أمضيت يومين في مدينة بورسعيد وعدت وأنا أردد فعلاً ينطبق عليك يا بورسعيد ما ينطبق علي أحوال بلدنا كلها.. فإذا كان هناك من يبني ويخلص النية لهذا البلد العظيم فإن هناك أيضاً من يهدم سواء بالإهمال أو بالعمد.. فالطريق إلي بورسعيد يشهد نهضة غير مسبوقة حيث انتهي بالفعل الجزء الواصل إلي الإسماعيلية وأصبح حضارياً بكل معني الكلمة.. حارات واسعة.. إضاءة حديثة.. رصف مطابق للمواصفات.. ارشادات وإشارات ومطبات حديثة عند التقاطعات والملفات.. أما الجزء بين الإسماعيلية وبورسعيد فالعمل فيه يجري علي قدم وساق لتوسعته وتطويره وبالتالي يكون الطريق كله من القاهرة حتي بورسعيد قد تحقق له ما يستحقه من تطوير وتحضر بعد أن كان السير عليه خاصة ليلاً يمثل معاناة لا تخلو من المخاطرة. هذا عن اليد التي تبني ولنا عودة إليها أما اليد التي تهدم فسوف تستقبلك بمجرد أن تدخل بورسعيد للأسف شوارع غير نظيفة فوضي في كل شيء حتي الانضباط المروري الذي كانت بورسعيد تتميز به حل محله فوضي جعلت السير في شوارعها عذاباً يستوي في ذلك السائر علي قدميه أو من يركب سيارته.. ننتقل إلي ضاحية بور فؤاد التي كانت بحق نموذجا للجمال والنظافة والانضباط المروري حتي انني عندما زرتها لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن بهرني أن سكانها يلتزمون بإشارات المرور من أنفسهم ولم يكن هناك عسكري مرور واحد!! بورفؤاد الآن حالها لا يسر عدوا ولا حبيبا انتقلت إليها عدوي الاهمال لكنه إهمال متعمد يهدف لقتل الجمال ونشر القبح.. النظافة غابت.. الفيلات أصابها ما أصاب فيلات العاصمة وامتدت إليها معاول الهدم لتحل محلها أبراج مرتفعة غيرت من المعالم ومن النمط المعماري الذي كان يميز تلك الضاحية التي كانت ساحرة بحق.. إذا اكملت طريقك لتلقي نظرة علي بحر بورفؤاد سوف تصاب بصدمة وتقف مذهولا تتحسر علي ما كان!! لن تصدق عينيك وانت تري الطريق إلي البحر وقد تحول إلي مقلب للزبالة ومخلفات الهدم وستقف حزينا بحق وانت تتابع تلال القمامة وقد اكلت نصف الشاطئ تماما وتناثرت لتلوث ما تبقي منه!!.. ويبدو انهم يستخدمون الشاطئ والطريق المؤدي إليه كمقلب عمومي لقمامة الحي كله ولأن الفوضي معدية فالأهالي يلقون فيه مخلفات الهدم والتشطيب مما جعل الوضع مأساويا ومحزنا ويتطلب التدخل السريع لانقاذ بورفؤاد قبل فوات الأوان. نعود لليد التي تبني فاثناء عبورك من والي بورفؤاد ستجد تطورا ملحوظا في المعديات التي تنقل الأهالي وفي الطريق المؤدي إليها حيث أقاموا مظلات جميلة ومضاءة ومزودة بارشادات حديثة.. النهضة التي يشهدها طريق بورسعيد من صنع جيشنا العظيم والاضافة التي شهدتها المعديات من صنع هيئة قناة السويس وهذه هي اليد التي تبني والتي نلقي عليها كل الاحمال والمسئوليات بينما تركنا اليد الهدامة تعبث عامدة لأن المحاسبة والمتابعة غائبة وهي أوضاع خاطئة لابد من تصويبها وبشدة أن اردنا إصلاحا بحق.