رفض علماء الدين اقتراح د. آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب لإصدار تعديلات علي قانون الأحوال الشخصية يسمح باقتسام الثروة بين الزوجين إذا حدث طلاق حيث يري العلماء أنه يخالف الشريعة الإسلامية وطالبوا د. آمنة والمجلس القومي للمرأة عدم عرض هذا الاقتراح علي البرلمان لأنه سوف يثير فتنة في المجتمع. د. آمنة تري أن القانون الحالي للأحوال الشخصية به الكثير من الثغرات الظالمة للمرأة خصوصا المطلقة وأن الثروة التي يحققها الزوج بعد الزواج تكون نتيجة جهد مشترك بينه وبين زوجته لذلك من الإنصاف تقاسمها قدوة بما يحدث في المملكة المغربية التي هي دولة إسلامية تحتكم للشريعة أيضا. تقترح د. نصير أن يكون هناك تدرج لاقتسام ثروة الزوج للمطلقة بنسب تتفق مع مدة الزواج فمثلا يمكن منح الزوجة 10% من ثروة طليقها إذا كان عمر الزواج 10 سنوات و25% إذا ظلت معه 20 سنة و50% من راتبه أو ثروته إذا استمر الزواج أكثر من 25 عاما وبعدها تم الطلاق.. وتري أن ذلك فيه عدالة لدور الرجل كرب منزل ولحق المرأة في الحصول علي حياة كريمة بعد الطلاق حيث إن الأسرة تتعرض لمحن شديدة بعد موت ضمير الزوج الذي لا يفكر سوي في متعته الشخصية فتكون النتيجة وجود أطفال مشردين في الشوارع ومشكلات لا حصر لها تتعلق بالنفقة والمسكن والحضانة الجيدة للأطفال بعد الطلاق. كما تقترح د. آمنة أن يقدم المقبل علي الزواج إقرار ذمة مالية يوضح ما يمتلكه من ثروة بكل أشكالها بحيث ما يزيد بعد الزواج يكون ثمرة الجهود المشتركة للزوجين ويستحق الاقتسام بالعدل بينهما في حال الطلاق.. كذلك تقترح تقديم وثيقة اقتسام الثروة بشكل اختياري في بادئ الأمر ليوقع عليها المقبل علي الزواج أثناء توقيعه علي عقد الزواج.. مضيفة أن عقد الزواج في الإسلام عقد مدني رضائي يعتمد علي الإيجاب والقبول ويسمح للطرفين بتضمين أي شروط يتفقان عليها طالما ليس فيه مخالفة شرعية. رد العلماء يقول د. أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن الله عز وجل قال "اسكنوهن من حيث سكنتم" وقال "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها".. والنبي صلي الله عليه وسلم بين النفقة الواجبة للزوجة من زوجها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وفرض الله في القرآن الكريم نفقة إضافية للمرضع فقال سبحانه وتعالي "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها". أما فيما يتعلق بالطلاق فإن الله تعالي حدد ووضح مستحقات المطلقة قال الله عز وجل "لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا علي المحسنين" "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح". من هذه النصوص الشرعية يعلم أنها بمثابة المقدرات في الشريعة الإسلامية فهي ثوابت لا تقبل التغيير أو التبديل أو الحذف أو الإضافة في أي زمان ومكان لأنها مسلمات شرعية. وبالنظر فيما تريد بعض الجهات أو الأشخاص الاعتداء علي حدود الله عز وجل ببدعة اقتسام الزوجة أموال الزوج عند الطلاق فهذا مخالف للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا وخير لهؤلاء أن ينشروا ما يحقق الوئام في المحيط الأسري أما تنفيذ أو تقليد ما عند غير المسلمين وما عند غير العرب فأمر مرفوض تماما لأن ما يصلح عند أناس كاجتهادات اجتماعية لا يصلح في المجتمع الإسلامي الذي يقوم فيه فقه الأحوال الشخصية علي الوحي المقدس.. وإن التلاعب بهذه الأحكام يهدد الأمن المجتمعي ويهدم النظام الأسري مثل تقييد تعدد الزوجات وإلغاء الطلاق القولي "الشفهي" والدعوة إلي اقتسام الثروة.. كل هذا مرفوض لمخالفته للشرع المطهر.. ومعلوم أن القاعدة الأصولية الفقهية "المعقول إذا جابه المنصوص فيطرح المعقول" بمعني "لا اجتهاد مع النص".. ويا أيها المتلاعبون بالأحكام الشرعية الثابتة المستقرة "اتقوا الله تعالي فيما بقي من الدين". مخالف للشريعة يقول د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر حرصت الشريعة الإسلامية علي أن يكون لكل من الزوجين ذمته المالية المستقلة عن ذمة الآخر.. ومما يدعم هذا نصوص كثيرة في الكتاب والسنة منها قول الله تعالي "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن" وأوجب الله سبحانه وتعالي علي الرجل أن يعطي المرأة عند الزواج بها صداقها فقال سبحانه "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" وأوجب عليه الإنفاق عليها وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع في خطبته المشهورة "استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف". ولم يجعل الشارع للمرأة حين طلاقها إلا الحصول علي مؤخر الصداق باعتبار أن هذا المؤخر يحل أجله بوفاة أي منهما أو حدوث الفرقة بينهما ولم يوجب الشارع للمرأة علي زوجها إلا أن يمتعها في حال عدم تسمية صداق لها. فلم يدع القرآن الكريم أو السنة شاردة أو واردة تتعلق بحقوق المرأة المطلقة إلا وأتيا بها وليس في هذه النصوص أن المرأة تقتسم مع زوجها الذي طلقها ثروته فهذا تشريع لم يأذن به الله وهو تزايد علي شرع الله تعالي ولا يصح نسبته إلي أي نص شرعي ولم يقل بها فقهاء السلف ولا علماء الخلف والتواضع علي إثبات هذا الحق للمرأة هو تشريع بالهوي ومزايدة علي ما في الكتاب والسنة وإذا كنا نلوح بأننا متمسكون بنصوص الدستور وأن من بين هذه النصوص أن نراعي مبادئ الشريعة الإسلامية فليس من مبادئ الشريعة أن تأخذ المرأة شيئا غير الذي ورد النص عليه في الكتاب والسنة عند تطليق زوجها لها. أضاف د. إدريس أن سن قانون يجعل للمرأة هذا الحق هو تعاون علي الإثم والعدوان لأنها بذلك تصير آكلة لأموال طليقها بغير حق وهو محرم بالنص والذين نصوا هذا القانون مشاركون في هذه المعصية لأنهم سنوا قانونا يقرر هذا الحق علي خلاف الشرع وليس بالضرورة أن تكون المرأة التي طلقها زوجها قد عاونته ووقفت بجواره لاكتساب هذه الثروة فإن واقع الحال يؤكد أن 99% من النساء مستهلكات لا مدبرات ولا مستثمرات ومن ثم فإن تقرير هذا الحق لها علي فرض أنها شاركته في اكتساب هذه الثروة هو فرض بعيد عن الواقع وهو أمر خيالي بحت ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتسب هذا الحق إلي الشرع لأن الحقوق مصدرها الشارع سبحانه وتعالي وهو لم يشرع للمرأة ذلك.