عندما تخرج علينا السفارة الأمريكية بالقاهرة فجأة وبدون مقدمات ببيان تحذر فيه رعاياها بمصر من التواجد في الأماكن العامة مثل قاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما والمتاحف والمولات والملاعب الرياضية بسبب مخاوف أمنية محتملة.. وبعد دقائق تصدر السفارة الكندية بالقاهرة بياناً تحذيرياً مطابقاً لرعاياها بنفس الأسلوب والمفردات ولذات السبب.. فان معني ذلك اما ان يكون لدي السفارتين معلومات مؤكدة عن هذه المخاوف الأمنية أو ان التحذير المشترك هذا مشبوه وغير مبرر وبالتالي وراءه غرض ضد الدولة. فور صدور البيان الأمريكي اعربت خارجيتنا عن انزعاجها منه وأكدت علي لسان متحدثها الرسمي المستشار أحمد أبو زيد ان السفارة لم تنسق مع الوزارة ولم تخطر اية جهة بأسبابه أو بطبيعة التهديدات المشار اليها مما يثير علامات استفهام حول اسباب اصدار البيان. وأكد ان السفارة الأمريكية نفت في اتصال تليفوني للخارجية معها وجود اي اسباب محددة أو تهديدات أمنية معينة وراء اصدار البيان ولكنه اجراء روتيني احترازي يتم القيام به خلال فترات العطلات الممتدة التي تزداد فيها تجمعات المواطنين في الأماكن العامة. الخارجية استنكرت ايضاً خلال الاتصال اصدار مثل تلك البيانات غير المبررة التي يمكن ان تكون لها تأثيرات سلبية خصوصاً ما قد ينتج عنها من اضرار اقتصادية.. ودعت كافة السفارات الأجنبية الي توخي الحذر من اصدار بيانات غير مبررة أو مفهومة أو محددة الأسباب. هذا هو رد الفعل الرسمي علي التحذير الأمريكي.. وهو رد دبلوماسي لغته رصينة لكنها لا تخلو من الزجر والتعنيف والتوبيخ.. لكن دعونا نفند هذا البيان من منظور غير رسمي.. فما لا تقوله الدبلوماسية صراحة من حقنا ان نعلنه نحن: * أولاً.. البيان الأمريكي صدر مساء أمس الأول الجمعة للتحذير من مخاوف أمنية محتملة اليوم الأحد " 9 أكتوبر ".. وهذا اليوم يوافق الذكري الخامسة لأحداث ماسبيرو التي سقط فيها 23 قبطياً.. فهل هذا صدفة؟؟.. ولأن السفارة لم تبلغ الجهات الرسمية بطبيعة هذه المخاوف ولم تنسق مع الخارجية بل نفت وجود اي اسباب محددة أو تهديدات أمنية معينة فان بيانها الزاعق والمستفز هذا غير مبرر بالمرة وهو تحريض غير مباشر لاحداث فوضي في هذا اليوم. * ثانياً.. ان تحريض اقباط مصر- شركائنا في الوطن- ضد الدولة لاحداث فوضي بدافع من الحزن علي من فقدوا انما تؤثر سلباً علي كافة مناحي الحياة وقد تضر بالاقتصاد القومي عامة والبورصة خاصة بعد ارباحها العالية الأيام الماضية وزيادة الاحتياطي الاستراتيجي من النقد الأجنبي ويقيني ان هذا هو السبب الحقيقي للبيان.. هذا التحريض يجب الا يمر مرور الكرام أو يُكتفي باتصال تليفوني بين الخارجية والسفارة لاستيضاح الأمر.. بل يجب استدعاء السفيرين الأمريكي والكندي وابلاغهما باستيائنا وتوجيه اتهام صريح باثارة الشارع والشوشرة المتعمدة علي الأوضاع الأمنية المستقرة فعلاً وتحميلهما رسالتين الي حكومتيهما بنفس المعني وابلاغهما انه في حالة تكرار ذلك سيكون هناك رد اشد.. الأمور لابد ان تُحسم هكذا. * ثالثاً.. تبرير السفارة الأمريكية للبيان هو كلام مصاطب غير منطقي وغير واقعي بالمرة.. اي فترات عطلات ممتدة يقصد وعيد الأضحي انتهي منذ 3 اسابيع وعيد 6 أكتوبر مر ايضاً وعطلتنا الرسمية يوم الجمعة وليست الأحد ؟؟.. ثم هل المخاوف الأمنية المحتملة تستوجب مثل هذا البيان؟؟.. الاحتمالات قائمة علي مدار الساعة في كل بلاد العالم بما فيها امريكا ذاتها ولم نجد اي سفارة لأية دولة في كل القارات قد اصدرت بيانات تحذيرية لرعاياها بسبب مخاوف محتملة.. ومن ثم فان هذا التبرير ارادوا به استباق احداث يحرضون عليها ويتمنون وقوعها. * رابعاً.. اذا كان بعض الرعايا الأمريكان والكنديين واي جنسية اخري يعشقون الموسيقي ويحضرون حفلاتها ويرتادون المتاحف الا انهم لا يتواجدون ابداً في دور السينما والمولات والملاعب التي غالبا تخلو من الجماهير.. وبالتالي فان البيانين "التوءم" ارادا توسيع نطاق الفوضي بالاشارة الي هذه الأماكن خاصة بعد تحذير الداخلية من اي خروج علي القانون. * خامساً.. تساءلت أمس علي الفيسبوك: اين وزارة الخارجية والكنيسة؟؟.. وهاهي الخارجية قد ردت.. ولذا.. اتساءل: واين الكنيسة؟؟.. وحتي لا يفهمني احد خطأ فان هذا ليس هجوماً علي كنيستنا العظيمة ومستحيل ان اهاجمها تحت اي ظرف أو سبب.. بل هو طلب مشروع من شريك في الوطن للكنيسة ان تصدر بياناً تنتقد فيه ربط "المخاوف الأمنية المحتملة" التي ذكرها بيان السفارتين بالذكري الخامسة لأحداث ماسبيرو.. وان يتضمن البيان مطالبة اسر واحباب شهداء ماسبيرو بعدم النزول أو الوقوف بالشارع لاحياء ذكراهم والاكتفاء باحيائها بالكنائس تجنباً لأية تداعيات تخطط لها السفارة الأمريكية علي وجه الخصوص. من كل مامضي يتأكد للقاصي قبل الداني ان بيان السفارتين مشبوه وغير مبرر ويثير علامات استفهام عديدة ويحرض علي الفوضي وله آثار سلبية.. والأهم هو ان الغرب مازالت نواياه سوداء تجاهنا.. فلنحذر جيداً. حفظ الله مصر وجيشها.. ورحم شهداءنا.. عسكريين وامنيين ومدنيين.