في اول مؤتمر اقتصادي يناقش موقف الاقتصاد المصري بعد اقرار قرض صندوق النقد الدولي والحصول علي الشريحة الاولي منه.. اكد خبراء اقتصاد علي تواضع اهداف برنامج الاصلاح المصري رغم التكلفة الاقتصادية والاجتماعية العالية جدا خاصة في الفترة الاولي منه. وطالب الخبراء بتعديل اولويات البرنامج لتصب في صالح المواطن المصري خاصة ما يتعلق باصلاح التعليم والصحة. المؤتمر نظمته كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.. وادارته دكتورة شيرين الشواربي وكيلة الكلية والسؤال الاساسي الذي طرحته الشواربي علي المشاركين كان " هل برنامج الاصلاح الحالي يحقق صالح الشعب وفقا لتأكيدات الحكومة فضلا عن تاكيدات كريستين لاجارد مدير عام صندوق النقد الدولي . وما هو سلم الاولويات التي تحقق صالح المواطن فضلا عن صالح الاقتصاد والبدائل المطروحة للسياسات الحالية للحكومة ؟!! قال الدكتور سامر عطا الله استاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية إن البرنامج الاقتصادي الذي قدمته الحكومة للصندوق ووافق عليه تكلفته الاقتصادية والاجتماعية عالية جدا خاصة خلال الفترة الاولي منه مشيرا الي ان السياسات والاجراءات التي تم اتخاذها في فترة قصيرة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وتخفيف دعم الطاقة لم تتح الوقت الكافي للاسر المصرية لامتصاص الصدمة. ولفت الي ضرورة التركيز علي البنية المؤسسية للاقتصاد المصري اذا كنا نستهدف تحقيق نمو احتوائي. بحسب عطا الله فان هناك تعارضاً بين السياسات الحكومية الحالية ففي الوقت الذي نعمل فيه جاهدين علي تشجيع الاستثمار الاجنبي. نجد هناك توجهات ضد التمويل الاجنبي في النشاط المجتمعي وما يسمي بالاجندات الاجنبية. ايضا اعلنت الدولة تحرير سعر الصرف في حين تمتنع البنوك عن بيع الدولار للناس او الشركات. نجد ايضا ان الاستثمار الناجح في مصر اما قريب جدا من السلطة " تزاوج المال بالسياسة" واما بعيد جدا متمثلا في "الاقتصاد غير الرسمي ". يري الدكتور احمد جلال وزير المالية الاسبق ان البرنامج الاقتصادي اقل من الطموحات والامكانيات فالبرنامج المطروح من جانب الحكومة ليس بالجودة الواجبة او الطموح المطلوب. فالاقتصاد المصري ليس في المكان الذي يجب ان يكون عليه او تؤهله له العناصر المتاحة مشيرا الي ان الاولوية يجب ان تكون للاستثمار في التعليم باعتباره استثماراً له عائد لان البطالة تتركز بين المتعلمين. الجانب الاخر هناك ندرة في المعروض من الدولار وهناك فشل ذريع في ادارة هذه الندرة. وعندما قررنا تعويم سوق الصرف لم يتم استهداف معدل مقبول للتضخم يتيح لفئات المجتمع التعامل علي اساسه فضلا عن المستثمرين الذين يريدون وضع خططهم الاستثمارية. وعلي مستوي السياسة المالية نجد الحكومة تركز " زيادة عن اللزوم" علي الاستثمار دون التركيز علي استغلال الموارد المتاحة وان يعمل الاقتصاد بطاقته الشاملة. حول برنامج الحماية الاجتماعية قال جلال ان اهدافه جزئية فالبرنامج يستهدف تغطية 1,7 مليون اسرة اي نحو 5 ملايين فرد. في حين ان هناك 30 مليون مصري تحت خط الفقر الوطني. واشار جلال علي ضرورة وجود برنامج حماية اجتماعية اوسع مما هو موجود بالبرنامج فلا يكفي النص علي تخصيص 1% من الناتج المحلي للحماية الاجتماعية. واكد جلال علي ان الاصلاح الاقتصادي يتوقف علي السياسات والدول التي تحقق ازدهارا اقتصاديا هي الدول الديمقراطية المنفتحة سياسيا فلا يوجد دولة تحقق معدلات نمو مرتفعة دون انفتاح سياسي تري امنية حلمي استاذ الاقتصاد و مدير مركز الدراسات المالية والاقتصادية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن اهداف البرنامج الاقتصادي لا تليق بالطموحات ولا بالثمن المدفوع فيه او الاستثمارات المطلوبة مشيرة الي ان معدل الفقر بلغ 27,8% فضلا عن المخاطر التي تحيط بالطبقة المتوسطة وكان يجب ان يكون هناك تقدير سابق للاثار الاجتماعية الي جانب تقدير لاحق لها. لافتة الي ان تخصيص 1% من الناتج المحلي الاجمالي للحماية الاجتماعية لا تكفي لازالة الاثار الجانبية للبرنامج. و حول تحرير سوق الصرف قالت حلمي ان هناك قطاعات اقتصادية سوف تستفيد من القرار مثل الزراعة والصادرات في حين توجد قطاعات سوف تتاثر سلبا مثل الدواء. وعن بديل السياسات الحالية.. تؤكد الدكتورة امنية حلمي علي ضرورة ترشيد الانفاق سواء علي جانب الواردات حيث تسمح منظمة التجارة العالمية بذلك في حالة وجود عجز تجاري كبير لاحد البلدان الاعضاء سواء لدعم الصادرات الذي يجب ان يرتبط باداء تصديري محددا وباتاحة فرص عمالة. طالبت بضرورة اعادة النظر في المنظومة الضريبية الحالية برمتها مشيرة الي ضرورة رفع حد الاعفاء الضريبي الذي يستفيد منه 60% من المواطنين مقابل زيادة الشرائح الضريبية لتصل الي 35%. الي جانب تفعيل ضريبة الارباح الراسمالية علي البورصة والتي يمكن ان توفر 6 مليارات جنيه وفقا لوزارة المالية وتحفظت "حلمي" علي تأجيل هذه الضريبة الي جانب الاعفاءات الضريبية والجمركية بالمناطق الخرة والتي تهدر علي الدولة نحو 8 مليارات جنيه سنويا. واكدت علي ضرورة حماية اصحاب المعاشات من تدهور مستوي معيشتهم بعد ارتفاع التضخم. " لا أري برنامج ولكن مجرد اهداف متواضعة جدا واخري غير محددة خاصة فيما يتعلق بمعدل النمو والبطالة المتواضعين". أشارت الدكتورة عالية المهدي استاذ الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد الي عدم وجود اية اهداف بشأن معدل التضخم بالبرنامج الحكومي وهذا الهدف اهم من معدل البطالة المستهدف. كما ان الحديث عن العدالة الاجتماعية مطاط وليس له معني محدد. حول اولوية سياسات الاصلاح اكدت المهدي علي ضرورة خفض عجز الموازنة العامة للدولة من خلال زيادة الموارد الضريبية والتي تتطلب اعادة هيكلة جهاز مصلحة الضرائب بالكامل فقانون الضرائب لا يطبق سوي علي 10% من المستهدف والشركات المساهمة فقط هي التي تتقدم بميزانيات معتمدة في حين ان عدد الشركات يقدر بنحو 3 ملايين شركة ما بين كبير ومتوسط وصغير. وبحسب الدكتورة سميحة فوزي وزيرة الاقتصاد السابقة فان الاتفاق الذي تم توقيعه مع صندوق النقد الدولي كان ضرورة ملحة مشيرة الي ان مصر لديها الان التزام دولي ولتنفيذه يجب ان يكون هناك 3 اولويات هي اعادة تشغيل المصانع المغلقة وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والنمو الاحتوائي الذي يستفيد منه كافة شرائح المجتمع. يري الدكتور مصطفي كامل السيد استاذ الاقتصاد ان هناك اثاراً سلبية للبرنامج علي مستوي معيشة الجميع وليس محدودي الدخل فقط. مشيرا الي ضرورة مراجعة اولويات الانفاق العام وتساءل عن كيفية تمويل العامين الثاني والثالث من البرنامج في ظل عجز الموازنة الكبير وعجز الميزان التجاري. فيما طرحت دكتورة سلوي العنتري الرئيس السابق لمركز البحوث بالبنك الأهلي رؤية للاولويات في الاجل القصيرً تشمل توسيع حد الإعفاء لمحدودي الدخل ومواجهة الاحتكارات في السلع خاصة الاستراتيجية منها وإجراء تعديلات لقوانين المساكن الجديدة وكذلك إيجارات الاراضي الزراعية وفرض ضريبة علي الثروة.