أكد علماء الدين أن الصهاينة لن ينجحوا في طمس الهوية الإسلامية من مدينة القدس وأن القانون الذي أصدرته إسرائيل بمنع الأذان في المقدسات الإسلامية بمكبرات الصوت استفزاز صهيوني جديد لن يثني المسلمين الفلسطينيين عن إقامة أذانهم والدليل انهم يعتلون أسطح المنازل ليؤذنوا في الوقت الذي تضامن فيه معهم القساوسة المسيحيون في رفع أذان المسلمين من علي مآذن كنائسهم ليؤكدوا علي الإخاء الديني الذي تدعو إليه كافة الأديان السماوية. حول ردود أفعال العلماء علي القرارات الصهيونية الأخيرة وماذا يجب علي المسلمين القيام به حتي لا تستمر قوات الاحتلال في اصدار قرارات وقوانين استفزازية أشد في ظل صمت العالم الإسلامي ناقشت "المساء الديني" هذه القضية من خلال آرائهم. يؤكد د.محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة وأمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية السابق أنه ليس بمستغرب علي الدولة الصهيونية أن تستمر في تمييزها العنصري والديني في محاولة قهر المحتلين وإيذاء مشاعر المسلمين في كل بلاد العالم بإهدار شعائرهم الدينية.. فالبرغم من جريمتهم الكبري باحتلال القدس وما تضمنه من أماكن مقدسة عظمها القرآن الكريم كما في قوله الله تعالي: "سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله".. وقول النبي صلي الله عليه وسلم "لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد.. المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصي" ومعروف ان الأقصي هو أولي القبلتين وثالث الحرمين فلا تكف إسرائيل عن محاولتها في طمس هوية مدينة القدس ومحاولاتها الحثيثة لهدم المسجد الأقصي بدءاً من إشعال النيران فيه وانتهاء بتعميق الحفريات تحت بنائه ويستهدفون من وراء ذلك طمس هذا المعلم الهام بالنسبة للمسلمين.. وبالرغم من قيامهم بأعمال خطيرة باحاطة مدينة القدس بالمستوطنات اليهودية وإعادة حركة المؤمنين بالأديان السماوية من مسلمين ومسيحيين والحيلولة بينهم وبين اقامة صلواتهم ومناسكهم حتي انها تمنع من هم دون الخمسين من صلاة الجمعة بالمسجد الأقصي مع تعريضهم لمعوقات شديدة حتي يصلوا إلي ساحة المسجد وأخيرا وفي ظل انشغال العالم بالقضايا السياسية وانصراف الاهتمام عن قضية القدس بصفة خاصة والقضية الفلسطينية بصفة عامة والانقسام الحادث بين أفراد هذه القضية وانشغال الدول المجاورة بدفع المؤامرات الداخلية والخارجية التي تستهدفها فظهر علينا هذا القرار الصهيوني العنصري بمنع الآذان في المساجد الموجودة بمدينة القدس ظناً منهم ان هذا يؤدي إلي قهر الصوت الإسلامي عن ترديد الآذان واشعار المسلمين بالمذلة والهوان في غيبة من القانون الدولي الذي ينادي بحرية الشعائر الدينية وعدم التعدي أو حرمان أي ديانة من ممارسة طقوسها فما بالنا بطقوس المسلمين الذين هم حماة بيت المقدس والذين كانوا يسمحون لكل الأديان وطوال فترة تواجدهم في بيت المقدس من زيارة الكنائس والمعابد لكل من يقصدها. وفي الحقيقة فإن الموقف الشجاع لقساوسة الكنائس المسيحية في القدس تضامناً منع إخوانهم المسلمين والذين قاموا بإقامة الأذان من مآذن كنائسهم كاعتراض شديد علي هذا التصرف الصهيوني فهذا عمل يدل علي الاخاء الوارد في قوله تعالي: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأنهم منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون". وكان من المفروض ان يرد العالم الإسلامي والعربي بالاعتراض علي هذا التصرف الصهيوني باللجوء إلي المنظمات الدولية للتعبير عن رفضهم الشديد لهذا التصرف كحد أدني لأن هناك اسلحة كثيرة سلمية يستطيع المسلمون أن يقوموا بها من تفعيل دور المقاطعة التجارية والسياسية والاقتصادية لهذا الكيان أو سحب الدبلوماسيين الذين يمثلون البلاد الإسلامية والعربية في إسرائيل لإشعارهم علي الأقل بالغضب الإسلامي من هذا التصرف ومحاولة تنبيه العالم أنهم يكيلون بمكيالين فمعظم قوانين الدول الأوروبية تجرم المساس بالسامية اليهودية وتعاقب أبناء هذه الدول إذا تعرضوا للاساءة إلي الصهاينة وإلي ما احدثه الألمان بهم فيما يعرف بالمحرقة أو الهلوكوست فلماذا لا يكون ردهم عنيفا علي القرار الصهيوني؟. ولذلك فإن إسرائيل - كما يقول د. عوضين - استمرت في تصعيد هذه الحملة وقررت منذ أيام منع النساء المسلمات من زيارة بيت المقدس إلا بعد نزع الحجاب وفي هذا تدخل سافر من دولة تدعي أنها دولة دينية تنتسب إلي اليهودية قبل أن تكون دولة مدنية. يهيب امين عام المجلس الاعلي للشئون الاسلامية السابق بالمؤسسات الدينية الإسلامية الا تكتفي بدور الشجب والاستنكار بل تبعث بدعاتها وعن طريق وسائل الاتصال موجهة هذا الخطاب إلي العالم كله الذي يظهر سماحة المسلمين وتعنت هؤلاء اليهود. كما نهيب بالمسئولين في الدول العربية والإسلامية بعيدا عن سياسة الضغط بشدة لإثناء الصهاينة عن مثل هذه القرارات لأن لهم من المصالح والحاجة الماسة إلي المسلمين كقوة كبيرة في العالم والله سوف يحقق وعده لرد كيد هؤلاء إلي نحورهم كما جاء في قوله تعالي: "بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكَّرة". سنة مؤكدة يقول د. عبدالفتاح إدريس استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: من المعروف أن الأذان سنة مؤكدة وشعيرة من شعائر الإسلام وليس المعني بمنع الأذان بمكبرات الصوت ومنع سنة مؤكدة إنما هو حيلولة دون اظهار شعيرة من شعائر الإسلام وهذه الشعيرة هي رمز إسلامي منعوا المسلمين من إظهاره تحذيرا لهم علي حقهم في إظهار شعائر دينهم. ومن المعروف أن المعاهدات والمواثيق الدولية تنص علي احترام الدين وشعائره ورموزه ولا تمنع أحدا من ممارسة شعائر هذا الدين أو اظهار شعائره باعتبار أن هذا الحظر يمثل عنصرية واضطهادا دينيا تمنعه كل القوانين والاعراف والمواثيق الدولية. آضاف د. إدريس ان صدور قرار بمنع المسلمين في فلسطينالمحتلة من إعلان الآذان بمكبرات الصوت هو استمرار لمحاولة قيام هذا الاحتلال الصهيوني من طمس الهوية الإسلامية من هذا البلد الإسلامي بما يوجب علي المجتمع الدولي عامة والمجتمع الإسلامي خاصة التحرك ومطالبة المنظمات الدولية بالتأكيد علي حرية ممارسة الأديان لحقوقهم واظهار شعائرها في أي بقعة من بقاع الأرض باعتبار أن ذلك حرية عقدية دخلتها جميع المواثيق الدولية. تأجيج مشاعر المسلمين أكد الشيخ صبري عبادة مستشار وزارة الاوقاف أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل ضد المسلمين في القدس تزيد تأجيج مشاعر المسلمين غضبا فليس من الممكن أن ينجحوا في قهر الصوت الإسلامي ومنع الأذان في القدس والأقصي لأن المسلمين هناك لن ييأسوا من هذه التصرفات المستفزة بل سيواجهونهم بالعزيمة وقوة الإيمان والاعتراض علي هذه القوانين العنصرية باللجوء إلي المنظمات الدولية فهذا اقل شيء يمكن فعله. قال الشيخ عبادة إن قوات الاحتلال عندما وجدت صمتا عربيا إسلاميا بعدما منعت الأذان اتجهت لقرار آخر وهو منع المحجبات الفلسطينيات من دخول المسجد الاقصي إلا بعد خلع الحجاب.. ورغم ذلك لن يتمكنوا من طمس هوية المسلمين هناك والذين يسعون من خلال هذه القرارات والقوانين ألا تقوم للفلسطينيين المسلمين هناك قائمة وهذا مستحيل.. ويكفي أنهم شاهدوا القساوسة المسيحيين يؤذنون علي مآذن كنائسهم ليؤدي المسلمون صلواتهم.. إذن سوف يرد الله كيد هؤلاء الصهاينة في نحورهم ولن ينجحوا في تحقيق مآربهم الخبيثة.