ربما يلحظ المتأمل لتطورات الاحداث أن عمليات طالبان في افغانستان لم تعد تحتل موضعها المتقدم بين أخبار العالم. وأن توتر العلاقات بين الكوريتين هدأ. وتهديدات الشمالية للجنوبية متباعدة. أشبه بالتأكيد علي ان الخلاف لايزال قائماً. ولعلنا نلحظ أن انتصار اليمين علي اليسار في فنزويلا لم تعقبه احتجاجات ولا اتهامات بالتزوير. تقبل الرئيس الفنزويلي نتيجة الانتخابات. ووعد بأن يواصل النضال السلمي. كل شئ هادئ في الميدان الغربي علي اسم الرواية الشهيرة. الامر في وطننا العربي يختلف إلي حد التضاد. ثمة اسرائيل التي تجد في انشغال الاقطار العربية بصراعاتها ضد القوي الخارجية ما يحرضها علي تجدد عملياتها داخل أراضي فلسطين من قتل وتدمير ومحو للهوية الفلسطينية. انشغلت الفصائل الليبية بصراعاتها للسيطرة علي الحكم. بما أتاح للتنظيمات الارهابية أن تتسلل وتفرض وجودها علي معظم الاراضي الليبية. وخاصة السودان حرباً قاسية. انتهت- للاسف- بانفصال الجنوب عن الشمال. أما إقليم كردستان فهو يضع رجلاً داخل الدولة الأم. ورجلاً خارجها. ينتظر الفرصة المواتية لإعلان الانفصال. والفصائل السورية التي تقاتل ضد النظام تضاعف عددها إلي حد انقسامها في مباحثات بين العديد من العواصم. كل عاصمة تستقبل فصيلاً. والاتهامات متبادلة بأن الممثل الحقيقي للمعارضة السورية في كل تلك الفصائل غير موجود! وطننا العربي هو بؤرة الاحداث في العالم. تعددت المؤامرات لاستلاب ثرواته ومقدراته. فأوعزت إلي حاكم العراق بحرب لامعني لها. دفعت أقطار الخليج لانهائها مبالغ هائلة دخل معظمها خزائن حكومات الغرب. وشركات الاسلحة. وأفسدت العلاقات بين الاقطار العربية المتجاورة. وبين أبناء القطر الواحد. فاصطبغت خريطة الوطن العربي بالحمرة نتيجة القلاقل والصراعات والحروب الاهلية. سكت الغرب عن تحويل تنظيم القاعدة عملياته إلي الوطن العربي. كان قد موله ورعاه ليحارب الوجود الروسي في افغانستان وبعد ان خرج الروس. نقل القاعدة انشطته إلي العالم الاسلامي والوطن العربي بخاصة لم يتحرك الغرب ولا رفع صوتاً إلا بعد ان تصور القاعدة في نفسه القدرة علي مواجهة الغرب. وكان ضرب المركز التجاري بنيويورك نهاية شهر العسل بين واشنطن والقاعدة. وإن حاولت المخابرات المركزية الامريكية ان تفيد من ظاهرة التنظيمات المتأسلمة داعش والنصرة وبيت المقدس وغيرها في تغيير الاوضاع في المنطقة العربية. بمعني اضعاف قدراتها العسكرية والاقتصادية فيسهل تنفيذ مخططات الغرب لتحويل أقطار الوطن العربي إلي وضع التبعية للغرب. وإلي وضع الادني بالقياس إلي تعاظم خطر الكيان الصهيوني. إذا كانت قواتنا المسلحة قد أوشكت علي تصفية جيوب الارهاب في سيناء. فإن الخطر- كما تحدث الرئيس السيسي- يطل علينا من تحركات داعش علي الحدود المصرية الليبية وهو ما يفرض تنبهاً واستعداداً ليس علي مستوي القوات المسلحة فحسب. وإنما علي مستوي الشعب كله.