صاروخ باليستي. أطلقته كوريا الشمالية تجاه بحر اليابان. أعاد تفكير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. إلي أرض الواقع. وتذكيره بالمخاطر والتحديات التي علي أساسها وضع الرؤساء الذين سبقوه إلي البيت الأبيض استراتيجياتهم لمواجهتها. فور انطلاق الصاروخ. سارع ترامب إلي إعلان دعم الولاياتالمتحدة الكامل لليابان بنسبة مائة في المائة في مواجهة التحديات الكورية الشمالية. وأعلن. ربما لأول مرة منذ توليه الرئاسة: سنقاتل إلي جانب حلفائنا. لم يكن الموقف كذلك قبل إطلاق الصاروخ. فقد كان أول قرار أعلنه ترامب مع بدء رئاسته هو انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي. في أكبر ضربة تجارية لليابان. الطرف الأكبر في هذا الاتفاق علي الجانب الآخر من المحيط. في نفس الوقت. بل في نفس اليوم. سارع ترامب إلي التحول 180 درجة في خطابه السياسي تجاه الصين. وأكد للرئيس الصيني ترحيب الولاياتالمتحدة بعلاقات بناءة مع بلاده. وهو الذي لم يتوقف هجومه علي الصين منذ بداية ولايته. مطالباً إياها بفتح أسواقها بالكامل أمام البضائع الأمريكية. وكبح جماح جارتها كوريا الشمالية. وبينما كان ترامب الرئيس الأمريكي الوحيد الذي تعامل عبر اتصال هاتفي مع رئيسة تايوان التي لا تعترف بها الصين. مخترقاً بذلك قاعدة أمريكية احترمها كل من سبقوه إلي البيت الأبيض. وهي الاعتراف ب"صين واحدة". فإنه تراجع بعد الصاروخ الكوري الشمالي. وأكد للرئيس الصيني احترامه لمبدأ الصين الواحدة. الصاروخ الباليستي الكوري الشمالي حقق من وجهة نظر دولته أهدافه كاملة. فقد أطلقته بيونج يانج في هذا التوقيت بالذات لاختبار نوايا ترامب وتوجهاته. والوقوف علي ردود فعله المحتملة تجاه تصرفاتها.. هل سيعود لقواعد السياسة الأمريكية الثابتة في علاقات أمريكا بحلفائها الآسيويين.. أم سيكون له نهج مختلف؟!! هذا. فضلاً عن نجاح الصاروخ نفسه علي المستوي الفني كسلاح في هذه التجربة. وهو ما يمثل. في حد ذاته. رسالة قوية من بيونج يانج إلي الرئيس الجديد في البيت الأبيض. عن القدرات العسكرية التي تملكها كوريا الشمالية حتي لا يتهور في تصرفاته المستقبلية تجاهها. إيران. بدورها. أطلقت صاروخاً باليستياً في تجربة جديدة ترد بها علي تهديدات ترامب بإعادة التفاوض علي الاتفاق النووي بينها وبين الغرب. رافضة هذه التهديدات. ومتوعدة بأنها ستجعل أمريكا تندم عليها. مما دعا ترامب إلي أن ينصح الرئيس الإيراني بأن يلتزم الحذر في تصريحاته. الموقف هنا مختلف لأن فيه تشابكات وتعقيدات بالغة. لكن الصاروخين. الكوري الشمالي. والإيراني. يمثلان نموذجين للآلة الحربية حين تُستخدَم كأداة سياسية للكشف عن توجهات أو اختبار نوايا. أو استعراض عضلات.