أشفق علي أي دبلوماسي مصري كبير له قدره وتاريخه. يتم ترشيحه لتولي منصب أمين عام جامعة الدول العربية. لقد جري العرف علي أن يكون المرشح وزير خارجية سابقاً أو منتهية ولايته في المنصب الوزاري. حدث ذلك في كل العهود. والأمثلة: محمود رياض عصمت عبدالمجيد عمرو موسي نبيل العربي. لدينا الآن وزراء خارجية سابقين يمثلون قامات تفخر بها مصر ومدرستها الدبلوماسية: أحمد أبوالغيط نبيل فهمي محمد كامل عمرو.. ومحمد العرابي. كل واحد من هؤلاء يصلح لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية. والأرجح أن المرشح الذي طرح الرئيس السيسي اسمه لخلافة الأمين الحالي الدكتور نبيل العربي عند انتهاء مدته في يوليو القادم. هو واحد من هؤلاء الأربعة. وزير الخارجية الحالي سامح شكري يضعه البعض في الصورة كمرشح.. شخصياً أتمني ألا يكون.. فالرجل منذ تولي منصبه يؤدي دوره باقتدار ونجاح.. هدوء مع حسم. وتوازن مع معرفة دقيقة أين توجد مصلحة مصر ومازلنا في حاجة إليه وإلي دوره. فإذا كان المرشح واحداً من الأربعة وزراء السابقين فأعتقد أن نبيل فهمي هو من يمكن التوافق عليه. المشكلة ليست فيمن يصلح للمنصب. ولكن في المنصب نفسه. إن منصب أمين عام جامعة الدول العربية لا يضيف إلي أي من هؤلاء شيئاً.. بل الأرجح أن يأكل من تاريخ من يتولاه منهم. ويقتطع من قدره لدي الرأي العام المصري والعربي. فالمنصب يغل يد وفكر وقدرات من يتولاه. ويقيد حركته. ويجعله أسير إرادات إقليمية وأجنبية متضاربة وأحياناً متقاطعة. ويضعه في مرمي نيران الشعوب العربية التي تنسب إليه وإلي الجامعة كل أخطاء وبلايا الحكومات. دون أن تدرك أن الجامعة ليست سلطة فوق هذه الحكومات. وإنما هي وعاء يجمعها.. وكل وعاء بما فيه ينضح. ولذلك. فكل وزراء الخارجية الذين تولوا هذا المنصب. انطفأ بريقهم به. وخفت توهجهم فيه. فلم يعد أحد يذكرهم إلا كوزراء خارجية ناجحين. ولولا رصيدهم هذا. لقذفهم الناس بالحجارة. في ظل هؤلاء مثلاً. تم تسليم العراق للاحتلال الأمريكي. وليبيا للغزو الأطلنطي. وسوريا لحرب عالمية مصغرة بين كل القوي العالمية والإقليمية الكبري.. وللأسف لم يقدم أحد منهم استقالته. ولا حتي لوح بها أو احتج. لم تعد الجامعة بيتاً لاحتواء مشاكل العرب. بل غطاء لتدويلها. كل منظمات العالم الإقليمية والقارية التي ظهرت بعد الجامعة العربية طورت نفسها وأصلحت داخلها. وساهمت في تقدم ووحدة شعوبها وحماية مصالحها إلا الجامعة العربية. يكفي أن آخر رمز لفاعلية الجامعة. وهو التقاء الزعماء والقادة العرب في مؤتمر القمة العادي السنوي لكي يفعلوا أي شيء لشعوبهم ولمنطقتهم وجامعتهم أصبح هذا العام في مهب الريح تلقيه كل دولة إلي أخري وكأنه عار ينبغي التخلص منه. أو ماض يستحق دفنه. لذلك أشفق علي من سيتولي هذا المنصب.. خسارة.