بمجرد أن فتحت عيني أمس.. بادرت بالاتصال تليفونيًا بجيراني وزملائي وأصدقائي الأقباط من المصريين والأجانب العاملين بمصر لتهنئتهم بعيد القيامة المجيد. وإذا كان ما فعلته أمس سلوكًا اعتدت عليه سنويًا في عيدي الميلاد والقيامة لأنه حق الجيرة والزمالة والصداقة الممتدة سنوات عمرنا.. إلا أن تهنئتي لإخوتي الأقباط هذا العام كانت أيضاً واجباً وطنياً بعد التفجيرين الإرهابيين لكنيستي مارجرجس والمرقسية واستشهاد العشرات اختلط فيهما دم واشلاء وأرواح المسلمين والأقباط.. وهذه هي مصر.. كنانة الله في أرضه.. وهذا هو شعبها الذي سيظل في رباط إلي يوم الدين ولو كره الإرهابيون الكارهون للحياة. لقد كانت تهنئتي وعزائي لإخوتي الأقباط ولنفسي رسالة صريحة لمن عميت ابصارهم وقلوبهم وغيبت عقولهم أقول ويقول كل مسلم وقبطي فيها لهم: لن تفرقونا ابدًا مهما فعلتم.. مهما قتلتم منا.. فجروا الكنائس وبالمرة المساجد.. سنصلي في الشوارع وفي بيوت بعضنا.. ألم تسمعوا الكلمة الرائعة للبابا تواضروس هذا الرجل العظيم فعلاً: لو فجروا كل الكنائس سنصلي في الجوامع.. وإن وطنا بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن؟؟.. ألم تدركوا بعد المعني؟؟.. من ثم لن تخيفنا احزمتكم الناسفة.. ولن ترعبنا قنابلكم ورصاصكم الجبان.. فجرونا ونحن نصلي لرب العالمين أو ونحن نسعي علي رزق أولادنا واحفادنا لكي نطعمهم طعاماً حلالاً ونعلمهم ليخدموا وطنهم.. لكنكم ابداً لن ترعبونا ولن تكسرونا ولن تفرقونا.. سنموت ونحن راضين بما كتبه الله. ونحن مبتسمين ومقبلين علي ما هو أجمل وأعظم وأبقي.. الجنة. لا تظنوا أيها الأوغاد انكم بهذه الأعمال الحقيرة والخسيسة ستكونون شهداء تستقبلكم الحور العين.. فهذه الحور لا تنتظر سفاحين وقتلة.. انها ستكون في استقبال من استحللتم أرواحهم ودماءهم.. ولو كان ما تعتقدون صحيحا لكان أولي به من دفعكم إلي الانتحار ولكان قد استأثر هو بالأحزمة الناسفة لنفسه.. انتم للأسف أضل خلق الله.. فقد سحب محرضوكم المنعمون في الخارج منكم صفة الانسانية ووضعوكم في مرتبة ادني من الحيوانية.. هنيئا لكم بها.. تستحقونها عن جدارة لأنكم فعلاً لا تنتمون لبني البشر. وحتي تتأكدوا أننا مسلمين واقباطاً شعب واحد ونسيج واحد لن ينفصم أو يتمزق.. فإن كل ما قلته عنكم ووصفت به شعبنا العظيم يتطابق تماماً مع ما قاله الأنبا بافلي مساعد البابا تواضروس بكنيسة الأسكندرية في رسالته لكم أيها الارهابيون الأنجاس خلال حضوره عزاء العميد نجوي النجار أول شهيدة من الشرطة.. اسمعوا وعوا ان كان لديكم بقية من عقل.. قال لكم: "روحوا بلد تانية لأنكم مش هتقدروا تفرقوا بينا.. الارهاب لا يمكن يعيش في مصر لأن شعبها مترابط وبيقف مع بعضه في وقت الأزمات". أظن انها رسالة بمليون رسالة.. هي "أم الرسائل" بلا مبالغة.. إلا أن الارهابيين لا يرون ولا يسمعون ولا يشعرون ولا يستوعبون.. وصدق الحق سبحانه وتعالي حين قال: "فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور" سورة الحج .46 نعم.. عميت قلوبهم فلم يعودوا يرون الحق حقاً ولا الباطل باطلاً رغم أنهم مبصرون.. فعاثوا في الأرض فساداً وافسادا ولسوف يدفعون يوماً هم ومن يحرضهم ويمولهم ويؤويهم ويدعمهم ثمن فسادهم.. وإن هذا لقريب. عيد قيامة مجيد علي مصر وعلي "كل" شعبها بأقباطه ومسلميه.. وليرحم المولي شهداءنا الأبرار الذين دفعوا ضريبة وطنيتهم وانتمائهم لمصر من أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية. وليصبر أهليهم واصحابهم وجيرانهم واحبابهم علي فراقهم. وليمنحنا القوة علي الصمود والتحدي. وبالمناسبة.. غدا عيد شم النسيم.. سنخرج جميعا إلي الحدائق والمتنزهات والأماكن الأثرية لنعيش حياتنا التي تعودنا عليها.. لن يفرض علينا الإرهابيون العزلة.. ولن نسمح لسلفي متخلف يحرم هذا العيد ويزعم انه بدعة.. سنخرج نلهو ونلعب.. منا من سيأكل الفسيخ والرنجة رغم ارتفاع الأسعار ومنا من سيبدع في تلوين البيض.. سيكون "محمد" بجوار "عيسي" في الحديقة يتبادلان التهاني والمأكولات والمشروبات.. والصغيرة "تريزا" ستنط الحبل مع اختها "زينب".. والصغير "مينا" سيلعب استغماية مع اخيه "أحمد".. الكل أسرة واحدة.. لن تفرقونا أيها الارهابيون مهما فعلتم. انها مصر يا أوغاد.. مصر المحفوظة من الرحمن وأوصي بها وبشعبها سيد الخلق أجمعين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام وتزوج منها بماريا القبطية مثلما تزوج منها أبو الانبياء إبراهيم بهاجر.. وجاءها عيسي عليه السلام ووالدته الطاهرة مريم رضي الله عنها وعاش فيها موسي ويوسف وهارون وغيرهم عليهم جميعا السلام.. مصر هذه لن تسقط ما بقيت الحياة.