصحية وتعالج المرضي ومنها من يقوم بإجراء العمليات الجراحية. يقول د. طارق خليفة مدير عام المستشفي الرئيسي الجامعي التابع لجامعة الإسكندرية إن ما يحدث هو نتائج طبيعي للمنظومة الطبية الفاشلة التي تعاني منها مصر. مشيرا إلي أن المستشفيات الخاصة هي أشبه بمستوصفات بير السلم يقيمها رجال الأعمال أو من يملك المال "سبوبة" لتحقيق أرباح مالية أو إعطاء صورة عامة أمام المجتمع أنه رجل خير ولكن في الحقيقة أن مستشفيات بير السلم لا تصلح حتي أن تكون مجرد عيادة أو وحدة صحية في قرية حيث إن أغلب هذه المستوصفات تعاني من العديد من المشكلات وغالبا ما يكون المريض هو الضحية الذي يدفع ثمن الإهمال الطبي الناتج عن ضعف اللوائح والقوانين المنظمة للمنظومة الصحية بشكل عام. مؤكدا أن جميع هذه المستوصفات لم تحصل علي أية موافقات من وزارة الصحة وحتي مفتشو الوزارة لم يقوموا بزيارة أحد هذه المستوصفات إلا بعد تقديم شكاوي من المواطنين ضد المستوصف. وأضاف خليفة أنه لابد من وضع معايير واشتراطات معينة للمستوصفات والمستشفيات وأن يكون هناك مراقبة ومتابعة دورية من وزارة الصحة للتأكد من سلامة الخدمة الطبية التي تقدم للمرضي علي أن تكون مدة ترخيص هذه المستوصفات ستة أشهر فقط ويجدد بعد فحص المستوصف والتأكد من توافر الاشتراطات به. وفجر خليفة مفاجأة حينما أكد أن دور وزارة الصحة ضعيف للغاية في منح التراخيص والمتابعة قائلا لا توجد مستشفي حكومية سواء جامعية أو تابعة لوزارة الصحة مرخصة وإنما يكون الترخيص للمعامل ووحدة الأشعة والغسيل الكلوي وترخيص لتداول النفايات الخطيرة وإنما جميع المستشفيات والأقسام والوحدات بها غير مرخصة من الوزارة وذلك ما يؤكد تهالك وفشل المنظومة الصحية بالكامل ولذلك فإنها تحتاج إلي إعادة النظر. وأكد د. أشرف أمين مدير مستشفي كرموز للتأمين الصحي أن جميع المستوصفات والمستشفيات تقوم بالتخلص من مخلفاتها الطبية بالقمامة العادية وهذا ما يعتبر جريمة ولكن هذه المستوصفات تعمل خارج الإطار القانوني ولا تملك تصريحاً أو رخصة لمزاولة عملها ولكنها تقوم بدور طبي وتقدم رعاية طبية محدودة لفئة من الأفراد ولكن لابد من قيام وزارة الصحة بتطبيق متابعة دورية علي هذه المستوصفات خاصة وأنها تقوم بإجراء عمليات جراحية دون التأكد من سلامة غرفة العمليات التي توجد بها أو وحدة العناية المركزة وهذا يكون دور مفتشي وزارة الصحة واتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضدها. أوضح د. محمد رفيق خليل نقيب الأطباء بالإسكندرية أن غلق ثلاثة مستشفيات خاصة أو مستوصفات يرجع إلي أن أغلبهم يقع في مناطق شعبية وتكون بعيدة عن الرقابة الصحية وما تم غلقه لأسباب عديدة منها الإهمال الطبي مثل مستوصف الحضرة أو لعدم استقبال المرضي وإلقائهم في الشارع أو وفاة سيدة أثناء ولادتها ومخالفات طبية جسيمة. مشيرا إلي أن الطب الحر هي الإدارة المسئولة عن متابعة النشاط الطبي بالمستوصفات ولكن الترخيص يتم الحصول عليه من مديرية التضامن الاجتماعي وتتبعها ماليا وفي حالة ورود شكاوي من المواطنين لوزارة الصحة يتم التفتيش عليها من قبل إدارة الطب الحر بالوزارة وبعد ضبط مخالفات يتم غلق المستوصفات حتي يتم إزالة المخلفات التي تم رصدها. يقول حسين صديق المستشار القانوني إن بعض رجال الأعمال يقومون بإنشاء المستوصفات الخيرية بهدف خفض الضرائب المستحقة عليهم أو لتحقيق أغراض ومكساب ترويج سيرة طيبة بين الأفراد داخل الأحياء أو المناطق وليس تقديم خدمة طبية متميزة لأهالي المنطقة ولذلك فإنه لن يهتم بتجهيز المستوصف بالأجهزة الطبية ويكتفي بتعليق لافتة باسمه علي المستوصف ولذلك فإننا نجد أزمة الإهمال الطبي الذي أصبح ظاهرة تحتاج لوقفة ولم يعد مقتصرا علي مستوصفات رجال الأعمال فقط ولكن علي مستشفيات التأمين الصحي ولا نستطيع أن ننسي عامل مستشفي كرموز للتأمين الصحي الذي تم إلقاؤه علي باب المستشفي عقب وفاته. وأضاف صديق بأنه يجب أن تراعي وزارة الصحة أن كل مؤسسة أو منشأة تقدم الخدمة الطبية تتبعها ولا تتبع غيرها ولذلك فإنه يجب عدم السماح للأطباء بالعمل بهذه المستوصفات إلا بعد التأكد من ترخيص صادر من وزارة الصحة يمنحها الصبغة القانونية لمزاولة عملها الطبي في الكشف علي الحالات وتقديم الاستشارات وإجراء العمليات الجراحية ولكن الأزمة تكمن في عدم تحديد التخصصات بين وزارة الصحة ووزارة التضامن الاجتماعي التي تعتبر أن المستوصف منشأة خيرية ولذلك فإن أموالها تتبع التضامن ولكن أساس عمل هذه المنشأة هو تقديم الخدمات الطبية وهو ما لا يخص التضامن ولذلك فإنه يجب إشراف ومراقبة كاملة من وزارة الصحة علي هذه المستوصفات للتأكد من أنها تقوم بدورها في تقديم الخدمة الطبية للمرضي ولا تتلاعب بأرواح المرضي.