بينما لا تزال الولاياتالمتحدة غارقة حتي أذنيها في المستنقع العراقي، وهو ما شل حركتها عن التحرك العسكري ضد إيران علي خلفية أزمة برنامجها النووي وتصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد المثيرة للجدل.. إذا بها تجد نفسها أمام أزمة جديدة من العيار الثقيل اسمها "الصواريخ الكورية الشمالية"، فقد حصلت واشنطن وحلفاؤها عبر تقارير استخباراتية علي ما يفيد عزم بيونج يانج الضلع الثالث في محور الشر، بالإضافة إلي إيران وعراق صدام إجراء تجربة صاروخية علي صاروخ عابر للقارات من طراز "تايبو دونج 2" الباليستي 6 آلاف كيلو وهو ما يعني أنه قادر علي ضرب البر الغربي للولايات المتحدة. وعلي الفور أطلقت واشنطن تصريحاتها النارية تجاه كوريا الشمالية، وهو ما يعكس قلقا وانزعاجا شديدين تجاه التطوير النوعي في ترسانة الصواريخ الكورية التي تتشابك معها واشنطن علي خلفية برنامجها النووي أيضا ولم تكتف. إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بتصعيد الأزمة مع بيونج يانج وتحذيرها بل وتهديدها صراحة علي لسان المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو الذي قال بالحرف الواحد "إذا قامت بيونج يانج بالتجربة فسنقوم بالرد المناسب في الوقت المناسب". أزمة الصواريخ ويجمع المحللون علي أن أزمة الصواريخ الكورية الحالية ليست منفصلة عن توتر العلاقات الأمريكية الكورية، وتعثر المباحثات السداسية بشأن ملفها النووي.. فضلا عن أنها تذكر بالأزمة التي نشبت بين بيونج يانج واليابان عام 1998 علي خلفية إطلاق الجيش الكوري صاروخا من طراز "تايبو دونج 1" مر فوق اليابان قبل أن يسقط في المحيط الهادي. ووسط هذه المخاوف جاء تهديد اليابان بأنها ستلجأ إلي مجلس الأمن الدولي احتجاجا علي تجربة الصاروخ معتبرة أن سقوط أي صاروخ علي أراضيها يعد بمثابة هجوم عليها. وقال وزير الخارجية الياباني تارو أسو في تصريحات صحفية تعقيبا علي الأزمة: إن بلاده ستتوجه إلي مجلس الأمن تلقائيا، وأنها ستتلقي دعم الولاياتالمتحدة. رد حاسم أما جونتيشيرو كويزومي رئيس الوزراء الياباني فقال: إن اليابان سترد بحدة علي إطلاق الصاروخ الكوري. علي النقيض من ذلك بدت كوريا الجنوبية أفضل حالا وأقل توترا، حيث نفي ناطق باسم وزارة الدفاع رفع سول مستوي تأهبها العسكري بسبب التقارير الواردة من بيونج يانج. وتوعد وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر أوثق حلفاء أمريكا مع اليابان وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية بعواقب خطيرة واستدعي السفير الكوري لدي بلاده للإفصاح عن مخاوف كانبيرا من التجربة، وذلك في اتساق كامل مع إدانة الولاياتالمتحدةواليابان للخطوة الكورية. مخاوف أمريكا وكانت كوريا الشمالية قد نفت استعدادها لإطلاق الصاروخ العابر للقارات، إلا أن هذا النفي لا يعني عدم قدرتها علي إنجاح التجربة.. ولن يكون كافيا لتهدئة أمريكا وحلفائها. فامتلاك بيونج يانج لهذه التكنولوجيا الحساسة وبإجماع الخبراء يبعث برسالة للولايات المتحدة، مفادها تحييد قدرتها العسكرية في حل أزمة البرنامج النووي الكوري.. حيث تحتفظ بيونج يانج بنحو 37 ألف جندي أمريكي متمركزين في كوريا الجنوبية في مرمي نيرانها.. كما أن ذراعها الصاروخية باتت قادرة علي ضرب أمريكا، وهذا هو السر وراء هذه الأزمة وهلع كل من واشنطن وحلفائها من امتداد الذراع الصاروخية للدولة العضو بمحور الشر، وأكبر العقبات في طريق الهيمنة الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا.