تباينت ردود الأفعال حول زيارة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إلي الفاتيكان فبينما يري معظم العلماء أنها سوف تساهم في حل المشكلات العالقة بين المؤسستين منذ سنوات عندما أساء البابا السابق للإسلام والمسلمين.. يري د. عبد الفتاح إدريس أن هذه الزيارة لن تقدم ولن تؤخر في ظل عدم اقتناع الآخر بالإسلام كديانة من الأساس. في البداية أشاد مفتي الجمهورية فضيلة الدكتور شوقي علام بالزيارة التي قام بها فضيلة الإمام الأكبر إلي الفاتيكان مؤكدا أنها تأتي في توقيت مهم. لأننا نحتاج إلي التقارب والتكاتف والتعاون مع الجميع من أجل نشر السلام والتسامح في العالم أجمع. كما ثمن د. علام مبادرة شيخ الأزهر باستئناف الحوار مع الفاتيكان. وما تم الاتفاق عليه من التنسيق سويًا من أجل نشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول. پپ يقول الدكتور محمد نجيب عوضين أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية السابق: للأزهر دور لا ينكر في العالم الإسلامي خاصة وفي العالم بأجمعه عامة.. فدوره لا ينحصر في البيانات أو رد الفعل علي الأحداث في العالم إلا من أسس الإسلام والتعامل مع أصحاب الديانات الأخري خاصة الديانات السماوية لأن هناك الكثير من العوامل المشتركة التي تجمع بين الدين الإسلامي والأديان الأخري وخاصة في مبادئ الأخلاق والضوابط التي تحمي البشرية وتحقق المصالحة لبني الإنسان ومن ثم كان الدور الإيجابي لفضيلة الإمام الأكبر بعيدا عن العقائد وتفاصيلها التي يؤدي الحديث فيها إلي الاختلاف والتنافر.. وقد كان أن حدث لون من الفتور في العلاقة بين الفاتيكان والأزهر في ظل رعاية البابا بينديكت الذي تعرض لبعض المسائل التي فيها مساس بالمسلمين والإسلام فاستجاب فضيلة الإمام الأكبر لدعوة بابا الفاتيكان الحالي فرنسيس بعد أن رأي وسطية واعتدالا منه وأنه يحترم مبادئ الأديان الأخري وتم الاتفاق علي إعادة الحوار علي النحو الذي يليق بها جميعا والاتفاق علي تبادل الوفود علي مستوي المتخصصين في الجانبين لترسيخ دور الوسطية في إرساء المحبة بين هذه المؤسسات. أشاد د. عوضين بما اتفق عليه الجانبان من ضرورة مواجهة الفكر المتطرف في الجانبين والذي يؤدي في النهاية إلي ظاهرة الإرهاب التي يعاني منها الجميع ومن هذه الخطوات منع التعرض لشخوص الأنبياء والرسل بالإهانة أو الافتراء. وفي الحقيقة فإن هذه الزيارة التي وعد فيها بابا الفاتيكان بزيارة الأزهر واحترام عقيدة مليار ونصف المليار مسلم سوف تخفف من حدة التوتر التي كانت سائدة بين الطرفين خاصة بعد الاتفاق علي ضرورة منح حرية العبادة ومنع اضطهاد الأقليات المسلمة في أوروبا وآسيا بحكم الأخوة والبشرية.. وبالتأكيد سوف تظهر نتائج هذه الزيارة في إحياء دور المراكز الإسلامية التي يوفد إليها الدعاة المتخصصون الذين يردون علي الافتراء والشبهات التي قد تلصق بالإسلام زورا وبهتانا وبذلك سوف تكون هذه الزيارة بداية جديدة لدور الأزهر الذي يعيد فيه تعريف نفسه للعالم كله. يرفض د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الزيارة من أصلها فيقول: هذا اللقاء لا يختلف كثيرا عن اللقاءات التي تمت من قبل مع هذا البابا وسابقه فالنتائج هي نفس النتائج والمعتقد هو نفس المعتقد والإساءة التي يضمرها هؤلاء للإسلام ورموزه لن تتغير حتي وإن ذهب المسلمون عن بكرة أبيهم إليه وفتحوا صفحة جديدة وذلك لأن معتقد هذا البابا ومن حوله ومن قبله ومن يأتي بعده هي بغض الإسلام وكراهية رموزه.. وقد كان المتوقع أن يعتذر البابا الحالي عما بدر من سابقه من إساءة للإسلام خاصة وأن المسلمين لم يقابلوا الإساءة بمثلها.. وقد كانت سماحة الإسلام هي المسيطرة علي قلوب المسلمين وأفئدتهم فنسوا وتناسوا هذه الإساءة إيمانا منهم بأن يكون بينهم وبين أصحاب الديانات السماوية الأخري وخاصة المسيحيين المودة والألفة كما أمر الله سبحانه.. وقد كان الواجب أن يأتي هذا البابا إلي أي بلد من بلاد المسلمين ليقدم اعتذارا أو ليفتح صفحة جديدة مع المسلمين ممثلا لمن وراءه منهم.. أما ذهاب فضيلة الإمام الأكبر إلي البابا في عقر داره هي إهانة للإسلام وأتباعه لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم الإسلام يعلو" وهذه السفرة لا تحقق ما أمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام. د. آمال عبد الغني أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة المنيا: هذه الزيارة خطوة علي طريق التواصل والتحاور بين الأديان.. فالأديان كلها وإن اختلفت شرائعها فإن مصدرها واحد هو الله سبحانه وتعالي وبالتالي فإن الخلاف بين البشر وليس من رب البشر لأنه سبحانه وتعالي خلق البشر ليعبدوه قال تعالي: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فهذه الزيارة خطوة علي الطريق الصحيح لأن هذا التواصل مطلوب فقد حث الإسلام علي الحوار مع الآخر بحيث يبدي كل طرف رأيه في ظل معتقداته التي يؤمن بها قال تعالي: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" فالأزهر قبلة المسلمين والفاتيكان قبلة المسيحيين.. لذلك نتوقع حلولا لكل المشكلات التي كانت سببا في فتور العلاقة بين الطرفين طوال السنوات السابقة خاصة مواجهة ظاهرة الإرهاب والأفكار المتطرفة من الجانبين فالإرهاب ليس له ديانة ولا ملة وعندما تتلاقي الأفكار سوف تتوافق الرؤي ويتم التوصل لحلول المشكلات المستعصية. أشارت إلي أن الأزهر يفتح بابه دائما بالسلام لكل من يريد التعاون في الخير ولا توجد بينه وبين أية ديانة عداوة أو بغضاء والفجوة التي كانت قد حدثت بين الأزهر والفاتيكان كانت بسبب تصريحات البابا السابق وليس مع المؤسسة الدينية بحد ذاتها التي تربطها بالأزهر علاقة قديمة.. فنحن في وقت نحتاج فيه لتكاتف الجهود والعزائم من أجل مواجهة العنف والإرهاب والتطرف الذي بات يؤرق بال المجتمع الدولي.