تحظي مقامات الأولياء "الأضرحة" في مصر بمكانة في قلوب غالبية كبيرة من المصريين تدفع إلي البحث المتأني عن العوامل المساهمة في تشكيل هذه المكانة وقد تبدو المقولة الأثيرة "الأمة المصرية سنية المذهب شيعية الهوي" هي المفتاح في هذا الشأن وفق قول الشيخ أحمد حسن أحمد علي إمام وخطيب مسجد السلطان أبوالعلا بالأقصر. والذي بين أن الاحتفاء بالأولياء ينبع في المقام الأول من التقديس المصري للعقيدة منذ القدم. ومن ولعه بالتدين وعشقه الحميم وتقديره للصالحين المقربين. المساء رصدت بعض "المقامات والأضرحة بالأقصر" والحديث عن المقامات والاضرحة بالأقصر يسافر بنا إلي مقام وتاريخ. وعادات وتقاليد وسلوكيات حيث تقبع في الأقصر الكثير من الأضرحة تستدعي إلي ذهن زائرها حقبة في التاريخ المصري العربي. كانت فيه الأقصر مأوي نفسيا وروحيا لبعض أولياء الله الصالحين رضي الله عنهم. تكتظ محافظة الأقصر بمئات الأضرحة والمقامات حتي لا تكاد تخلو قرية في المحافظة من وجود ضريح أو مقام لعالم جليل أو شيخ قدير. ويختلط الأمر علي الكثيرين الذين لا يعرفون الفرق بين الضريح والمقام- وعلي حسب قول احد المريدين ان الضريح هو المكان الذي دفن فيه الشيخ او كما يطلق عليه مريدوه ومحبوه- الولي. وعادة ما يتكون الضريح من الخشب ومغطي بالأقمشة الخضراء التي تحمل آيات من كتاب الله. أما المقام فهو المكان الذي كان يتعبد فيه الشيخ ويطلق عليه البعض الخلوة وهو عادة ما يكون في الجبال أو المقابر وهو يبني علي شكل القباب التي كانت تشتهر به الصعيد في منتصف القرن الماضي وهي تمثل الفضاء الرحب والسماء الواسعة التي توحي بالمعاني الروحية وكذلك تساعد علي دخول الهواء النقي في الأماكن التي تخلو من النوافذ كما أن شكلها المقوس يساعد علي تجميع الأصوات أثناء تلاوة الاوراد والمدائح النبوية وعادة ما ترفرف فوقها الاعلام البيضاء الملطخة بالحناء لسبب غير معروف. في الأقصر كان هناك أكثر من 8 أضرحة ومقامات هدمت في اقل من عامين منها ضريح المشقشق. وابن دقيق العيد. والديراني. وبعيش. وكوكو. وتم هدمها بسبب وجود البعض منها في طريق الكباش تمهيدا لكشف الطريق وتحويل الأقصر إلي متحف عالمي مفتوح بدعوي خطة التطوير التي كانت تشهدها الأقصر والتي توقفت تمام بعد سقوط النظام. وهناك اضرحة ومقامات مازالت موجودة حتي الآن ولم تنلها يد الإزالة أو الهدم مثل مقام سيدي أبو الحجاج. ومقام سيدي أحمد النجم. ومقام سيدي أحمد رضوان بالساحة الرضوانية وبالرغم من كثرة الاعتقادات لدي بعض الناس بالتبرك بهذه الاماكن الا ان هناك فريقاً اخر يري ان الكثير من هذه الاضرحة هي وهمية ومما يجعلهم يؤكدون علي ذلك بعض الأحداث الأخيرة. يقول محمد موسي أبو المجد إن بعض هذه الأضرحة والمقامات هي بلا تاريخ يذكر ان بعض الاضرحة تأكد بشكل قاطع انها وهمية ولا يوجد بها رفات كما يدعي البعض وخير دليل علي ذلك ما حدث منذ بضع سنوات في منطقة الكرنك عندما أراد المجلس الأعلي للآثار حينذاك إزالة أحد المقامات والتي كان يشاع ان اسفلها رفات 7 اولياء وكان لابد من إزالته لاستكمال خطة التطوير. وبالفعل نجح المجلس الأعلي للآثار في استصدار قرار بإزالة لأنه يعيق تطوير الطريق ويشوهه وفي حضور لجنة مكونة من الآثار والصحة والشرطة تم هدم المقام ليفاجأ الجميع أن المدفونين فيه ليسوا 7 شيوخ كما كان مشاعاً. حيث وجدت اللجنة عظام مجموعة من الخراف والماعز ليكتشف مريدوه أنهم كانوا يتبركون بحيوانات. الاضرحة في مدينة اسنا جنوبالأقصر لها رونق خاص لدي زوارها يقول محمد لطفي السايح احد ابناء اسنا ان قرار توسعه شارع أحمد عرابي الشهير باسنا والذي كان يعترضه مقام الشيخ كوكو. لاقي اعتراضا كبيرا حيث ان المقام كان يزوره عشرات الاف سنويا من المحبين والمريدين ويفترش ساحته الصغيرة عشرات الباعة والمجاذيب بملابسهم المزركشة الشهيرة والمجاذيب وزوار المقام الذين كانوا يفدون اليه من كل المحافظات ويرجع تاريخ المقام إلي أكثر من 200 عام وقد تمت ازالة المقام في نهاية العام الماضي بحضور المئات من أبناء مدينة إسنا الذين كانوا ينتظرون كرامة لصاحب المقام تنقذه من براكن الهدم وهو مالم يحدث بل حدث ما هو أكثر سوءاً للبعض باكتشاف اللجنة المكلفة بالإزالة ان القبة لم يكن اسفلها شيخ ولا توجد اي رفات او اي دلائل تشير لحقيقة هذا المقام الشهير الذي اكد البعض انه وهمي. وهو نفس الأمر الذي حدث أثناء إزالة مقام الشيخ محمد الديراني في قرية الدير باسنا والذي يرجع تاريخه من 500 عام والذي أزيل في نفس توقيت إزالة مقام الشيخ كوكو نجم الدين الغزالي قال اكد ان مقام الشيخ المقشقش والذي كان يقع علي طريق الكباش وكان أول ضريح يتم ازالته بالأقصر بعد مشاحنات استمرت فترة ليست بالقليلة بين مريديه وبين اللجنة المكلفة بالإزالة إلي ان تمت ازالته في جنح الليل دون ان يشعر احد من الأهالي الذين صدموا من قرار الازالة الذي قضي علي احد الاضرحة في تاريخ الأقصر والذي كان يزوره عشرات من السيدات يوميا طلبا للشفاء وللتبرك به وحتي بعد إزالة الضريح وعدم العثور علي اي رفات هناك الكثير من محبي الشيخ المقشقش يذهبون إلي أطلال الضريح المزال لقراءة الفاتحة ونحر الذبائح عند الزفاف او ختان الاطفال. أما الدكتور شمس الدين الحجاجي استاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة وأحد احفاد سيدي أبو الحجاج الأقصري صاحب المقام الشهير الموجود اعلي جدران معبد الأقصر اكد أن ضريح المقشقش نقل من مكانه في خمسينيات القرن الماضي وأن علينا قراءة روايته "نور الدين" لنعرف مكان سيدي المقشقش.