كل الشواهد والدلائل كانت تؤكد أن شيئاً ما سيحدث أمام مبني السفارة الإسرائيلية يوم جمعة تصحيح المسار.. وكانت هناك دعوة علي "الفيس بوك" لتنظيم مسيرة في هذا اليوم إلي مقر السفارة أطلقوا عليها "مسيرة الشواكيش" لتحطيم الجدار العازل الذي أقامته محافظة الجيزة لحماية مبني السفارة بعد الغضب الجماهيري الجارف الذي شهده نفس المكان رداً علي مقتل خمسة من جنودنا برصاص القوات الإسرائيلية وصاروا الآن ستة شهداء بعد وفاة المجند عماد عبدالملاك في المستشفي العسكري بكوبري القبة. ماحدث كان متوقعاً بل وحتميا بعد أن جعل الإعلام الشاب أحمد الشحات صاحب موقعة "العلم" بطلاً قومياً تتهافت وراءه وسائل الإعلام ليروي لها كيفية تسلقه العمارة وتمكنه من إنزال العلم الإسرائيلي ووضع العلم المصري مكانه.. بل ويستقبله رئيس الوزراء لتكريمه كما يستقبله محافظ الشرقية ويهديه شقة ووظيفة!! ما حدث كان متوقعاً في ظل غياب رد فعل رسمي قوي علي مقتل ستة من جنودنا بأيدي القوات الإسرائيلية يؤكد للإسرائيليين أن زمن "الكنز الاستراتيجي" انتهي ويبقي لها "السلام الاستراتيجي" إذا أرادت.. وبالتالي فعليها أن تعيد حساباتها في التعامل مع مصر التي بعد 25 يناير. ماحدث يوم جمعة تصحيح المسار أمام السفارة الاسرائيلية كان مؤكداً لأنه في الوقت الذي كانت تقوم فيه محافظة الجيزة ببناء الجدار لحماية السفارة اللإسرائيلية قررت تركيا طرد السفير الإسرائيلي وتعليق الاتفاقيات مع إسرائيل رداً علي مقتل تسعة من مواطنيها برصاص إسرائيلي في الاعتداء علي "أسطول الحرية" قبل عام ونصف العام! ماحدث كان ضروريا لأن حكومتنا تعاملت مع "موقعة العلم" بمنطق "الخوف" وهو نفس المنطق الذي اعتادت عليه إسرائيل دائما ورأت في "الجدار" مأمنا وحماية لأعضاء السفارة الإسرائيلية.. بل وربما تكون فكرة جدار السفارة اقتراحاً إسرائيلياً وافقت عليه محافظة الجيزة!! ماحدث من اقتحام السفارة الإسرائيلية كان حتمياً لأن لاحكومتنا ولاحكومة إسرائيل استوعبتا الغضب الجماهيري الجارف يوم "موقعة العلم" الذي أكد بما لايدي مجالاً للشك أنه اعتباراً من الآن لا مكان آمن للإسرائيليين في تلك العمارة وعليهم وعلي الحكومة المصرية البحث عن موقع آخر ينعم فيه الإسرائيليون بالدفء والأمان!! ماحدث قد يتكرر في أي مقر آخر للسفارة الإسرائيلية طالما أن إسرائيل لا تفكر في تغيير سياستها التي جعلتها تخسر أهم حليف لها في المنطقة "تركيا"..فضلا عن أنها غير قادرة علي استيعاب المتغيرات الناشئة في الشرق الأوسط!!