لأستاذنا الراحل الكبير الدكتور شكري عياد وجهة نظر حول انطلاقنا المحموم نحو ما نتصوره عالمية أدبنا العربي. إنها في تقديره عالمية بائسة كاذبة. ويتساءل: من من شعرائنا الشبان لا يقلد إليوت الذي لم يقرأه أو قرأه بدون فهم ومن من كتاب القصة القصيرة الشبان لا يقلد كافكا لأنه قرأ له قصة قصيرة مترجمة؟ أما إذا لم تكن هناك مسرحيات تقلد يونيسكو أو بيكيت فهي لاشك في الطريق. لا جرم أن الأصالة تكاد تنحرف في تيار من التقليد الممسوح. كتب شكري عياد هذه الكلمات في 1969 قبل أن تجري في النهر بالضرورة مياه كثيرة مع ذلك فإن الدلالات لاتزال قائمة والمعاني لاتزال مطروحة. حرصت الحركات الأدبية دوماً أن تساير روح العصر وإذا كنا قد تخلفنا فترة من الزمن في العلم والصناعة فقد خلق تطور العلم والصناعة في الأممالغربية نفسها والكلام لشكري عياد ومشكلات سياسية واجتماعية وثقافية بحيث ينبغي أن نواجهها بأسلوب جديدة إننا في الوقت الذي لانزال نأخذ فيه يجب أن نعطي في الوقت الذي لانزال نبني فيه قواعد العلم الصناعي والقيم المادية يجب أن نقدم للعالم قيماً روحية هذه القيم الروحية لا نصنعها أولاً وبالذات من أجل العالم بل من أجل أنفسنا لكننا نضطر ونحن نصنعها أن نتعامل مع مفاهيم عالية من هنا يجئ دورها العالمي والقيم الروحية لا يمكن أن تنتج إذا لم يقم الأدب فيها بأوفر نصيب. أفرزت مدرسة الواقعية الطبيعية أهم معطياتها في أواسط القرن التاسع عشر بلزاك وزولا وفلوبير وستندال وديكنز وغيرهم وحتي الآن ونحن في مطالع القرن الحادي والعشرين فإن أعمال هؤلاء الأدباء تعد من الأعمال الإبداعية الكلاسيكية في تاريخ الأدب العالمي لم يفقدها أصالتها ولا جدتها توالي السنين بل إن علم الاجتماع الأدبي يجد فيها مصدراً مهماً لدراسة البيئات التي تناولتها ربما بصورة أفضل من دراسات المؤرخين والجغرافيين وعلماء الاجتماع. بالمناسبة فإني أذكرك بالمقولة النقدية الأوروبية: نحن نعجب بفرجينيا وولف وجيمس جويس لكننا نقرأ ديستويفسكي وتشيخوف! أخيراً. فلعلي أستعير من شكري عياد قوله: نحن نستعبد الأدب الغربي المعاصر أشد الاستعباد حين نقد أشكاله الجديدة التي دفعه إليها ضجره بالأشكال القديمة واستنفاده للإمكانيات التي كانت تقدمها إليه هذه الأشكال لكننا نفيد من هذا الأدب أعظم الفائدة حين ندرس من خلال الأشكال الجديدة والقديمة معاً علاقة الشكل بالمضمون ثم نبتكر الأشكال المناسبة للمضامين التي نحاول التعبير عنها مستفيدين من إمكانيات لغتنا وتراث شعبنا.