ضربت الإسكندرية خلال عام واحد رقماً قياسياً في التصدي للهجرة غير الشرعية بعد أن تحولت إلي محطة وسيطة بين المحافظات لتجميع وتسفير المهاجرين حيث تمكنت مباحث الاسكندرية من احباط اكثر من "300" محاولة للهجرة غير الشرعية خلال عام واحد من بينها 15 محاولة خلال يومين فقط.. مفاجآت غريبة يكشف عنها في البداية اللواء "شريف عبدالحميد" مدير مباحث الإسكندرية حيث أكد ل "المساء" أن هناك غرفة عمليات مستمرة طوال العام يشارك فيها مباحث الأموال العامة ورؤساء المباحث بجميع الأقسام بالإضافة إلي مباحث الأكمنة والطرق لرصد الشقق المفروشة التي يتم تجميع الشباب بها بالإضافة إلي الأتوبيسات والميكروباصات التي تنقل الشباب المهاجرين القادمين من محافظات بعينها. قال: لدينا نوعان من الهجرة غير الشرعية من الإسكندرية الأولي هجرة من مصر بالطريق البري للوصول إلي ليبيا ومنها يستقل المهاجرون مركبا إلي إيطاليا لكونها الأقرب ويبلغ ما يتقاضاه السمسار في "ليبيا" "5 آلاف دولار" نظير استقبال المهاجرين والسير بهم عبر الطرق الصحراوية وتوفير المركب من السواحل الليبية وهذا المبلغ لا يشمل ما يدفعه المهاجر غير الشرعي للسماسرة بمصر والإسكندرية والجميع يعملون ضمن شبكة واحدة ولهم بالطبع وسطاء في إيطاليا إما ليبيون أو مصريون سبق لهم السفر والإقامة.. وقال هناك الطريقة الثانية وهي "البحر" واصبحت "مصر" بمثابة ترانزيت للأفارقة القادمين من الدول الأفريقية المختلفة منها الصومال وجزر القمر وتنزانيا وهي نوعية جديدة من المهاجرين غير الشرعيين عبر السواحل الشمالية. أضاف: "عبدالحميد".. الأسهل بالطبع للسفر إلي ليبيا بالأتوبيسات وكأنهم قادمون للسياحة ونظراً للحالة الامنية هناك فإن عملية الدخول سهلة ولكن في بعض الاحيان يتم ضبطهم بأكمنة الطرق وللأسف أغلبهم يقعون فريسة في أيدي عصابات هناك إما لسرقتهم أو الاتجار في الأعضاء البشرية وتكون نهايتهم محتومة وقليل منهم من يكتب له النجاة. أضاف الكارثة الحقيقية هي في تفضيل سماسرة الهجرة للمهاجرين صغار السن أي أقل من "18" سنة لكون إيطاليا تضعهم في أماكن للرعاية وتقنن اوضاعهم وتخلق لهم فرص عمل.. أما من يتعدي ال 18 سنة فيتم ترحيله.. وبصورة عامة فإن فرص العمل هناك تكون في الأعمال التي يعزف عنها الايطاليون مثل النظافة والزراعة والبناء والتشييد كما أن هناك مراعاة من جانب السلطات الايطالية للمرأة التي بصحبتها اطفال وبالتالي أصبحت السيدات يهاجرن ومعهن أطفالهن ليضمن بقاءهن عند نجاتهن وهن يعلمن حجم المخاطرة. الأغرب كما يقول اللواء عبدالحميد أننا عندما نرصد المراكب التي يسافر عليها المهاجرون نفاجأ بعدم عودتها مرة أخري ويتبين لنا بعد ذلك أن اصحابها يقومون بإغراقها في عرض البحر في طريق العودة لكونها أساس الاساس متهالكة ولو كانت مثلاً "بمليون جنيه" فإن صاحبها يكسب 10 ملايين ويعود طاقمها بمراكب صغيرة أو مطاطية تخرج لهم في عرض البحر لإعادتهم وبالتالي لا نتمكن من رصد المركب مرة أخري بعد ان تخلصت من حمولتها. قال: المؤسف أن من يتم ضبطهم من بحارة وسماسرة يقضون فترة عقوبتهم ويعاودون العمل من جديد للأرباح الهائلة التي يحققونها في زمن قياسي واصبحوا بمثابة عصابات منظمة لا تخترق بسهولة بل ويطلقون علي أنفسهم اسماء شهرة حتي لا يتعرف عليهم المهاجرون عند ضبطهم مثل "بوجي" و"الدكتور" و"حسدوني" و"الفتك" و"القرموطي" و"أبوأحمد".. وغيرها وبصورة ما يتم جمعه من اموال بينما الباقي يقسم علي السماسرة والوسطاء ووسائل النقل وتأجير السيارات ومن يجمع المهاجرين وغيرهم.. وبالطبع أصبح لهم الآن فروع في الدول العربية التي تعاني أزمات سياسية مثل سوريا والسودان والعراق وغيرها ويدخلون مصر علي سبيل السياحة ليصلوا إلي الإسكندرية في انتظار إشارة ترحيلهم داخل المركب أو الثلاجات الموجودة بها. أما العميد "حسن عطية" رئيس مباحث الأموال العامة بمديرية امن الإسكندرية فيقول نتيجة لتوقف عملية الصيد اصبح الكثير من السماسرة يقومون إما بتأجير المركب المتهالكة من صاحبها أو شرائها للعمل عليها بالبحارة التابعين لهم. قال.. قمنا بالفعل بإعداد تقرير عن نوعية الشباب المهاجر فتبين أن أغلبهم يغلب عليه روح المغامرة وتقليد من سافر قبلهم والانبهار بالغرب والرغبة في الثراء والجهل بالمناطق التي سيسافر من خلالها أو الوصول لها.. وقال أهم المحافظات التي ترسل إلينا هذه الفترة شبابها للهجرة غير الشرعية هي "الدقهلية" و"المنوفية" و"القليوبية" و"كفر الشيخ" و"البحيرة" وجميعها تعتمد علي الزراعة وقلة من محافظات الصعيد مثل "أسيوط" و"الفيوم".. ولعل سبب انتشار الهجرة غير الشرعية بين أبناء محافظات وسط الدلتا هي قيام من سافر قبلهم واستقر بإيطاليا أو اليونان بشراء أراض وبناء عقارات بقريته مع ظهور معالم الثراء علي اسرته ونشر صوره مع الفتيات الجميلات والتي يرسلها لأسرته وهو ما يجعل الشباب الريفي يرغب في السفر أيضاً وهناك يكون "السمسار" في انتظار فريسته. قال.. رصدنا أسلوب التسفير بعد ان تبين ان المركب تخرج من الإسكندرية خالية سوي من البحارة علي أنها في رحلة صيد ثم يصل إليها المهاجرون غير الشرعيين إما داخل زوارق أو مراكب صغيرة ويستقلونها في عرض البحر.. وأهم المناطق التي يتم تجميع الشباب بالإسكندرية هي أبوقير المكس الدخيلة الساحل الشمالي وجزيرة ميامي والأنفوشي والميناء الشرقي.. ويحمل قائد المركب جهاز G.P.S وتليفوناً "ثريا" ومع سوء الأحوال الجوية يقوم بإرسال استغاثات لإنقاذهم بواسطة الوسائل التي معه. أضاف.. هناك محافظات ايضا تستقبل المهاجرين مثل كفر الشيخ وبلطيم والبرلس وبرج مغيزل وجمصة ومطوبس والبحيرة ورشيد وإدكو ومرسي مطروح وسيدي براني ورأس البر ودمياط وعزبة البرج ولكن مع حادث رشيد الأخير اصبح الجميع يزحف للإسكندرية إما للهجرة براً أو بحراً. طالب بتشديد العقوبات علي السماسرة والصيادين المتورطين وتطبيق قانون الجوازات علي من يسافر بدون وثيقة رسمية يحبس عاماً حتي يرتدع كل من يحاول الهجرة غير الشرعية.