مساع إسرائيلية متواصلة لهدم المقدسات الإسلامية في فلسطين بشكل عام والقدس على وجه التحديد، وبعد أن تلقت السلطات الصهيونية صفعتين متتاليتين من منظمة الأممالمتحدة "اليونسكو" تؤكد إسلامية المسجد الأقصى وتكشف زيف ادعاءات الكيان الصهيوني حول يهوديته، بدأت السلطات الإسرائيلية إجراءات لمعاقبة الشعب الفلسطيني، كان آخرها قرار منع رفع الأذان في بعض المساجد في القدس. قوات الاحتلال داهمت بلدة أبو ديس بالقدس بالتزامن مع موعد صلاة فجر الجمعة الماضية، وأبلغت القائمين على مساجد الرحمن وطيبة والجامعة، بحظر رفع أذان الفجر فيها عبر مكبرات الصوت الخارجية، وجاء ذلك بعد أن تظاهر الخميس الماضي، يهود متطرفون من مستوطنة "بسغات زئيف" شمال شرق القدس، أمام منزل رئيس بلدية القدسالمحتلة، المتطرف نير بركات، وبثوا تسجيلًا للأذان عبر مكبرات الصوت، بهدف إجبار بركات، على منع رفعه في مساجد مدينة القدسالمحتلة. في ذات الإطار، بعث رئيس بلدية القدسالمحتلة، نير بركات، برسالة إلى قائد شرطة القدس، الميجر جنرال يورام هليفي، حثه فيها على التعاون مع البلدية في هذا المجال، وأعرب بركات عن أمله في أن يؤدي التعاون بين البلدية والشرطة إلى إيجاد حل ملائم لقضية "الضجيج"، مدعيًا أنه تلقى شكاوى عديدة بشأنها. القرار الصهيوني لاقى ردود فعل ساخطة من قبل الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة، حيث وصفت الفصائل الفلسطينية منع الاحتلال الإسرائيلي الأذان في مدينة القدسالمحتلة ب"جريمة ضد المدينة المقدسة والمسلمين والأديان جميعًا"، وأكد الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، أن الشعب الفلسطيني سيظل متمسكا بمعالم هويته، وسيظل الآذان يرفع فوق مآذن القدس حتى تتحرر. وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أحمد المدلل، إن مدينة القدس هي مدينة الرسالات السماوية جمعاء، ودعا إلى الوقوف في وجه هذه الجريمة، وأن تتحرك مشاعر المسلمين في كل أرجاء المعمورة تجاه مدينة القدس. واستنكر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع رفع أذان صلاة الفجر عبر مكبرات الصوت في المساجد الثلاثة لبلدة أبو ديس، وقال: إن القرار سابقة خطيرة، وتعدٍّ على حقوق المسلمين في العبادة، موضحًا أن منع الأذان سيؤدي إلى توتر الأوضاع في القدس، ومحملًا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا القرار الخطير، وأضاف: المستوطنون المنزعجون من الأذان هم دخلاء على فلسطين، محذرًا من سعي الاحتلال إلى تهويد مدينة القدس. بدوره، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، إن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، وسيرتفع صباحًا ومساءً، معلنًا أن هذه الأرض وهذه الديار المقدسة هي أرض إسلامية، وشدد على أن الأذان سيرتفع من رحاب المسجد الأقصى وسيرتفع من كل مسجد في المدينة وفي ضواحيها وفي أطرافها. من جانبها، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، رفضها لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية بمنع الآذان في عدد من المساجد في بلدة أبوديس، وقال وزير الأوقاف يوسف أدعيس، إن قرار بلدية الاحتلال هو قرار سخيف وغير ملزم للفلسطينيين، وإن إسرائيل مستمرة في سن قرارات جائرة ومرفوضة جملة وتفصيلاً بحق المسلمين في القدس، داعيًا الأمتين العربية والإسلامية للتحرك لوقف مثل هذه القرارات، وطالب الوزير الفلسطيني المجتمع الدولي بضرورة التحرك لوقف مثل هذه القرارات الجائرة بحق المسلمين في مدينة القدسالمحتلة، مؤكدًا أن الفلسطينيين يمارسون حقوقهم الطبيعية في المدينةالمحتلة وفق المواثيق الدولية. هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل منع إقامة الأذان في القدس لكنها فشلت في كافة محاولاتها، حيث سبق أن تداولت وسائل إعلام الاحتلال الاسرائيلي، مرات عديدة، أن المستوطنين يتضايقون من صوت الأذان، وخاصة في صلاة الفجر، وسبق أن اعتبر بنيامين نتنياهو، صوت الأذان مزعجًا ومخالفًا لما يسمى "قانون الضوضاء"، وقد تمكن الاحتلال من تخفيض مستوى سماعات عدد من مساجد القدسالمحتلة، ومن ضمنها بعض مكبرات الصوت المثبتة في عدد من مآذن المسجد الأقصى. وفي ديسمبر الماضي، قدم عضو الكنيست الإسرائيلى عن حزب البيت اليهودى موتى يوجاف، مشروع قانون يقضى بمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد، وادعى العضو حينها أن مئات الآف من الإسرائيليين فى حيفا ويافا وتل أبيب وبئر السبع والقدس يعانون من إزعاج يومى ومباشر يؤثر على حياتهم نتيجة استخدام مكبرات الصوت فى بالمساجد. ويرى مراقبون أن كل هذه الإجراءات والدعوات التي يقدمها النواب في الكنيست، وإن فشلت في أغلبها، إلا أنها تأتي كتمهيد لمنع إقامة الأذان نهائيًا في بعض مساجد القدس، بينما في المقابل يرى آخرون أن إسرائيل لن تجرؤ على اتخاذ مثل هذا القرار رسميًا، خشية استفزاز الشعب الفلسطيني بما يؤدي إلى اشتعال الأوضاع في القدس وربما إلى انتفاضة جديدة.