تحديث مستشفي قصر العيني القديم من خلال القرض السعودي البالغ ملياراً و300 ألف جنيه مصري هل يؤدي لزيادة الأعباء علي المريض محدود الدخل؟ وما هي أوجه انفاقه بما يضمن خدمة طبية أفضل للمترددين علي هذا الصرح الطبي؟ وحقيقة تراجع مستوي خريجي الكليات الحكومية ومستوي الطبيب المصري بصفة عامة وكيف نضمن ادارة جيدة للمستشفيات تؤدي في النهاية إلي منظومة طبية راقية؟.. كل هذه التساؤلات وغيرها من القضايا كانت محور النقاش مع ا.د.فتحي خضير عميد طب القاهرة.. في البداية سألناه: * هناك مخاوف لدي الكثيرين من تحمل المريض لأعباء اضافية لسداد القرض السعودي الذي حصل عليه المستشفي من السعودية للتطوير فما حقيقة ذلك؟ ** أولا احب ان أوضح نقطة في غاية الأهمية وهي ان اتفاقية القرض لم تكن بين الجانب السعودي وقصر العيني ولكنها بين الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التعاون الدولي والحكومة السعودية ممثلة في الصندوق السعودي للتنمية وبمشاركة وزارة المالية كضامن للقرض ودورنا هو تحديد أوجه الصرف ومتطلبات التطوير ومع ذلك فانني أجزم ان المريض المتردد علي قصر العيني القديم وهو غالبا من محدود الدخل لن يمس من قريب أو بعيد بأي أعباء اضافية وستظل الغالبية العظمي من المرضي تحصل علي الخدمة مجانا وكذلك الطلبة الدارسين في طب قصر العيني لن يحملوا بأي أعباء أو زيادة في المصروفات الدراسية فعندما تم الاتفاق بين القيادتين المصرية والسعودية علي القرض كان الشرط والتوجيه الأساسي للقيادتين هو الابقاء علي المستوي العالي للخدمات مع الحفاظ علي مجانية الخدمات للمرضي المحتاجين وعدم اضافة أي أعباء مادية سواء علي المرضي أو الطلبة وهو ما سيتم الالتزام به ولن نحيد عنه لأي سبب من الأسباب. النقد مطلوب * لكن هناك ايضا انتقادات توجه من بعض أساتذة الكلية بأنه لم تتم مناقشة اتفاقية القرض بشكل كاف فما ردك؟ ** لا جدال علي ان النقاش والحوار بل وتوجيه النقد مطلوب لأنه في النهاية يؤدي إلي تحسين أي سلبيات والقضاء علي أي قصور لو وجدت ولكن غير المطلوب هو الكذب والادعاء بغير الحقيقة فاتفاقية القرض عرضت علي جميع مجالس اقسام الكلية وكذلك مجلس الكلية ودار نقاش جيد فبعض الاقسام طالبت مثلا بزيادة غرفة العمليات الخاصة بها لتحسين الخدمة والجميع تقدم بمقترحاته وسيتم الأخذ بأي رأي قابل للتطبيق لأننا نتعامل مع هذا القرض بشفافية تامة وأعلنا كل ما يتعلق به بدون أي اخفاء حتي لبعض الأمور البسيطة لأن هدفنا الاساسي هو المساهمة في اصلاح المنظومة الطبية بالكامل وهذا لن يتحقق الا باصلاح وتطوير قصر العيني القديم. * وماذا عن الانتقادات التي وجهت من جانب نقابة الأطباء حول القرض السعودي أيضا؟ ** أعضاء مجلس النقابة هم في الاساس زملاء لنا ومنهم من ينتمي إلي قصر العيني سواء كأستاذ أو كان دارسا فيه والجميع لابد ان يكون هدفه هو المصلحة العامة والارتقاء بالمنظومة الطبية ككل ومع ذلك فقد فوجئت بالنقابة تختلق خلافا حول القرض علي الفيس بوك وتطلق مجموعة من الانتقادات حوله دون معرفة التفاصيل المتعلقة به ورغم ذلك قمت بالرد عليهم بنشر كافة الحقائق وتصحيح الصورة المغلوطة ومازلت في انتظار مجلس النقابة أو ممثلين عنه للنقاش وتوضيح الحقائق الكاملة فكما قلت ليس لدينا ما نخفيه خاصة وان هذا القرض خضع لدراسة مستفيضة سواء من الجانب المصري أو السعودي منذ يوليو 2015 إلي أن تم التوقيع عليه مؤخرا في صورته النهائية عند زيارة العاهل السعودي لمصر مؤخرا والذي أؤكد عليه للمرة المائة ان هذا القرض لن يحمل المترددين علي قصر العيني من محدودي الدخل أي أعباء مقابل ما يحصلون عليه من خدمات. صرح تاريخي * بعيدا عن الانتقادات ما هي قيمة القرض تحديدا حيث اعلنت بشأنه ارقام متباينة وما هي الجوانب التي سينفق فيها القرض؟ ** هذا هو في رأيي ما يهم المواطن البسيط الذي يسعي معنا إلي الارتقاء بقصر العيني هذا الصرح التاريخي الذي لا يستطيع أحد ان ينكر اهميته العلمية والاكاديمية أما عن القرض فتبلغ قيمته 450 مليون ريال سعودي أي ما يوازي مليار و100 مليون جنيه مصري وسيساهم بشكل كبير في الارتقاء بالمنظومة الطبية في هذا المستشفي العريق وتم الاتفاق علي 4 أوجه رئيسية للانفاق تم تحديدها بدقة منها تحمل 37% من تكلفة الانشاءات والاصلاحات في المباني والباقي تتحمله الحكومة المصرية التي طلبت الا تزيد نسبة مساهمة القرض في هذا البند عن ذلك بحيث لا يتم تمويل جزء كبير من الانشاءات من خلال الاقتراض بالعملة الصعبة والمجال الثاني تغطية الأجهزة الطبية المطلوبة بنسبة 100% والمجال الثالث هو الانفاق علي الفرش الطبي من أسرة وتروللي لنقل المرضي والمصابين وهذا ليس شيئا هينا كما قد يتصور البعض والمجال الرابع لانفاق القرض هو ترشيد الطاقة الكهربائية التي يستخدمها قصر العيني القديم حيث تصل تكلفة الفاتورة سنويا 40 مليون جنيه وهو مبلغ مرتفع للغاية ويمثل عبئا كبيرا علي الميزانية. 4 بنود * لكن كيف سينعكس ذلك ايجابيا علي مستوي ما يقدم من خدمات للمرضي المترددين علي المستشفي؟ ** هذا القرض بالكامل الغرض منه تقديم خدمة أفضل للمترددين علي المستشفي والمساهمة بالنصيب الأكبر في تنفيذ مشروع قصر العيني 2020 الذي يهدف إلي رفع كفاءة البنية التحتية لتحسين مستوي الخدمات التعليمية والتدريبية إلي جانب تقديم خدمات الرعاية الصحية وخدمة المجتمع والبند الأول الخاص بالانشاءات والاصلاح سيضمن بنية تحتية ومنشآت علي مستوي جيد جدا تمكنا من تقديم خدمة أفضل للمريض محدودي الدخل.. أما البند الثاني المتعلق بالأجهزة الطبية فإن تحديثها وزيادة اعدادها سيساهم مساهمة مباشرة في تقليل قائمة الانتظار لاجراء العمليات الجراحية فنحن سنويا نقوم بحجز 480 ألف مريض لتلقي العلاج يجري ل 300 ألف منهم عمليات جراحية وفترة الانتظار قد تمتد من اسبوع إلي 3 اسابيع خاصة في بعض الاقسام كجراحات المخ والاعصاب والعظام والقلب والأوعية الدموية والتجميل وهذا يعود إلي أن الأجهزة الخاصة بالتحاليل والاشعة التي يتم تحضير المريض من خلالها لا تكفي لمواجهة الاعداد المتزايدة بشكل كبير ومن ثم عند تطوير هذه الاقسام ومدها بالأجهزة المطلوبة فانه يمكنا ان نصل بفترة الانتظار لتتراوح من 3 إلي 10 أيام علي الأكثر وبذلك نكون ضاعفنا عدد العمليات إلي 3 مرات لتصل تقريبا إلي مليون عملية جراحية في السنة بجانب خفض الدورة السريرية أي المدة التي يشغل فيها المريض السرير انتظارا لاجراء الجراحة ومن ثم نستطيع زيادة اعداد المنتفعين من خدمات مستشفي قصر العيني. وفيما يتعلق بالفرش الطبي وأنا أقصد سرير العناية المركزة الذي وصلت اسعاره إلي أرقام فلكية والتروللي الذي يتم من خلاله نقل بعض المرضي باصابات خطيرة كالكسور في العمود الفقري أو الرقبة فهؤلاء يحتاجون إلي تروللي مجهز وفي غاية التعقيد وثمنه ايضا مرتفع للغاية.. أما البند الرابع وهو الطاقة الكهربائية فالفاتورة الخاصة به تكلفنا كما قلت 40 مليون جنيه سنويا بسبب المساحة الواسعة للمباني لدرجة ان مساحة الاسقف مثلا تبلغ كيلو و300 متر فتقدمت لنا كلية الهندسة بجامعة القاهرة بمقترح لكي تستخدم الطاقة الشمسية في الاضاءة بجانب استخدام المخلفات التي تنتج من قصر العيني ويبلغ حجمها 300 طن شهريا وباستخدام التكنولوجيا الحديثة سوف تتحول المخلفات إلي غاز طبيعي وهذان المصدران من طاقة شمسية وغاز طبيعي سوف يغطيان 80% من احتياجاتنا من الكهرباء ولن تزيد تكلفة المحطة الخاصة بذلك علي 5.5 مليون جنيه وتعمل لمدة 20 عاما تقريبا أي اننا سنوفر سنويا بعد تنفيذ ذلك ما يقرب من 5.34 مليون جنيه من تكلفة الكهرباء. مباحثات ألمانية * وهل مبلغ القرض السعودي يكفي للتحديث وتحقيق مشروع قصر العيني 2020؟ ** بالطبع لا ولكنه يمثل الجانب الأكبر من التمويل المطلوب الذي يبلغ 2 مليار جنيه وسنسعي جاهدين لتدبير باقي التكلفة المطلوبة وهناك محادثات جادة مع الجانب الالماني علي هذا الغرض وقريبا سنعلن نتائج مثمرة في هذا الصدد لأننا كادارة قصر العيني مصممون علي ان يتطور هذا الصرح العملاق فهو مازال المستشفي الأكبر في مصر والذي يضم 5200 سرير منها 3200 سريراً مجانياً بالكامل وتمثل 70% من الطاقة الاستيعابية للمستشفي وسيظل هذا الأمر قائما رغم الانتقادات التي توجه إلينا وحتي عندما يتكلف المريض مبالغ مالية فهي تكون ضئيلة للغاية فالمريض مثلا الذي يجري عملية تتكلف ما يزيد علي 40 ألف جنيه قد يقوم بشراء بعض المستلزمات لا تزيد تكلفتها علي 50 جنيها بجانب استقبال ما يزيد علي 2 مليون مريض سنويا. * وأين موقع العنصر البشري من هذا التطوير الذي يجب أن يتولي ادارته اشخاص مؤهلون؟ ** لا جدال في ذلك فأي تطوير في المنشآت والأجهزة لا يصاحبه تطوير في العنصر البشري محكوم عليه بالفشل ولذلك فهناك دراسة وجدول زمني متكامل لميكنة العمل بقصر العيني والنهوض في نفس الوقت بالعنصر البشري بتدريبه علي أحدث المستجدات في هذا المجال ورغم التكلفة التي لا يستهان بها الا اننا لا يمكن ان نهمله لأننا في النهاية نحتاج بشدة إلي الارتقاء بمستوي الاداء ومنظومة العمل بالكامل والدراسة الخاصة بالتطوير وليست قوالب جامدة ولكنها يمكن ان تخضع للتعديل إذا قضت الظروف أو تقدمت مجالس الاقسام بمقترحات وحاليا يجري قسم الصحة العامة دراسة عن ذلك تهدف إلي التحسين الاداري والترشيد المالي للمنظومة. اتهامات خاطئة * وما ردك علي ما يوجه من اتهامات للتعليم الطبي بالتراجع وفقد الطبيب المصري لمكانته في الخارج؟ ** هذه الاتهامات خاطئة جملة وتفصيلا ومجرد ترديد كلمات فارغة يطلقها العض دون ان يدرك حقيقة الأمور وأنا عندي ما أرد علي ذلك سيكون ردي من خلال الكلية التي انتمي إليها واتولي عمادتها فطب قصر العيني يحتل مرتبة متقدمة بين كليات الطب في العالم حيث يقع ما بين المرتبة 300 والمرتبة 350 وهذا الرقم جيد في ظل ظروف عديدة كما ان خريج الكلية يعامل في الخارج مثل خريج اعرق كليات الطب في العالم فمثلا إذا ذهب للعمل في أمريكا فانه عندما يتم امتحانه لا يكون بسبب التشكك في مؤهلاته كما يردد البعض ولكنه يسمي امتحان الرخصة لكي يسمح له ممارسة المهنة هناك وهو ما يحدث أيضا مع الطبيب القادم من انجلترا أو فرنسا للعمل هناك بينما في المقابل هناك بلدان في المنطقة لا يسمح من الاساس لخريجي كليات الطب فيها بدخول امتحان الحصول علي الرخصة وهناك دليل دامغ ايضا علي ان هذا الكلام خاطيء وهو ان 60% من الخدمة الصحية في الخليج يقدمها الاطباء المصريون وهم بالطبع نتاج للتعليم الطبي في مصر وحتي البلدان التي يقال انها اصبحت افضل من مصر في مجال التعليم الطبي في مصر واقصد تحديدا الأردن يوجد منها 420 طالبا أرسلتهم حكومة الأردن علي نفقتها الخاصة للتعلم في قصر العيني بينما عدد الطلاب المصريين الذين يدرسون الطب هناك لايزيد عددهم علي 300 طالب. * لكن رغم كلامك هذا هناك اتهامات لكليات الطب بعدم تطوير مناهجها لتواكب الجديد في العالم فما حقيقة ذلك؟ ** هذا الكلام ايضا خاطيء فنحن في الكلية قمنا بتطوير كبير في هذا الصدد فعلي سبيل المثال طبقنا نظام الطب التكاملي علي الطلاب الذين التحقوا بالكلية هذا العام ولم يعد الطالب يدرس مثلما كنا ندرس في الماضي كل مادة مثل التشريح أو الكيمياء أو الفسيولوجي كمادة مستقلة ولكننا ادخلنا معها بعض المواد الأخري فهو عندما يدرس التشريح يدرس معه جزاً من منهج الجراحة وهكذا في باقي المواد كذلك الغينا درجات الشفوي تماما في السنة الأولي والثانية وفي السنوات التالية تتراوح نسبته من 4 إلي 6 درجات فقط أي ان درجات الشفوي اصبحت لا تزيد علي 9% من درجات الطالب طوال الست سنوات التي يدرس فيها الطب وذلك حتي تكون هناك عدالة تامة ومطلقة ولا نعطي أي فرصة للمحاباة أو المجاملة من خلال هذه الدرجات حتي نحصل في النهاية علي منتج جيد وهو الطبيب المؤهل القادر علي خدمة المرضي والارتقاء بالمهنة. جزئية هامة * وهل توافق علي مطالب البعض بتقليل اعداد الطلاب في كليات الطب حتي نضمن مستوي أفضل للخريج؟ ** هذه الجزئية هامة جدا وتتداخل فيها عوامل عديدة فنحن بالفعل خفضنا من اعداد الطلاب حيث قبلنا هذا العام 770 طالبا من الحاصلين علي الثانوية العامة بينما كان العدد في سنوات سابقة 950 طالبا في المتوسط ولكن لا يمكن ان نستمر في تخفيض الاعداد لأن هناك حداً أدني من الاعداد المطلوبة لتقديم الخدمة الطبية للمواطنين كما ان النسب العالمية بين الاساتذة والطلاب هي 1:3 وهذا ما يحدث في طب قصر العيني وتقليل الاعداد أكثر من ذلك يعني ان نستغني عن اعداد من الاساتذة وهذا في رأيي تهريج لأننا بذلك نمنع الطلاب من الاستفادة من كفاءات طبية نادرة ونحرم الكليات من دراسات وابحاث هامة يجريها الأساتذة. * وهل حصلتم ككلية علي اعتماد هيئة الجودة؟ ** حصلنا علي ذلك منذ عام 2010 بعد أن بدأنا استكمال الشروط التي حددتها الهيئة منذ 7020 وحاليا سيتم تجديد الاعتماد وفقا للقواعد المعمول بهذا كذلك نسعي حاليا للحصول علي الاعتماد الدولي من خلال تطبيق النظم والاشتراطات التي تطلبها الجهة المعتمدة وهذا ليس صعبا فطب قصر العيني يمتلك غالبية هذه الشروط والمؤهلات. حقوق أساسية * هناك من يطالب بخصخصة القطاع الطبي ويري انه السبيل لعلاج السلبيات العديدة الموجودة به فهل هذا مطلوب الآن؟ ** اعتقد ان من يطرحون القضية من هذا المنظور جانبهم الصواب فأنا لا يهمني ان تقام عشرات أو حتي مئات المستشفيات الخاصة فهذا شأن من يتولي اقامتها ويري انها تقدم خدمة طبية جيدة وفي نفس الوقت يجني من خلال ذلك الكثير من الربح ولكن ما يهمني انه لكي يحصل المواطن علي حق من حقوقه الاساسية وهي الخدمة الصحية اللائقة ونحقق له العدالة الاجتماعية بمفهومها الواسع لابد ان نبقي علي الصروح الطبية الهامة مثل قصر العيني الذي يقصده ملايين المصريين من الاسكندرية إلي أسوان عندما يريدون خدمة مجانية جيدة وهذا هو ما يحقق تعادل الميزان وساعتها لن نتخوف من الخصخصة لبعض المستشفيات فنحن عندما نحقق التطوير المنشود سيتحول قصر العيني إلي مقدم للخدمة الطبية أفضل حتي من بعض المستشفيات الشهيرة كما ان تطوير المستشفيات الكبري بشكل عام سيحقق عدة نتائج منها ان المستشفيات الخاصة ستحاول الارتقاء بمستواها الحالي فبصراحة مستوي بعضها لا يرقي من الاساس ان يكون مستشفي وأيضا سيجعل القطاع الخاص يتراجع عن المغالاة في الأسعار بشكل لا يتحمله 95% من المواطنين وحل ذلك ليس بأن يقوم وزير الصحة باعداد لائحة بالأسعار للمستشفيات الخاصة فهذا لا يجب ان يكون ولا يحدث في أي دولة من دول العالم ولكن الحل هو ان نرقي بالمستشفيات الحكومية والجامعية لتكون منافسا حقيقيا لمستشفيات القطاع الخاص والتي لا أجد سوي لفظ "مفتري" لوصف بعضها بسبب الأسعار التي يقدم بها الخدمة الطبية للمواطن دون أي اعتبار لظروفه المادية. مناطق أساسية * لكن كيف يحدث هذا التعادل ومستوي الطبيب في تراجع؟ ** ليس هناك تراجعا ولكننا نريد النهوض بمستواه أكثر وأكثر ولذلك فنحن نحتاج إلي نظام تدريبي أفضل وأقوي مما يحدث الآن وقد اقترح مجلس الكلية في هذا الصدد نظاماً جديداً يري انه سيساهم في الارتقاء بمستوي الطبيب ويتضمن هذا النظام تقسيم الجمهورية إلي 5 مناطق أساسية وكل منطقة تضم مجموعة من كليات الطب القريبة من بعضها البعض فمثلا طب قصر العيني مع طب بني سويف يمثلون منطقة وطب الاسكندرية مع طب طنطا يمثلون منطقة أخري وهكذا في باقي الكليات وتتولي كل منطقة من هذه المناطق الخمس المسئولية الكاملة عن الجزء التدريبي في المستشفيات التابعة للدولة بالمحافظات بحيث يكون في كل مستشفي حكومي ادارة للتدريب يشرف عليها استاذ من كلية الطب وساعتها نضمن ان يتم توحيد النظام التدريبي وفي نفس الوقت إذا أراد الطبيب الشاب ان يسجل للدراسات العليا يكون ذلك من خلال الاستاذ التي يتولي الاشراف علي تدريبه ويتضمن هذا المقترح ايضا عقد امتحان "بورد" خاص بكل منطقة من المناطق بعد اجتياز فترة تدريب محددة. * وماذا عن رأيك في ان يتم تجديد ترخيص مزاولة المهنة للطبيب كل فترة زمنية حتي نضمن الارتقاء بمستواه؟ ** لا خلاف علي ذلك فالتعليم الطبي المستمر ضرورة لا غني عنها خاصة في ظل ما يشهده مجال الطب من تطوير كبير كل يوم ولكن المشكلة في انه يتم التسويق عن هذا التعليم الطبي المستمر بشكل خاطيء وانه سيكون بمثابة امتحان للطبيب وهذا ما يجعل قطاعا كبيرا من شباب الاطباء يرفضونه متصورين انهم سيخضعون باستمرار للامتحانات وتحكم الاساتذة الكبار فيهم وهذا غير حقيقي بالمرة فالنظام يجب ان يعتمد كما يحدث في كل بلدان العالم المتقدمة طبيا علي نظام النقاط بمعني ان الطبيب الذي يحضر مؤتمراً ما له مجموعة من النقاط وإذا حصل علي كورس في تخصص معين له نقاط أخري وأي نشاط علمي يمارسه يحصل مقابله علي نقاط ويكون هذا النظام مرتبطا بمنظومة آلية دقيقة من خلال الكمبيوتر بحيث إذا استوفي الطبيب عدد النقاط المطلوبة منه خلال 5 سنوات مثلا يرسل شهاداته علي الكمبيوتر لاعتمادها ومن ثم تجديد ترخيص مزاولة المهنة من خلال الكمبيوتر أيضا وهذا هو النظام الذي يجب أن يطبق وليس فرض قيود كما يشيع البعض علي الأطباء الشباب ليحول بعض الأساتذة الكبار إلي "فراعنة" يتحكمون في الآخرين. غياب الرقابة * طالب البعض بعودة نظام الانتخاب في اختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات فما رأيك؟ ** هناك فرق بين ادارة قبيلة أو عائلة وبين ادارة موسسة علمية وجامعية فالمسئول عن القبيلة أو العائلة يمكن أن يحابي هذا أو يجامل ذاك أما المسئول عن ادارة مؤسسة علمية فهو مطالب بأن يكون حاسما في تطبيق القانون دون تعنت ونظام الانتخاب الذي هو في رأيي كارثة لا يجب أن تعود ناهيك عن ان المسئول الذي يقوم مرءوسيه باختياره سيكون لديه فواتير عليه ان يسددها لمن منحوه أصواتهم وهذا يجعل منظومة الادارة لا تستقيم ومن ثم لا يمكن ان نحقق النجاح الذي نصبو إليه. * يمثل عنصر التمريض مشكلة خطيرة في المنظومة الطبية فما هو الوضع في طب قصر العيني؟ ** رغم ان لدينا كلية للتمريض ومعهد عالي ومدرسة للتمريض لخريج مساعد فني ورغم محاولاتنا الدائمة لزيادة اعداد الخريجين من خلال العديد من التوسعات الا اننا نعاني من عجز في هذا المجال يصل إلي 30% وهي مشكلة خطيرة فالعالم الآن يعتمد علي عنصر التمريض في الجزء الأكبر من الخدمات الطبية ولا أكون مبالغا إذا قلت ان الممرضة في الخارج تفعل الكثير والكثير للمريض لدرجة انها مثلا عند حمل احدي السيدات تكون هي المسئولة عن متابعتها فيما يتعلق بحالتها الصحية وبرنامجها العلاجي إذا قضت الظروف والدور الوحيد الذي يمارسه الطبيب فقط هو عند لحظة الولادة حيث انه المسموح له فقط بممارسة هذا العمل وحتي نصل إلي هذا المستوي علينا الاهتمام بزيادة اعداد الخريجين من كليات ومعاهد ومدارس التمريض والأهم من الاعداد زيادة كفاءة الممرضة لأنها عنصر اساسي لا غني عنه في المنطومة الطبية. * أخيرا كيف تري مستقبل الطب في مصر؟ ** لن أكون مبالغا أو مجاملا عندما اقول انه لأول مرة في عمري أجد اهتماما كبيرا من القيادة السياسية بالنهوض بالصحة في مصر وتتخذ خطوات هامة في هذا المجال وكذلك في جميع المجالات حيث يتم ترتيب الأوضاع لتهيئة المناخ المناسب لكي تنهض مصر وعلي الشباب ان يكون في هذه اللحظات علي قدر المسئولية ويجتهد ويعمل لأن المناخ أصبح مهيئا وكل ما عليه ان يبذل ما لديه من جهد وطاقة لصالح الوطن ككل وان يكون هدفنا جميعا كباراً وشباباً المصلحة العليا وليس المصالح الشخصية الضيقة فساعتها سيكون المستقبل في الطب وغيره من المجالات أفضل بلا شك.