تعددت القوانين المنظمة للتأمين الصحى ، وتزايدت الشكاوى من تدنى الخدمة فى السنوات الماضية ، وحرمان الكثير من القرى والمناطق النائية والفقيرة من الخدمة الطبية ، واضطرار المرضى – خاصة من الصعيد – للسفر الى مستشفيات العاصمة . وتعالت الأصوات المنادية بتغيير منظومة التأمين الصحى. وهو ما بدأ بطرح مشروع القانون الموحد للحوار المجتمعى بمشاركة منظمة الصحة العالمية ، ليكون جاهزا للعرض على مجلس النواب القادم ، "قضية الأسبوع" فتحت الملف ورصدت الواقع وتحاورت مع رئيس هيئة التأمين الصحى حول ملامح القانون الموحد ومنظومة التأمين الصحى القادمة. «الصعيد» ينتظر المزيد 40 مستشفى و75 ألفا لخدمة 50 مليون مواطن تحقيق : هبة حسن يتمتع اكثر من خمسين مليون مواطن بمظلة التأمين الصحى - يمثلون أكثر من نصف سكان مصر - بنسبة تغطية حوالى 58٪ ويقوم نحو 75 ألفا من العاملين بالهيئة بتقديم الخدمة الطبية لهم وتشمل الطاقم الطبى والادارى ، ويبلغ عدد مستشفيات التأمين الصحى أربعين . وعلى الرغم من تطبيق منظومة التطوير فى مستشفيات التأمين الصحى إلا ان هناك قطاعا بأكمله لم تشمله تلك التطويرات ، وهو الصعيد الذى دائماً وأبدا منسى ومهمش كأن أهله لا يوجد لهم أى وجود ، ومن هنا بدأت رحلة "تحقيقات الأهرام" لمستشفيات التأمين الصحى على مستوى القاهرةوالجيزة لنرى ونتأكد مما يجرى على أرض الواقع وكانت التجربة مع معاناة مواطن مصرى بسيط مريض بالفشل الكلوى وهو المرض الأكثر انتشارا بين المصريين ويحتاجون الى الخضوع للغسيل مرة أو مرتين أسبوعيا ، على حسب حالة المريض ، وهذا يشكل عبئا ماديا على ميزانية الاسرة مما يضطر المريض السير فى رحلة البحث عن مكان فى مستشفيات التأمين الصحى ، ومن امام بوابة مستشفى 6 أكتوبر تحدثت مع الأستاذ محمد متولى مدرس لغة عربية من وجه قبلى بالتحديد محافظة قنا والحزن يخيم على وجه يشكو من شدة الاهمال لمواطنى الصعيد فى جميع الخدمات المشروعة لأى مواطن ، على سبيل المثال مستشفيات التأمين الصحى التى تخلو من الأطباء والرعاية والخدمات الطبية والاجهزة والمستلزمات حتى فريق التمريض تخلو منه العيادات والمستشفيات التابعة سواء لوزارة الصحة أو التأمين الصحى ، وعندما توجهت لمكاتب التأمين الصحى لإنهاء إجراءات العلاج والاوراق الخاصة بى تم تحويلى لمستشفى 6 أكتوبر التى تخدم أهالى الصعيد ، ولكن المشكلة هنا فى المستشفى هى البطء فى الإجراءات مع زيادة عدد المرضى الذى يتخطى ال90٪ وذلك يفوق القدرة الاستيعابية لأى مستشفى لذلك نطالب بحل جذرى لمشكلة المستشفيات فى وجه قبلى حتى لا نضطر للسفر الى القاهرة وترك أشغالنا وأسرنا وتحمل اعباء السفر وتكاليفه المالية والانتظار بالساعات وأحيانا بالايام فى قوائم انتظار دخول المستشفى . وبعد ذلك توجهنا الى أقسام المستشفى المختلفة ومنها قسم المخ والأعصاب ، وتحدثت الى سيدات الصعيد من داخل غرف المرضى اللائى يشكين من إهمال المسئولين فى مستشفيات التأمين الصحى فى المنيا وسوهاج وأسيوط حتى ان تعرضت ام بسمة ابنتها الوحيدة وهى طفلة مصابة بقصور فى المخ والأعصاب وتعرضت أثناء الولادة بمشاكل وعندما توجهت الأم الى طبيب مستشفى التأمين الصحى لإجراء جراحة عاجلة الى الطفلة رد عليها قائلا : أنه لا يوجد جهاز المخ والأعصاب الذى تحتاجه العملية وتأخير الجراحة أدى الى تضخم فى الرأس حتى تم تحويلى الى مستشفى 6 أكتوبر وعلى الفور تم حجز ابتنى وتجهيزها قبل اجراء العملية والحمدالله هى الان تحت المتابعة الدائمة من الطبيب المعالج وفريق التمريض ولكننا نتمنى تحسين الخدمات الطبية فى الصعيد مع تجديد وتطوير الوحدات الصحية ومستشفيات التأمين الصحى التى هى الملاذ والملجأ الوحيد للمرضى البسطاء غير القادرين على مصروفات العلاج والعمليات الجراحية . وفى قسم جراحات العظام يشكو احمد المليجى من محافظة المنوفية من انعدام الخدمة الطبية فى قريته وندرة المبانى التى يمكن استخدامها كمستشفيات تابعة للتأمين الصحى او حتى مستوصفات صغيرة تخدم أهل المنوفية وبهتيم ولذلك نناشد رجال الاعمال بمد يد العون للمرضى ومساعدة الحكومة ببناء مستشفيات لرعاية المرضى وبالفعل هناك رجل اعمال شهير من المنوفية اقترح بالتبرع بالمبنى وتحويله الى مستشفى ولكن هناك تعثر فى الانتهاء من الإجراءات كما لا يوجد اى اهتمام من الحكومة او الجهات المعنية لإتمام هذا المشروع .على الرغم من بناء المستشفيات سيخفف اعباء التحويلات من جميع المحافظات على مستشفى 6 أكتوبر . ويتطرق الى الحديث الحاج متولى ابراهيم من البحيرة قائلا انه انتظر لأكثر من سبعة أشهر فى مستشفى التأمين الصحى بالبحيرة لإجراء جراحة دقيقة فى عظم الرجل مما اضطره الى تحويله الى مستشفى 6 أكتوبر وذلك بسبب انها المستشفى الوحيد التى تخدم كل المحافظات وبالفعل وجدنا فيها كل الرعاية الطبية والاجهزة الحديثة التى تحتاجها عمليات جراحة العظام ايضا مشكلة تواجه فريق التمريض بالتأمين الصحى وهو ضعف مرتباتهم مقارنة بتمريض وزارة الصحة والسبب حتى الآن مجهول على الرغم من ان عدد ساعات عمل تمريض التأمين الصحى يضاعف الأخريات . وفى نهاية الجولة داخل احد مستشفيات التأمين الصحى بالجيزة شرح الدكتور سليمان خليفة مدير مستشفى 6 أكتوبر ان المستشفى افتتحت عام 1977 فهى تعتبر من المبانى القديمة الاثرية وتم تطويرها بعد زلزال 1991 و2004 والآن يتم تطوير الدور الثالث والرابع والخامس وايضاً جناح العمليات بجانب تزويدنا بحضانات للأطفال المبتسرين كما اننا نجرى فى اليوم الواحد من 13 الى 15 عملية قلب بجانب تركيب الدعمات منها دعامة المخ وما تسمى بالقسطرة التى نتميز بها فى المستشفى لكن فى حقيقة الامر المشاكل التى تواجهنا هى زيادة عدد المرضى الذى يتخطى ال90٪ بالأخص الإقبال على العناية المركزة فالأقبال والتحويلات فوق القدرة الاستيعابية لان المستشفى تعتبر الوحيدة على مستوى الجيزة وأول الصعيد التى تقدم الرعاية الطبية للمرضى من جميع المحافظات دون اى رفض ولان لدينا جميع اللجان منها الأورام والمتصلب المتناثر وهى الثالثة على مستوى الجمهورية التى تتخصص فى علاج هذا المرض الذى يصيب جهاز المناعة للإنسان ويبلغ تكلفته نحو أربعة آلاف جنيه شهريا ولكن التأمين الصحى يتكلف ألفين جنيه مؤخراً صدر قرار بذلك كما اننا نواجه عدة مشاكل منها قلة عدد الاسرة للمرضى والهجوم على المستشفى والأطباء من قبل ذوى المرضى على اعتقاد اننا نرفض دخولهم عندما نضعهم على قوائم الانتظار. وبعد ذلك توجهت تحقيقات الأهرام الى مستشفى صيدناوى بشارع الجمهورية بمنطقة وسط البلد وعلى ابوابها وجدت سيدة مسنة تجلس على رصيف المستشفى اقتربت منها وسألتها لماذا تجلسين هنا ردت سريعا لان أمن المستشفى منعنى من الدخول لاختى التى تقوم بالغسيل الكلوى مرتين أسبوعيا بناء على تعليمات من إدارة المستشفى وهذه ليست المشكلة الحقيقية ولكن هناك أزمة أماكن لعلاج المرضى بمستشفيات التأمين الصحى فأحيانا نأخذ ميعادا ونحضر ونجلس بالساعات حتى نجد سرير او جهاز الغسيل الكلوى للأسف اصبح جميع المصريين مرضى ومصابين بامراض مزمنة مكلفة لا نستطيع تحمل أعباءها ولا نعلم ما هو الحل؟ وعلى الجانب الآخر يقول عثمان فتحى عامل ان ابنته الطالبة فى الصف الثالث الابتدائى بعد الكشف الطبى عليها من التأمين الصحى وتحويلها الى مستشفى صيدناوى منذ اكثر من شهرين لإجراء عملية اللوز المستشفى فى كل مرة تصرح بان حجرة العمليات تخضع للتعقيم وغير مجهزة لإجراء العمليات وان هناك تطويرات وتجديدات تتم بداخلها ولكن للأسف ليس أمامنا اى بديل غير الانتظار فنحن المرضى البسطاء مسيرون وليس مخيرون ، ودخلت متوجه الى مدير المستشفى الدكتور سيد فخرى الذى أكد لى ان المستشفى بالفعل يقع تحت التطوير والتجديد ويتم تركيب اجهزة تعقيم حديثة فى جميع غرف العمليات ولكن مدة التعقيم ما بين كل عملية واُخرى لا يتعدى العشر دقائق لان المستشفى تم تطويره عام 1997وهناك قائمة انتظار طويلة لابد ان تلتزم بها المستشفى وايضاً المرضى لان اى تطوير يرجع بالفائدة على المريض اولا . لكن مازال السؤال حائرا الى متى مستشفيات التأمين الصحى بالصعيد مهملة وفى طى النسيان لنا جولة فى المحافظات واستكمال ملف التأمين الصحى .