علي مدي الأسابيع الماضية. كان تأكيد الحكومة جازماً وصارماً علي أنه لا زيادة في الأسعار.. ولا نية تحديداً لرفع سعر البنزين.. بل علي العكس هناك خطة محكمة للسيطرة علي الأسعار ومواجهة جشع التجار.. وهناك أيضاً علاوة اجتماعية في يوليو القادم للموظفين والمعاشات. مكافأة للشعب الذي صبر وتحمل الإجراءات الإصلاحية الصعبة. وتسابقت الصحف ووسائل الإعلام في تقديم هذه البشريات الطيبة للرخاء القادم ووضع نهاية للسنوات العجاف.. فسوف نجني ثمار تعويم الجنيه الذي كان قراراً صائباً.. وسيتدفق علينا المستثمرون الأمريكيون بخيراتهم.. وإضافة إلي ذلك فسوف تضعنا الاكتشافات البترولية وحقول الغاز الطبيعي في مصاف الدول الغنية. وكانت هذه البشريات الطيبة كفيلة بإشاعة حالة من الرضا والترقب لدي قطاعات عريضة من الشعب صارت متخوفة بطبعها من المفاجآت الحكومية.. فقد عودتنا الحكومة علي أن تتحدث بأكثر من لسان.. نُمسي علي تصريحات ناعمة مهدئة. ثم نصبح علي قرارات خشنة لا علاقة لها بالتصريحات.. ومن يراجع قرارات تعويم الجنيه ورفع أسعار البنزين وزيادة الفواتير. سيجدها جاءت مفاجئة بعد تصريحات حكومية تنفي أي زيادات وتنفي أي حديث عن التعويم!! وبعد النتائج الصعبة التي ظهرت للعيان لا يتوقع أحد أن تكرر الحكومة نفس اللعبة.. وتفتح الطريق لقطار مفاجآتها وهي تري معاناة الناس في أقصي درجاتها.. ولم تعد لديهم قدرة علي تحمل المزيد.. لذلك كانت تصريحات الدكتور عمرو الجارحي. وزير المالية الآتية من واشنطن صادمة تماماً. ومعاكسة لمناخ البُشريات الطيبة. قال د.الجارحي إنه لم يتقرر حتي الآن أي زيادة في سعر البنزين مع تطبيق الموازنة العامة الجديدة للسنة المالية 2017/..2018 وأن مسألة زيادة أسعار الطاقة في الموازنة الجديدة لم تتقرر بعد. ومن الممكن تأجيلها.. فكل شيء وارد.. ولا توجد ضغوط من قبل صندوق النقد الدولي لزيادة أسعار المواد البترولية.. ثم عاد وأكد أن هناك مرونة في تطبيق شروط الصندوق علي ضوء تأثير بعض العوامل. وعندما سئل رئيس الوزراء عن معاناة المواطنين من جراء القرارات الاقتصادية قال عبارته الواضحة: "مافيش إصلاح بدون ثمن". هذه التصريحات لا تبشر بالخير.. وإنما تنذر بانطلاقة جديدة لقطار المفاجآت الحكومية.. وهنا مكمن الخطر.. ولابد أن تدرك الحكومة أن الناس لم يعد لديها طاقة علي الاحتمال أكثر مما احتملت.. وأن أي زيادة في سعر البنزين سوف تشعل الأسواق أكثر مما هي مشتعلة.. يكفينا الزيادة المنتظرة في فواتير الكهرباء من أول يوليو. وإذا كان الإصلاح الاقتصادي له ثمن معلوم. فيجب ألا يدفعه الفقراء ومحدودو الدخل وحدهم. بينما هناك شرائح في المجتمع لم تُمَس.. وهناك شرائح أخري تطالب بامتيازات وزيادات في دخولها المرتفعة أساساً!! مَن الذي تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادي؟!! هل طبقت الحكومة الضريبة التصاعدية؟!.. وهل طبقت الحد الأقصي للأجور علي جميع العاملين في الدولة؟!.. أم طبقت الاستثناءات علي الذين يجب أن يطبق عليهم القانون. حتي جري تفريغه من مضمونه. وكأنه لم يكن؟!! والأكثر من ذلك أن رئيس الحكومة نفسه تقدم بطلب لزيادة مرتبه ومرتبات الوزراء ونوابهم ومعاشاتهم في ظل معاناة المواطنين الذين يدفعون الثمن!!.. ومجلس النواب يصدر لائحة تعفي أعضاءه من الضرائب علي كل ما يدخل جيوبهم من مكافآت وبدلات وامتيازات!!.. وهي الضرائب التي يدفعها كل أبناء الشعب المصري.. ويزيد علي ذلك بشراء سيارات مصفحة لرئيسه ونائبي الرئيس بأكثر من 18 مليون جنيه!!! الشعب مستعد لدفع الثمن.. ولكن ندفعه جميعاً.. سواء بسواء. وقطار المفاجآت صار خطراً علي الحكومة نفسها.. فانتبهوا يا أولي الألباب.