كثيرا ما سألت نفسي في مثل هذا الشهر من كل عام عن تلك الاحتفالات بالمرأة ففي مارس هناك اليوم العالمي للمرأة والعيد القومي للمرأة وعيد الأم.. أعياد ومهرجانات تمتليء الشاشات بأفلام عن الأمهات وتمتليء المحلات بمهرجانات التخفيضات وتمتليء الصحف بالمقالات.. وكل المؤسسات الثقافية والاجتماعية بالحفلات.. وينتهي مارس وتنتهي زحمة هذا اليوم الذي يشبه البالون الكبير العملاق الملون بكل ألوانات البهجة والسعادة لتعود المرأة للترسو مرة ثانية أو ليفرغ الهواء من البالون لحين ملئه في العام التالي. لكننا أبدا لم نحاول ان نترجم تلك الاحتفاليات لنسب وأرقام لدعم المرأة وسوف اشرح وجهة نظري من خلال نافذة واحدة نطل منها علي بشاعة الخدعة.. ففي الأسبوع الماضي كانت انتخابات نقابة الصحفيين.. نقابة الفكر والوعي ولم تسفر الانتخابات عن فوز ولا واحدة ممن تقدمن لمنصب النقيب بل لم يحصلن علي أصوات تترجم قيمة المرأة في مجتمع يزعم انه يقدر المرأة ودورها.. فكانت الخدعة الكبيرة ان المرأة نحتاجها لتصوت علي وجود الرجل وفقط.. هذا الفعل القبيح إنما يعري المجتمع الذي يتحدث أكثر مما يفعل وينتقد أكثر مما يقدم رؤية ونتاج أعمال.. وفي كل المجالات التي تدعي الوعي والثقافة ودعم المرأة نجد هذا الفعل الذي يكشف ازدواجية مجتمعنا ففي اتحاد الكتاب ونادي القصة ودار الأدباء ومجلس الشعب.. نجد البالون فارغا من الحقيقة التي نروج لها وهي أننا في مجتمع لا يقهر المرأة ولا يئد احلامها وطموحها.. هذا المجتمع الذي تربيه امرأة وتبث وعيه فتكون المفاجأة انها تربيه ضد جنسها وتزرع فيه قيمة انها نصف إنسان ولها نصف الحقوق فلا تحصل حتي علي النصف!! متي تفيق تلك المجتمعات بل متي تفيق المرأة التي هي نصف المجتمع وتربي النصف الآخر لتعي انها من تنفخ بالون الهواء وتفرغه لتضيع حقها.. فلن تتغير نظرة المجتمع إلا إذا تمكنت المرأة من تقديس دورها واحترام نفسها وما تقدمه للمجتمع حينها سيكون الوعي الذي يشكل نصف المجتمع الآخر قادرا علي بث الوعي فكرا وليس برامج تليفزيونية ومسلسلات وأفلاما.. بل يفرز نتائج تتلخص في مقاعد في مجلس النواب والنقابات والوزارات وتتحول الاحتفالات إلي مجرد بالون.