إذا كنت ألح في ضرورة أن تتصدي القوي العربية - بعيداً عن التدخلات الأجنبية - للمؤامرات التي تتهددها. فإن ذلك ما يجدر بدول العالم الثالث ان تحرص عليه في مواجهة التنظيمات المتطرفة. التدخل الأجنبي - في الأغلب - لا يقل خطورة عن الحركات المتطرفة. وقد ثبت أن الكثير من تلك الحركات قامت بتمويل أجنبي. وبدعم لوجستي وتدريبي مهد لها الأرض كي تشن حروب الغدر ضد الشعوب الآمنة. والمثل نتعرف إليه في التدخل الجوي الأمريكي ضد داعش. تدعي أن الخطأ هو الذي دفع طياريها إلي إلقاء حمولتهم من الأسلحة والذخائر علي مواقع عصابات المتأسلمين. بدلاً من ان تلقيها علي مواقع الجيش العراقي - علي سبيل المثال - أو كتائب المقاومة الشعبية ليردوا علي أعمال التدمير والإحراق والذبح وغيرها من الجرائم البشعة. أساليب التآمر الغربي ضد الشعوب تكاد لا تتغير منذ تسلل إلي حضارات الهنود الحمر - أثبت العلماء الغربيون وجود حضارات متقدمة - فنشر الخلافات والتطرف والفتن والحروب. ثم جعل من نفسه وسيطاً ومناصراً للحق. حتي انتهت الحروب إلي استيلائه علي الأرض. واقتصاد دور أصحاب البلاد الأصليين علي السير في مقدمة مهرجانات الاستقلال. كنوع من المظاهر الفولكلورية المرفوضة! التسلل الغربي إلي افريقيا لم يتغير عما حدث في كل العالم. وعلي حد قول الحكيم الافريقي فقد قدم الاستعمار الغربي إلي افريقيا وفي يده الانجيل. وفي يد الأفارقة الأرض. ثم صار الإنجيل في يد الأفارقة والأرض في حوزة الاستعمار! كانت نهاية الحرب العالمية الثانية بداية صحوة شعوب العالم. ومن ثم تقلص النفوذ الاستعماري. وأسهمت ثورة يوليو بدور يصعب إغفاله لتحرير دول القارة. ولعلي أذكر الزعامات التي عبرت عن امتنانها لمصر عبدالناصر في وقفتها المناصرة لدول القارة حتي حصلت علي استقلالها: موديبو كيتا. جوليوس نيريري. باتريس لومومبا. أحمد سيكوتوري. كوامي نيكروما. حتي حكيم إفريقيا الراحل نلسون مانديلا عبر عن اعتزازه بالدور المصري في دعم ثورات شعب جنوب افريقيا ضد محتليه من الأوروبيين. تجمع دول القارة السمراء منظمة هي الوحدة الافريقية. تقضي لوائحها بالتحرك العسكري ضد أي محاولات لإحداث الفتن والانقلابات في دول القارة. أخذ قادة المنظمة قرارهم نتيجة الانقلابات المتوالية في دول القارة. منذ انقلاب الشاويش موبوتو - بتحريض ودعم من دول الاستعمار - علي الزعامة الوطنية التي كان يمثلها لومومبا. لم يسلم كل القادة التاريخيين من عمليات انقلاب واغتيال لإزالة الحكم الوطني. وإحلال حكم يدين بالعمالة للغرب. قد يجد البعض في تلك اللائحة مصادرة لسعي الشعوب في تقرير مصيرها. وهو قول حق يراد به باطل. لأن العنف الدموي واجه الملايين من أبناء هذا البلد أو ذاك. في تحركهم الرافض لمحاولات إعادة الاستعمار من الشباك! لماذا التدخل الفرنسي والأمريكي في الأحداث الأخيرة في مالي؟ هل عجزت مالي - وهي دولة مهمة في القارة - عن تصفية المخربين. بقواتها الخاصة. أو بقوات من منظمة الوحدة؟ لماذا نترك أمننا إلي الأجنبي بكل ما ينطوي عليه ذلك من احتمالات الخطر؟ لماذا لا نعهد إلي دول منظمة الوحدة الافريقية بدرء الأخطار التي تواجهها القارة. بعيداً عن التدخلات الأجنبية؟!