هذا هو المتوقع من البرلمان المصري أن يوافق بالأجماع علي برنامج الحكومة رغم اعتراض البعض فقد حصلت هذه الحكومة علي اعلان عاجل من لجنة الرد علي برنامجها قبل مناقشته في الجلسات. الغريب أن لجنة الرد في البرلمان قد عقدت اجتماعاً مفاجئاً بين جلستي السبت الماضي وأعلن أغلبية الاعضاء تأييدهم الكامل للبرنامج رغم التحفظات التي ابداها بعض النواب خلال اجتماعات اللجان الفرعية المكثفة علي هذا البرنامج. هذه الموافقة طبيعية جداً فقد توقعتها في مقال الأسبوع الماضي تحت عنوان كيف نقيم الحكومة في ظل المصالح المشتركة بين بعض النواب والوزراء فاذا كان النائب قد حصل علي تأشيرات ومجاملات من هذه الحكومة فكيف يرفض برنامجها حتي لو كان ضد مصلحة الشعب المصري. المهم أن يحصل بعض النواب علي مصالحهم الشخصية التي ترفع رأسهم أمام أبناء دوائرهم ويحصلون علي مجاملات من الحكومة ويوافقون بالثلث علي أي برنامج تقدمه الحكومة والمواطن لا يعنيهم في شيء. ماذا فعل النواب الذين تحفظوا علي ارتفاع سعر الدولار وفواتير الكهرباء وزيادة حدة الفقر وقالوا إن العدالة الاجتماعية لم تكن واضحة بالبرنامج الذي تقدمت به الحكومة فضلاً عن أن الحكومة لم تقدم خططاً عملية لحل أزمة التلوث البيئي والمشاكل الصحية. لقد علق ضياء الدين داود عضو التنمية القطاعية بالبرلمان أن برنامج الحكومة فيه العديد من الوعود البراقة وتحتاج لواقع عملي لتنفيذها مشيراً إلي ان اللجنة بها 11 عضواً توصلوا في النهاية الي ضرورة أن تقدم الحكومة أدلة واقعية لتنفيذ وعودها علي أرض الواقع وقال إن هناك حالة عدم رضا شعبي ضد الحكومة الحالية بسبب زيادة عدد الفقراء وتدني الأجور وارتفاع الأسعار الذي اصاب المصريين بالاحباط ومنها فاتورة الكهرباء والدولار وقال إن الوعود التي قدمتها الحكومة يصعب تنفيذها. كما ركزت النائبة المعينة الدكتورة شرين فراج علي انتقادها لبرنامج الحكومة وقالت للأسف لقد خلا من العديد من المشاكل التي تحاصر المواطنين ومنها غياب الأجهزة الطبية عن العديد من المستشفيات وتردي الخدمات الطبية المجانية وعدم الاهتمام بصحة المواطن غير القادر. في الحقيقة أن هؤلاء النواب لقد تطرقوا إلي مشاكل المواطن المصري وحاولوا لفت النظر إلي سرعة حل مشاكل الشعب المصري لكن معظم النواب لم يحاولوا أن يجرحوا في هذه الحكومة بعد أن حصلوا علي خدمات من الوزراء ولم يستطيعوا أن ينتقدوا هذه الحكومة التي عاملتهم بمنطق "أطعم الفم تستحي العين". اين النائب الجرئ الذي ينتقد الوزير الذي قدم له خدمات خاصة فاذا كانت الخدمات متبادلة بمعني "شيلني واشيلك" وهذا ما حدث بالفعل فقد حازت حكومة إسماعيل علي ثقة البرلمان قبل مناقشته رسمياً. أين نواب البرلمان بمحافظة الغربية من واقعة وفاة طفلتين بعد تطعيمهما هل هاتان الطفلتان لو كانتا من أقارب أو ابناء النواب لتحول المجلس إلي حلبة صراع بين وزير الصحة والنواب لكن الطفلتين من ابناء الغلابة الذين لم يجدوا من يدافع عن حقوقهم. أين نواب البرلمان من تصريحات المركز المصري للدواء الذي فجر مفاجأة من العيار الثقيل وأكد أن هناك غشاً في انتاج عقار الهارقوني المحلي وأن هذا الدواء ليس به أي فاعلية للقضاء علي فيروس "C". أين البرلمان من مناقشة مشاكل المرض غير القادرين في المستشفيات الحكومية أين البرلمان من مناقشة اختفاء العلاج المجاني في المستشفيات. كل أمنياتنا أن نشاهد برلماناً تهمه مشاكل عامة الشعب المصري وليس المصلحة الشخصية واليوم لقد وافقنا علي برنامج الحكومة بعيوبه وغداً سوف نتغاضي عن مشاكل الغلابة والفقراء حتي لو كان ثمنها أرواحهم.. لله الأمر من قبل ومن بعد.