بدأت جوقة الفساد في قضية التلاعب في توريد الأقماح تتساقط واحداً بعد الآخر حيث أقروا في اعترافاتهم بأنهم استولوا علي هذه المبالغ دون وجه حق. واضطر الفاسدون خوفاً من السجن أن يسلموا الأموال التي حصلوا عليها هرباً من هذا المصير الذي يمكن به أن يبقي طوال حياته سجيناً ولا يتمتع به وتأخذ الدولة منه ما طالته يداه عنوة ولا يتمتع بما جنت يداه فيكون قد خسر الدنيا والآخرة.. وذلك هو الخسران المبين. النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق أمر بإخلاء سبيل المتهم إبراهيم حطب المالك لصوامع "الريف الأوروبي" بضمان مالي قدره 500 ألف جنيه. علي ذمة التحقيقات التي تجريها نيابة الأموال العامة تحت إشراف المستشار أحمد البحراوي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا. وقد أمر النائب العام بالإفراج عنه بعد سداده "86 مليوناً و810 آلاف جنيه" تمثل قيمة ما أشارت إليه التحقيقات المبدئية للنيابة. وأنه استولي علي هذا المبلغ دون وجه حق. وكان النائب العام قد أصدر قراراً سابقاً بإخلاء سبيل رأفت نصير المالك لصوامع "بنكر العائلة" بضمان مالي قدره 500 ألف جنيه بعد أن قام بسداد مبلغ 77 مليون جنيه التي كشفت التحقيقات المبدئية أنه استولي عليها دون وجه حق. وقد سدد رجل الأعمال الهارب حتي الآن عبدالغفار السلاموني 56 مليون جنيه وأشارت بعض المصادر إلي أن إجمالي المبالغ المتهم بها رجل الأعمال تصل إلي 297 مليون جنيه وهو متهم في 4 قضايا في فساد القمح. وبذلك يكون المبلغ المسدد حتي الآن من جانب المتهمين هو 219 مليون جنيه من أصل أكثر من مليار جنيه. وأكدت مصادر للموقع الإلكتروني لصحيفة "اليوم السابع" أن النيابة العامة تحقق في أكثر من 15 قضية متعلقة بفساد القمح تضم أكثر من 12 متهماً من أصحاب شركات الصوامع وشون القمح بينهم أكثر من 10 متهمين هاربين و2 محبوسين تم الإفراج عنهما بعد دفع 500 ألف جنيه علي ذمة التحقيق وسدادهما المستحق عليهما. وأمرت نيابة الأموال العامة بضبط وإحضار متهمين جديدين أحدهما عبدالغفار السلاموني.. والثاني هو رجل الأعمال محمد محمود كامل أبوحشيش وهو المالك لصومعة "أبناء الجيزة" لاتهامه بالاستيلاء علي مبلغ 72 مليون جنيه. وكان الدكتور خالد حنفي وزير التموين السابق قد استقال من منصبه بناء علي هذه القضية المعروفة إعلامياً بقضية "فساد القمح" لمسئوليته السياسية عن هذه القضية حيث تم نهب أموال الشعب بسرقة القمح الذي هو الغذاء الرئيسي له. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن شعب "حرامي" بالفطرة.. وأن ما تطوله أيدينا هو حق لنا حتي لو كان المال مسروقاً؟! وإذا أخذنا العذر للناس الفقراء. ولو أنه لا يحق لهم الاستيلاء عليه.. فكيف تكون حالنا مع الناس الأغنياء.. لاحظ هنا أن من نطلق عليهم في فساد قضايا القمح هم رجال أعمال.. أي أنهم ليسوا في حاجة إلي هذه الأموال اللهم إذا غلبت عليهم صفة "التكويش" لزيادة ثرواتهم ولو كان المال المسروق ليس من حقهم؟! لا يقتصر الأمر علي فساد القمح.. وإنما هناك عشرات الآلاف من الأفدنة التي اغتصبها رجال أغنياء وأضافوها إلي أملاكهم.. وتعمل لجنة استرداد الأراضي برئاسة المهندس إبراهيم محلب لإعادة الأرض إلي الدولة. هناك آلاف من الأمثلة التي تطالعنا بها الصحف اليومية والقنوات الفضائية عن آلاف المواطنين الذين يمدون أيديهم لسرقة ما ليس من حقهم. هذا دليل علي اضطراب الحالة الاجتماعية لدي الشخصية المصرية.. هناك بلدان كثيرة يبلغ فيها الفقر مداه ولكننا لا نري فيها مثل ما نراه في المجتمع المصري.. هل هو نتيجة لضعف الوازع الديني لديه؟! أم هو نتيجة لعدم قيام الأسرة بتوجيه أبنائها الوجهة السليمة؟! أم هو عامل ثقافي وإعلامي قصرا في أداء رسالتهما فصرنا إلي ما صار إليه هذا الشعب؟! ماذا لو طبقنا الآية الكريمة "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبنا نكالاً من الله". لو أننا طبقنا هذه الآية الكريمة لعرفنا أن من يدعون الشرف والأمانة أنهم سرقوا أموال الشعب وسرقوا أموال الناس بالباطل ولافتضح أمرهم.