كان المرحوم الأستاذ كامل زهيري نقيب الصحفيين يجلس في حديقة النقابة القديمة منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً ويجتمع حوله شباب الصحفيين الذين أصبحوا الآن من شيوخ المهنة كما يقول النقيب الحالي يحيي قلاش. كان يتحدث في السياسة والأدب والثقافة والفن. إلا أنه كان يري أن الفن والأغنية المصرية كاشفة لعجز هذا المجتمع ويتندر علي أغنية "هاتولي حبيبي" والتي لا أعلم مؤلفها أو مغنيها. يقول إنه الكسل حتي في الحب وتقاعس المحبوب الذي يبحث عمن يحضر له محبوبته ولا يكلف نفسه مشقة البحث عنها أو التقرب منها وإذا الأيام تمر والسنوات تطوي وتصبح نظرية "هاتولي حبيبي" هي النظرية السائدة في السياسة المصرية. الحكومة تطالب الشعب بمحاربة الفساد عملاً بهذه النظرية بدلاً من أن تقوم هي بمحاربته. كما تطالب الشعب بالإبلاغ عن الفاسدين والمرتشين. بدلاً من أن تقوم هي بالبحث عنهم والقبض عليهم. نظرية "هاتولي حبيبي" هي السائدة ومن ثم تركت الحكومة التجار وأصحاب النفوس المريضة باستغلال الشعب أيما استغلال ورفع الأسعار بصفة يومية وليست موسمية كما اعتادوا في السنوات الماضية. كانت الأسعار في مصر ترتفع مع العلاوة السنوية التي يحصل عليها الموظفون حيث ينتظرها التجار لالتهامها قبل أن تدخل جيوب الغلابة والآن أصبحت الأمور لا تنتظر العلاوة السنوية بل يتم رفع الأسعار بمعدل جنيه أو أكثر أسبوعياً ظناً أن المواطنين لا يعلمون. فهل يصدق أن يصبح سعر كيلو فول التدميس أربعة عشر جنيهاً وكيلو العدس سبعة عشر جنيهاً. نظرية هاتولي حبيبي التي تتبعها الحكومة لن تفيد والحملات التموينية والرقابية. يعلم الكل أنها تقترب من محلات وتبتعد عن أخري والكل يعلم وعلي رأسهم كبير الحكومة أن المجمعات الاستهلاكية لن تخلق توازناً في الأسعار وأن ترك السوق للعرض والطلب سياسة فاشلة في مصر حيث إن اللعبة إخفاء البضائع لتقليل المعروض ثم رفع السعر للضعف أحياناً كما حدث مؤخراً في الأرز والسكر وكي تضبط الحكومة الأسعار عليها أن تحدد هامشاً للربح فلا يعقل أن يكون ثمن كيلو البطاطس في الأرض بخمسة وستين قرشاً وتباع بأربعة أو خمسة جنيهات للكيلو ولا يعقل أن يزيد كيلو اللحم عند الجزارين علي مائة جنيه وسعر الكيلو من المدبح الحكومي لا يزيد عن أربعين جنيهاً للكيلو وإذا كانت الحكومة كما قلنا مراراً وتكراراً لا تستطيع أن تفرض تسعيرة جبرية حتي لا تغضب الأمريكيين أصحاب السوق الحرة. فعليها أن تطبق بنفسها سياسة هامش الربح المطبقة في أعتي النظم الرأسمالية ولا يجب ترك الأسواق بهذه الطريقة وعليها أن تشدد من الرقابة الفعلية علي الأسواق وتري البضائع واللحوم التي تهرب من الجمعيات الاستهلاكية إلي وحوش الأسواق. العين الحمراء مطلوبة وبدلاً من توجيهها إلي الغلابة عليها استخدامها ضد بارونات الأسواق الذين أثروا من دماء المواطنين فسياسة هاتولي حبيبي لم تعد تجدي وعلي الحكومة أن تقوم بنفسها بجلب الحبيب ومحاربة الفساد ومعاقبة الجشع والجشعين.