اعترض المحامون علي قانون ضريبة القيمة المضافة الذي أخضعهم لهذه الضريبة لأول مرة. وفرض عليهم تحصيلها من موكليهم بنسبة 13% يدفعها الموكل إضافة إلي الأتعاب. ويتولي المحامي توريدها لمصلحة الضرائب عند المحاسبة الدورية له عن نشاطه. ومعني ذلك. انه إذا افترضنا أن المحامي طلب اتعابا مائة جنيه مثلا من موكله في قضية ما. فإن الموكل يدفع له هذا المبلغ ويحصل علي فاتورة. ثم يدفع له 13 جنيها ضريبة ال 13% بفاتورة مستقلة وإذا كانت الأتعاب ألف جنيه يدفع الموكل 1113 وهكذا. وقد جاء اعتراض المحامين علي القانون صاخبا.. وقفات احتجاجية. واجتماع طارئ لمجلس النقابة. وقرارات عنترية. تهدد بالامتناع عن تنفيذ القانون والطعن في دستوريته. وإمهال الحكومة 48 ساعة قبل اتخاذ خطوات تصعيدية. واعتبار الاجتماع مستمرا حتي يتم اسقاط القانون. أو تحقيق مطالب المحامين من خلال التفاوض. القانون صدر قبل فض دور الانعقاد الأول للبرلمان في 6 سبتمبر الماضي. وصدق عليه رئيس الجمهورية فور إقرار البرلمان له.. فأين كان المحامون ومجلس نقابتهم منذ هذا التاريخ حتي إعلان اعتراضهم أول أمس؟! بل أين كانوا خلال مراحل عرض ومناقشة القانون وهو مازال مجرد مشروع قابل للتعديل حذفا أو إضافة سواء داخل البرلمان ولجانه أو خارجه مع الفئات التي أخضعها للضريبة؟! إن القانون صدر. من الناحية الإجرائية. بالطريق الذي رسمه الدستور لآليات التشريع. وأصبح نافذا وملزما لكافة المخاطبين به من لحظة تصديق رئيس الجمهورية عليه ونشره بالجريدة الرسمية. وقد يكون القانون. من حيث المضمون والنصوص مخالفا كله أو بعض مواده للدستور من وجهة نظر البعض. سواء كانوا من المحامين أو من غيرهم. وهذا وارد بالنسبة لأي قانون.. كما أن من حق أي مخاطب بأي قانون أن يعترض عليه جملة أو تفصيلا. بالطريقة التي يراها. لكن المحامين بالذات رجال قانون. ويعرفون أكثر من غيرهم. انه مثلما هناك مسار دستوري وقانوني لإصدار أي تشريع هناك أيضا مسار دستوري وقانوني للاعتراض علي هذا التشريع. ليس بإعلان الامتناع عن تنفيذه أو التلويح بذلك. بل بالطعن عليه بالطرق التي رسمها القانون. مع الالتزام به حتي تفصل المحكمة المختصة في هذا الطعن. أما إعلان الامتناع عن تنفيذ قانون. من جانب أي جهة. لمجرد انه لا يرضيها. فهذا أمر غير مقبول شكلا وموضوعا. من رجال قانون. وفي دولة تسعي لأن تصبح فعلا وعملا دولة قانون. وهو يصب في سياق الدعوات المشبوهة التي تحرض المواطنين علي الامتناع عن دفع فواتير الكهرباء والمياه وغيرها بعد الزيادات الأخيرة التي طرأت عليها. وهو ما يجب أن ينأي المحامون بأنفسهم عنه. كما نربأ بهم أن يعلنوا موقفا يمكن أن يشجع آخرين علي الاقتداء به. لقد استمعت إلي "دفوع" المحامين التي يستندون إليها في اعتراضهم. وذلك علي لسان أحد كبارهم وهو المحامي منتصر الزيات الذي استضافه الزميل الإعلامي عمرو أديب في برنامجه الجديد مساء أول أمس. فلم أجد فيها ما يقنع. فقد كانت كلها دفوعا ضعيفة. بل كانت المفاجأة التي أعلنها رئيس مصلحة الضرائب من خلال مداخلة هاتفية مع البرنامج. ان نقيب المحامين سامح عاشور قد شارك في الحوار المجتمعي الذي نظمته الضرائب حول مشروع القانون قبل عرضه علي البرلمان. أما أكثر الدفوع إثارة للدهشة. فهي محاولة التمسح في المواطن. وادعاء منتصر الزيات أن هذه الضريبة تزيد العبء علي المواطن الغلبان الذي يلجأ مضطرا إلي التقاضي. بينما لا يقول لنا لماذا لا يشعر بمعاناة هذا المواطن عندما يأخذ منه أتعابه كاملة غير منقوصة. ثم يشعر بمعاناته فقط في حق من حقوق الدولة؟!