تكشف "المساء" كواليس الفساد في مستشفي بني عبيد بعد 16 عاماً لم يكتمل خلالها تنفيذ الصرح الطبي الذي انتظره المرضي رغم إنفاق 40 مليون جنيه علي مشروع. مستشفي بني عبيد بالدقهلية يعد مثالاً صارخاً لإهدار المال العام الذي لم يتم مواجهته حتي الآن فبعد أن كان مقرر تسليمه في عام 2005 بتكلفة 18 مليون جنيه ونتيجة لتسويق الشركة المنفذة وتقاعسها عن العمل مضي حتي الآن ستة عشر عاماً وتكلفت الدولة 41 مليون جنيه وعلي الرغم من ذلك فإن المبني يعاني مخالفات فنية وهندسية تحول دون استلامه وافتتاحه كي يستفيد منه المرضي في مدن وقري جنوب المحافظة في الوقت الذي تم فيه تشوين الأسرة التي كانت مخصصة للمستشفي بالإضافة إلي وحدات الرعاية المركزة وحضانات الأطفال والأجهزة الطبية الأخري داخل كافيتريا المستشفي لتصبح معرضة للتلف والضياع والمرضي في أمس الحاجة لذلك. الدكتور هرماس رضوان عضو مجلس الشعب الأسبق والذي تبني فكرة إقامة هذا المستشفي يشير إلي تكلفة المبني عند طرح العملية كانت تصل إلي حوالي 35 مليون جنيه إلا أن شركة الجيزة للمقاولات كانت مستميتة من أجل أن تفوز بالمناقصة فعرضت مبلغاً غير منطقي قيمته 18 مليوناً. واعتمدت وزارة التخطيط اعتمادات سنوية لبناء المستشفي للانتهاء منه في عام 2005 وعندها شعرت الشركة بجدية الموضوع وأنها ستحقق خسائر كبيرة فبدأت في التراخي والتقاعس دون أي خطوات من جانب المحافظ أو وزير الصحة لأنها لم تنفذ سوي الدورين الأرضي والأول والهيكل الخرساني لباقي الأدوار المتكررة نظراً لأن المبني في هذا الوقت كان يحتاج لتنفيذه بالشكل المطلوب حوالي ثلاثين مليون جنيه وحينما عرضت الموضوع ثانية علي الوزير والمحافظ سخروا من ذلك وقال لي حولها إلي مزرعة فراخ. هددت برفع الأمر إلي النائب العام عاد المحافظ لمناقشة الأمر واستئناف العمل شرط إلغاء بعض المتطلبات مثل التكييف لمركزي والرخام وما شابه ذلك ودون أية مقدمات هربت شركة الجيزة دون أن يوقع عليها أية غرامات وبدلاً من أن أتدفع الدولة 5 ملايين جنيه هي الدفعة الأخيرة لاستكمال وتسليم المبني في عام 2005 اضطرت الدولة إلي دفع 40 مليون جنيه والنتيجة بكل أسف انتهت إلي إقامة مبني غير مطابق للمواصفات الفنية والهندسية ويحتاج إلي ملايين أخري للمعالجة والترميم. في حين أن المهندسين الذين قرروا استلام الدور الأرضي والأول العلوي رغم معارضة الجهات المسئولة تم عرضهم علي النيابة التي أمرت بحبسهم وتحويل الملف إلي المحكمة المختصة والأسوأ من ذلك المستلزمات التي كان من المفروض تزويدها بالمستشفي لافتتاحها تم تشوينها وتخزينها داخل كافيتير المستشفي وأصبحت عرضة للتلف وهي عبارة عن 150 سريراً ووحدة للعناية المركزة و12 وحدة حضانة للأطفال ووحدة لعناية القلب. يقول الدكتورسعد مكي وكيل وزارة الصحة بالدقهلية أن العمل بالمستشفي قد بدأ في عام 1999 بإشراف مديرية الإسكان علي مرحلتين المرحلة الأولي بمعرفة شركة الجيزة لإقامة الأساسات والهيكل الخرساني والطوب لخمسة أدوار بجانب بعض أعمال الصرف الصحي والمرحلة الثانية بمعرفة شركة الحرمين لتشطيب الأدوار والأعمال الميكانيكية بإجمالي 41 مليون جنيه وعندما شرعنا في الاستلام وجدنا عيوباً كثيرة بمنع استلام المبني وعندئذ رفضت شركة الحرمين إصلاحها باعتبار ذلك مسئولية شركة الجيزة واحتكمنا إلي مركز الدراسات والبحوث بهندسة المنصورة والذي أشار إلي ضرورة المعالجة الجذرية لعيوب المبني خاصة الأسقف الخرسانية وشبكة الصرف وعيوب أخري عديدة وتم عقد اجتماع بحضور ممثلين عن مديرية الإسكان والشركتين في أكتوبر 2013 وانتهينا إلي تنفيذ توصيات مركز الدراسات وإعداد ثانية بمعرفة استشاري المشروع لتنفيذها إلا أننا قد فوجئنا في يناير 2014 بتصميم المديرية علي عدم تنفيذ أية إصلاحات مطالبين بتجديد موعد الاستلام وعليه فقد طالبهم المحافظ بضرورة تنفيذ ما اتفق عليه ثم أرسلوا نائبة في ابريل 2015 مطالبين باستلام المستشفي. تم تشكيل لجنة للمعاينة علي الطبيعة لنفاجأ بوجود شروخ بأعمدة الدور الرابع التي سبق معالجتها فرفضنا الاستلام وعليه اخطرت المديرية السكرتير العام من أجل مخاطبة مركز الدراسات والبحوث بهندسة المنصورة فورد إلينا تقرير غريب من المركز يشير إلي أن المبني آمن إنشائياً ولا يوجد مانع من استخدامه حالياً وفي أغسطس عام 2015 أكد استشاري علي وجود عيوب تمنع الاستلام ومطالبة مديرية الاسكان ثانية بالتنبيه علي الشركتين لعلاج العيوب كل فيما يخصه وكلف المحافظ المديرية أيضا بتنفيذ ذلك للاستفادة من الاعتمادات المهدرة والاجهزة المشونة بالمخازن وعلي الرغم من ذلك لم يتم شيء سوي تشكيل لجنة جديدة أوصت بتشكيل لجنة من وزارة الصحة ثم مخاطبة قطاع الدعم الفني بالوزارة وورد تقرير مكتب الخبراء متضمناً العيوب والملاحظات. أمرت نيابة دكرنس بانتداب خبير إلي موقع المستشفي للتحقق من تنفيذ الإصلاحات من عدمه حيث تبين أن المقاول قد قام بإصلاح وتلافي الملاحظات الواردة بالتقرير إلا أنه لم يتمكن من تجربة شبكة الحريق وإنذاره علي الرغم من وجود الشبكات الخاصة بها وكذا شبكة الغازات والفلترة مشيراً إلي أن المقاول سينفذ ذلك عند استلام الجهة الشاغلة لها وبعدها بأيام معدودات يضيف الدكتور مكي إلي أن إدارة المتابعة بالمحافظة قد عاينت الوضع علي الطبيعة وأرسلت في تقريرها الذي يشير إلي وجود سلبيات عديدة بالمستشفي مطالباً بتشكيل لجنة هندسية محايدة بمعرفة المديرية لمعاينة المستفشي وإعداد تقرير شامل بحالتها وعليه فقد اقترحت المديرية تشكيل لجنة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لإعداد تقرير حول سلامة المنشأ وإجراء الاختبارات اللازمة له علي أن تقوم شركة الجيزة بتحمل كافة التكاليف للازمة لذلك. وخلال زيارة المحافظ حسام إمام للمستشفي للوقوف علي طبيعة الموقف عن قرب وتفقد منشآتها قرر إحالة اللجنة التي تسلمت المرحلة الأولي "الأرض والأول العلوي" إلي التحقيق وإيقاف مدير المستشفي وإقالة المدير الإداري وتشكيل لجنة لفحص وإصلاح كافة العيوب الموجودة بالمستشفي الذي فقد هويته وفشل في تحقيق رسالته نتيجة تشكيل لجنة تلو الأخري وعدم إقدام المسئولين علي اتخاذ قرار صارم وحاسم يعيد الأمور إلي نصابها.