هل صحيح لا توجد أزمة في الدواء كما يقول د.أحمد عماد وزير الصحة.. وهل ما يحدث مجرد افتعال لرفع الأسعار.. وهل صحيح ان تعويم الجنيه لن يؤثر سلباً علي أسعار الأدوية وإنتاجها..وماذا عن إدارة الأزمات والسياسات المالية والاقتصادية.. وهل نحن حقا في حاجة إلي تعديل وزاري.. وماذا عن أداء مجلس النواب ودور "دعم مصر" صاحب الأغلبية في هذا المجلس ورقابة الحكومة والتعبير عن مشاكل الناس؟! الاجابة عن هذه الأسئلة وغيرها في هذا الحوار الهام والخطير مع د.مجدي مرشد رئيس لجنة الصحة السابق بالبرلمان وعضو المجلس والمكتب السياسي لائتلاف دعم مصر والذي يفجر العديد من القضايا المهمة في هذا الحديث.. وإلي نص الحوار: * ما تعليقكم علي نفي د.أحمد عماد وزير الصحة لوجود أزمة الدواء وتأكيده انه لن يتم رفع أسعار الدواء طالما هو وزير؟! ** الوزير "يقول زي ما يقول".. نقص الأدوية واختفاء بعضها ليس ادعاءات.. الشارع يعاني والنواب أنفسهم يبحثون عن الأدوية لأنفسهم ولعائلاتهم وأبناء دوائرهم.. كل يوم يبحثون عن الأنسولين مثلا.. أدوية الأورام والقلب والمحاليل مختفية ولا توجد.. هذه هي الحقائق علي أرض الواقع.. والمباراة التي بين وزارة الصحة وشركات الأدوية لا تعني المواطن في شيء.. المؤكد ان هناك أزمة.. وبصرف النظر عما يقوله الوزير من انها مصطنعة أو غير مصطنعة لابد من حل.. وهذه ليست مشكلة المواطن بل مشكلة الدولة والوزارة التي عليها تفعيل أجهزتها وأدواتها الرقابية أو الاستعانة بأجهزة الدولة للبحث عن عمن يحتكر ويقوم بالتخزين وزيادة الأسعار أو عليها توفير الدواء اما تأكيد الوزير بأنه لن يتم رفع الأسعار فأعود لأقول "الوزير يقول اللي عاوز يقوله".. لابد من رفع أسعار بعض الأدوية وإلا لن نجد أدوية في السوق.. هل يوجد عاقل في الدنيا يقول انه بعد تعويم الجنيه وزيادة سعر الدولار انه لن تتم أي زيادة في الأسعار خاصة في الدواء مع العلم بأن 95% من مستلزمات إنتاج الدواء سواء مواد خام أو مواد تصنيعية مثل الكرتون وخلافه يتم استيرادها بالكامل من الخارج وقبل زيادة سعر الدولار كانت بعض الشركات تعاني بسبب أن السعر المحدد لا يعادل التكلفة فما بالك بعد زيادة سعر الدولار.. الحل الوحيد أمام الشركات هو رفع الأسعار أو التوقف عن الإنتاج هذا هو الكلام المنطقي. * ولكن الوزير تحدث عن أن مكاسب شركات الأدوية تصل إلي 2000%؟! ** معلوماتي من السوق تؤكد ان هناك أدوية تخسر وأخري تغطي تكلفتها وهناك أدوية تكسب 400 أو 500% أما حكاية ال2000% فلا أعلم عنها شيئا وقد طالبنا منذ مدة طويلة ومازلنا نطالب بضرورة وجود لجنة تسعير "محترمة" ومحايدة وسريعة تتخذ قرارات تتوافق مع ما يحدث من تطورات في السوق.. من يخسر يتم دعمه سواء في الكهرباء أو الضرائب أو الجمارك.. ومن يكسب مكاسب كبيرة تعمل علي تقليلها.. مهمة هذه اللجنة التسعير الطبيعي ومراجعة أسعار الأدوية فلا يعقل ان نترك دواء يحقق هامش ربح 300 و400 و500% ولا نقوم بتخفيض سعره.. لدينا أكثر من 100 دواء انخفض سعرها العالمي وعندنا لم يتم تخفيضها.. لابد من إعادة تسعير الأدوية كلها.. هذا إلي جانب أهمية قيام الدولة بإعادة الحياة إلي شركات القطاع العام التي لم تعد تنتج سوي 8% من احتياجاتنا لابد من إعادة الرؤية لهذه الشركات وتغيير الإدارة الفاشلة والاهتمام بتحديث الصناعة الوطنية للأدوية.. هناك شركات قطاع عام كانت تنتج مائة صنف اليوم لا يزيد الإنتاج علي 10 أصناف.. علينا مواجهة المشكلة بكل شفافية مع إعلاء مصلحة الوطن والمواطن فحياة الناس وصحتهم خط أحمر..بدون دواء تصبح حياة المواطن أخطر. * وإذا لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات ماذا عن المستقبل؟! ** إذا لم يحدث تدخل سريع ستزداد الأزمة بعد ثلاثة أسابيع علي الأكثر بعد استنفاد المخزون الموجود لدي الشركات وهنا ستكون الكارثة. * وهل تعويم الجنيه مسئول عن الأزمة التي نحن بصددها؟! ** للأمانة أقول ان تعويم الجنيه قرار متأخر جدا كان يجب اتخاذه منذ مدة طويلة وكان يتم ترحيله فترة بعد أخري وقد وصلنا إلي وضع لا يمكن السكوت عليه ومعروف انه بعد التعويم سيحدث أزمات اقتصادية وعدم استقرار.. والمشكلة اننا قمنا بتعويم الجنيه في وقت لا نملك فيه احتياطياً كافياً لمواجهة المشاكل والآثار السلبية وهناك بعض الدول مثل روسيا قامت بتعويم الروبل أمام الدولار وبعد ما كان الدولار ب400 روبل أصبح ب61 وظلت روسيا تعاني عامين كاملين حتي بدأ معدل النمو في الارتفاع والاستثمار في تزايد. .. نعود إلي تعويم الجنيه عندنا فمن المؤكد ان هذا التعويم سيفتح مجالا أمام جذب الاستثمار حيث العمالة وسوق الإنتاج غير المكلف للأجنبي وبالتالي تتوفر فرص عمل تقضي علي البطالة وسيكون لدينا إنتاج يوفر عملة صعبة سواء بالتصدير أو توفير احتياجاتنا التي نستوردها ولكن ذلك لن يتم اليوم أو غدا.. علينا الانتظار عاماً أو عاماً ونصف العام حتي تظهر النتائج الايجابية.. مع العلم بأن هناك دولاً لجأت إلي التعويم وفشلت فشلا ذريعا مثل الأرجنتين وغيرها وأكرر عدم وجود احتياطي أو استعداد سياسي.. وأعود وأؤكد ان المشكلة ليست في التعويم.. نريد سياسة مالية ونقدية واضحة.. مطلوب شفافية ووضوح رؤية.. علينا ان نفكر بجدية في الدعم المالي وليس العيني وان يصل هذا الدعم إلي مستحقيه. * ولكن ألا سيساهم رفع الدعم في زيادة الأسعار؟! ** الأسعار ترتفع وسترتفع ولكن إذا قمنا بإعادة النظر في منظومة الدعم ستكون الاستفادة كبيرة بالنسبة للمواطن الذي سيحصل علي مقابل نقدي ويصل الدعم إلي مستحقيه فعلا.. ما نعيشه اليوم أمر لا يوجد به أي عدالة اجتماعية.. للأسف أنا مثلا ومثلي كثيرون من أصحاب الدخول المعقولة يستفيدون من الدعم وأنا وهم لا نستحق.. الأثرياء يستفيدون من دعم العيش والسكر والأرز بل والبنزين مثلهم مثل محدود الدخل أو عديم الدخل.. لا توجد عدالة اجتماعية.. لا توجد لدينا قاعدة بيانات واضحة تصنف غير المستحقين للدعم يجب وجود هذه القاعدة حتي نستطيع ان نعطي الدعم النقدي للمستحقين فقط.. يا سادة يا حضرات مليارات الدعم تذهب للغني قبل الفقير الذي قد لا يستفيد منها.. لابد من فرض الضريبة التصاعدية.. تعويم الجنيه ورفع الدعم ليس مشكلة ولكن القضية كفاءة المعالجة.. لذا فهو سلاح ذو حدين. * بصراحة هل يعني الأمر ضرورة إجراء تعديل وزاري وهل هذه الحكومة قادرة علي مواجهة الموقف؟ ** بكل صراحة ووضوح نحن في احتياج إلي تعديل وزاري عاجل لأننا لدينا وزارات خدمات لا تؤدي دورها ولدينا وزراء بلا حس سياسي أو شعبي.. تصرفاتهم وتصريحاتهم تتعارض تماما مع رغبة الشارع.. بل انها مستفزة وهناك غضب شعبي نتيجة اخفاق الحكومة.. لابد من تغيير 7 أو 8 حقائب وزارية.. هذا إلي جانب اننا نحتاج إلي مجموعة اقتصادية واعية تستطيع ان تمر بنا من هذه المرحلة بأمان وهدوء واستقرار اجتماعي.. المواطن لديه استعداد للتحمل بشرط ان يفهم ويقتنع ونعطيه مواعيد وبرامج زمنية يتم تنفيذها علي أرض الواقع.. نحن بحاجة إلي فريق من الخبراء والمستوي الاقتصادي والسياسي العالي جدا. * وما دور ائتلاف "دعم مصر" باعتباره صاحب الأغلبية في مجلس النواب؟ ** بدأنا في عمل لجان موازية مثل الصناعة والصحة والتعليم.. وغيرها وسنخرج بقرارات لكي يتم اصدارها سواء من الحكومة أو المجلس.. وسوف تعمل علي مراقبة تنفيذ الحكومة لهذه القرارات وعلي مسئوليتي أقول سيكون لنا وقفة ليس معني كلامي ان هذه الوقفة ستكون مع أو ضد الحكومة انما ستكون لصالح الوطن وستختلف الممارسات تحت القبة سواء في القوة أو الجديد خلال الفترة القادمة وستكون مختلفة تماما عن دور الانعقاد الماضي فبكل صراحة الناس والنواب لم يعودوا يتحملون والشارع لم يعد يتحمل والنواب تتم محاكمتهم بسبب اخفاقات الحكومة وليس بسبب سوء أداء النواب!!