اليوم، قطع الكهرباء عن عدة مناطق في 3 محافظات لمدة 5 ساعات    توقيع مذكرة تفاهم بين "الاتصالات" و"الاعتماد والرقابة "بشأن التعاون فى تنفيذ التطوير المؤسسي الرقمى    حسن الخطيب يترأس اجتماعات الدورة الرابعة لمجلس وزراء التجارة بمجموعة الدول الثماني النامية D-8    حماة الأرض واليونيسف تبحثان سبل تمكين الشباب والعمل المناخي    روبيو: فنزويلا توفر موطئ قدم للحرس الثوري الإيراني وحزب الله    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    مطروح للنقاش.. نجاح خطة ترامب لحصار الإخوان وتأثير طموحات ماسك على منصة إكس    اختفى فجأة، اللحظات الأخيرة ل يوسف محمد لاعب نادي الزهور داخل حمام السباحة (فيديو)    بالأسماء: مصرع 5 وإصابة 13 في حريق مول ومخزن بسوق الخواجات بالمنصورة    موعد صلاة الفجر..... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر2025 فى المنيا    ترامب: سوريا قطعت شوطًا طويلًا إلى الأمام.. ومهمة «الشرع» ليست سهلة    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    «أحكام الإدارية» تُغير خريطة البرلمان    5 محاذير يجب اتباعها عند تناول الكركم حفاظا على الصحة    عاجل الأمم المتحدة تعتمد قرارًا يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي المفروض على الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967    ناهد السباعي: "فيلم بنات الباشا كان تحديًا.. والغناء أصعب جزء في الشخصية"    اجتماعات سرّية في باكستان وتركيا بعد تحركات ترامب لتصنيف الإخوان إرهابيين    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    5 وفيات و13 مصابًا.. ننشر أسماء المتوفين في حريق سوق الخواجات بالمنصورة    متحدث الصحة: قوائم بالأدوية المحظورة للمسافرين وتحذيرات من مستحضرات خاضعة للرقابة الدولية    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    إعلان طاقم حكام مباراة الجونة وبترول أسيوط في كأس مصر    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    نصر الله يحرز تقدما على عصفورة المدعوم من ترامب في انتخابات هندوراس الرئاسية    سوريا تعلن إحباط محاولة تهريب ألغام إلى حزب الله في لبنان    بيترو: أي هجمات أمريكية على أراضي كولومبيا ستكون إعلان حرب    مدير نجدة الطفل: حوادث المدارس تكشف خللاً تربوياً وضرورة تشديد العقوبات لحماية الأطفال    مصر توسّع حضورها في الأسواق الأفريقية عبر الطاقة الشمسية والتوطين الصناعي    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    إحالة أوراق المتهم بقتل زميله داخل ورشة لتصنيع الأثاث بأشمون للمفتى    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    تحت شعار "متر × متر"، مكتبة الإسكندرية تفتح باب التقديم لمعرض أجندة 2026    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    النيابة العامة تُنظم برنامجًا تدريبيًا حول الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي    التنمية المحلية ل ستوديو إكسترا: توجيهات رئاسية بتحقيق العدالة التنموية في الصعيد    بروتوكول تعاون بين نادي قضاه جنوب سيناء وجامعة القاهرة    أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    استمرار تعثر خطة الصين لبناء سفارة عملاقة في لندن    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقلب القطامية.. حزمة كوارث
نشر في الوفد يوم 04 - 10 - 2015

ظاهرة انتشار الحرائق في العديد من المواقع تثير الكثير من التساؤلات وتدفع بنظرية «المؤامرة» لتفرض نفسها من جديد.. ومن أحدث تلك الحوادث تلك التي شهدها مقلب القطامية والذي تسبب في تلوث الهواء الناجم في انبعاث غازات شديدة الخطورة.
غير أن الكارثة لم تتوقف عند هذا الحد حيث كشفت عن عدة جرائم ترتكب في حق عمال شركات دفن القمامة والمخلفات الطبية شديدة الخطورة فضلاً عن تهديدها لحياة المواطنين القاطنين بالقرب من المكان ومن المفارقات ان الحكومة التي ظلت علي مدار عقود تتجاهل حقوق الفقراء في حياة خالية من التلوث وصل إهمالها للأثرياء أيضاً حيث يوجد بالقرب من المواقع العديد من الفيلات التي يقطنها «كريمة المجتمع» في التحقيق التالي تكشفت العديد من الكوارث خاصة بالنسبة للأوضاع المأساوية لعمال الشركة الإيطالية، «أما العرب» فضلاً عن عمال شركة «ألبا» حيث يحيا هؤلاء في ظل أوضاع بالغة الخطورة فضلاَ عن تعرضهم لمعاملة سيئة في ظل إهمال الجهات المسئولة التي تركت كلتا الشركتين تمارس التنكيل بالعاملين وسلب أبسط حقوقهم.
حققت» الوفد» في اسباب الحريق الهائل الذي حدث بمقلب القمامة بالقطامية، حيث تصاعدت سحب الدخان الملوث بشكل كثيف ما تسبب في إصابة العديد من الأسر التي تسكن بالقرب من المقلب بالامراض، كما انعدمت الرؤية للسائقين علي الطريق الدائري المؤدي للمقلب.
فتوجهنا إلي المقلب التابع لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، والذي تبلغ مساحته حوالي 712 فداناً، وبدا واضحاً أن تلال القمامة المتراكمة تحيط به من كل جانب ولا تجري عملية دفن صحي للنفايات التي تصل للمقلب من الأحياء بل تظل متواجدة بالمكان لمدة يومين أو ثلاثة، كما أن عملية الدفن لا تتم بشكل سليم حيث من المفترض أن تغطي الرمال أكوام القمامة التي تدفن ولكن هذا ما لا يحدث حيث تظهر النفايات علي سطح الرمال كما أن المعدات التي تستخدم في دفن النفايات معظمها متهالك وتحول إلي خردة لا يوجد إلا عدد قليل من عربات النقل والجرارات.
وتحدثنا مع العاملين بالمقلب والتابعين للشركة الإيطالية الحاصلة على حق انتفاع من محافظة القاهرة لاستغلال القمامة فى مصنع سماد، على بعد أمتار من المقلب، وبناء مدفن صحى لدفن الفائض عن حاجة المصنع، تمهيدا لتحويله إلى حديقة عامة أو ملعب جولف، حيث حذرنا أحد العاملين من السير في المقلب حيث تتناثر قطع الزجاج في كل مكان والروائح الكريهة تنبعث من تلال القمامة، في مشهد صادم حيث لا توجد رقابة من الدولة.
سر حريق القطامية
رغم أن وزارة البيئة والفرع الإقليمى لجهاز شئون البيئة بالقاهرة الكبرى تمكن من السيطرة على حريق مقلب القطامية بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية؛ منها محافظة القاهرة والحماية المدنية وهيئة النظافة والتجميل وجهاز مدينة القاهرة الجديدة وإحدى شركات تدوير المخلفات. وقد تم الدفع بعدد 12 لودراً عملاقاً و6 سيارات قلاب وحفار وبلدوزر، بالإضافة إلى 6 سيارات مطافئ وخزانات حجم 35 مترًا لاستكمال أعمال السيطرة على مقلب القمامة، إلا أن الحريق الضخم في مقلب القطامية يشير إلي تقاعس جهات عديدة عن أداء عملها، مع أن الرئيس عبدالفتاح السيسي شدد دائماً علي أن مصر تحاول جاهدة التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري خلال كلمته في الأمم المتحدة، فتقاعس بعض المسئولين يهدم اي محاولة للنهوض بالبلاد أو تحقيق ما يأمله الرئيس.
وعن سر حريق المقلب، قال «محسن سليمان» أحد العاملين بالشركة: «إن تراكم القمامة في المقلب وعدم دفنها فور وصولها للمقلب مع ارتفاع درجات حرارة الجو تسبب في إشعال النيران، بسبب تحلل المواد العضوية وترك القمامة عرضة للهواء دون تغطيتها بالرمال لعزلها عن الجو خاصة أنها تحوي علي ورق – كرتون، مشيراً إلي أنه حوالي 500 طن من القمامة تصل إلي المقلب كل 8 ساعات.
وتابع» سليمان»: «إن القمامة التي تصل إلي المقلب تظل من يومين إلي ثلاثة حتي تدفن، فتأخير ميعاد الدفن يتسبب في نشوب العديد من الحرائق التي تحدث طول الوقت ولكن المحافظة لا تعرف عنها شيئاً، لافتاً إلي أن المحافظة ووزاراة البيئة علمتا بالحادث الأخير بسبب ضخامة الحريق الاشتعال عن أي وقت ماضي.
وأكد عامل آخر يدعي «سمير محمد»: «أن الشركة حصلت على حق انتفاع من محافظة القاهرة لاستغلال القمامة في مصنع السماد وعمل مدفن صحي للفائض من حاجة المصنع تمهيدًا لتحويله إلى حديقة عامة، وهناك محاولات من جهاز مدينة القاهرة الجديدة للسيطرة على المدخل بالقوة رغم عدم انتهاء مدة حق الانتفاع التي ستنتهي في 2017.
وذكر «محمد أمين» عامل بمقلب القطامية: «أن عمال المدفن يشتكون من الدخان، بسبب أعمال الحرق المتكررة، ويعانون خلال مبيتهم فى المساكن التى خصصتها لهم الشركة، مشيرًا إلى أن جهاز مدينة القاهرة الجديدة يقوم بتأجير المقلب إلى بعض الشركات القمامة الخاصة، ولا يتدخل لوقف أعمال الحرق المستمرة».
وأكد «أمين» أنهم قاموا بعمل عدة محاضر فى قسم الشرطة بسبب تضرر نحو 150 عاملا بالشركة المسئولة عن عملية دفن القمامة، حيث أصيب بعضهم بنوبات اختناق شديدة، ومع أن الشرطة قامت بمعاينة المقلب وطلبت من العاملين المتضررين التوجه إلي وزارة البيئة لعمل شكوي فإن مسئولي محافظة القاهرة ووزارة البيئة لم يستمعوا إلي شكوانا وأكدوا لنا أنه لا يحق لأي عامل التضرر أو تقديم شكوي لأنهم لا يملكون أرض المدفن وليس لهم صفة يتحدثن بها.
كل شهود العيان يشيرون إلي وجود جهات من مصلحتها استمرار الحرائق المدمرة للبيئة ولصحة الإنسان بالمقلب وذلك من أجل كسب المزيد من الأموال.
قال «محمد حسن» عامل بالمقلب: «إن إشعال النيران يتم بشكل عشوائى، فهناك سيارات نصف نقل تابعة لبعض الشركات الخاصة، التى من مصلحتها أن تحرق اليوم لتخلى مكانا لإلقاء القمامة في اليوم التالي، خاصةً أن الرقابة الحكومية تغيب عن مقلب القطامية الممتلئ بالمخلفات الملقاة فى عرض الطريق الدائري المؤدي إلي المقلب، لتشير إلى حجم المأساة.
وأشار عدد من العاملين إلي أنهم يقومون بفرز القمامة للحصول على البلاستيك والحديد وكل ما يصلح لإعادة التدوير، ويضطرون أحيانا إلى حرق القمامة لفلترة الورق والأشياء غير الثمينة للحصول على المواد الصلبة، ما يجعلهم رغم إنكارهم للأمر، أحد المسئولين عن الدخان الكثيف الذى يخرج كل ليلة من تلك المنطقة.
فتش عن الإهمال
لا شك أن تراكم القمامة يجلب العديد من الأمراض سواء للعاملين بها أو العديد من ملايين المواطنين نتيجة الحرائق التي تنشب في المقالب وتصاعد الأدخنة التي تتسبب في انعدام الرؤية وضيق التنفس.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور «أحمد عبدالوهاب» الخبير البيئي: «إن تراكم القمامة بالمقالب وحرقها له أضرار جمة منها انبعاث غازات الصوبة وفي مقدمتها غاز الميثان الذي يؤدي إلي تخمر القمامة الناتجة عن نمو بلايين من الكائنات الحية الدقيقة والكبيرة، حيث يتسبب غاز الميثان أحياناً في حرائق هائلة لا تخمد بالمياه، علاوة علي ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وأضاف «عبد الوهاب» أن العلماء قدروا كمية الغازات الناجمة عن حرق طن من القمامة بحوالي 300 – 600 متر مكعب من الغازات منها الميثان وثاني اكسيد الكربون والنتروجين والتي تلعب دوراً هاما في إحداث تفاعلات كيمائية تؤثر تاثيراً مباشراً علي طبقة الأوزون، ولا تتوقف أضرار القمامة عن الغازات السامة والمدمرة بالبيئة بل تعد بيئة خصبة لتكاثر الفئران وغيرها من الحيوانات التي تنقل أخطر الأمراض للإنسان كمرض الطاعون والكوليرا والإسهال وغيرها، بالإضافة إلي الأمراض الاجتماعية التي تنتشر في المجتمع كالاكتئاب والعنف.
وحَمَّل «عبد الوهاب» الشركات الخاصة مسئولية ما يحدث الآن من تلويث متعمد للبيئة والتسبب في حرائق بالمقالب خاصةً، متهماً المسئولين بالإهمال في محاسبة هذه الشركات مع ضعف الرقابة.
وأكد أن المسئولين يهدرون المال العام حيث تصرف سنوياً مليارات الجنيهات لجمع القمامة التي لا تزال منتشرة في كل مكان ولا تستطيع الدولة وضع خطة للقضاء عليها، فضلاً عن إهدار مساحات شاسعة من مساحة مصر، فالمقالب التي سيتم نقلها إلي مكان آخر يبقي أثرها السلبي طويلا مشيراً إلي أنه حتي لو قامت المحافظة بنقل مقلب القطامية لمكان آخر تجنباً للآثار السلبية الناجمة عنه، فلا يمكنها استغلال مساحة المقلب لأي مشروع آخر لأن الأرض أصبحت غير صالحة.
بلطجة الشركات
لا يتوقف حجم مأساة مقلب القطامية عند تقاعس الشركة المسئولة عن عملية الدفن أو عدم الرقابة المتواصلة لمحافظة القاهرة، فعندما توجهنا إلي المقلب للتحقيق في سر الحريق الذي نشب وجدنا اللواء «طلعت بهجت» وعرفنا بعد ذلك أنه صاحب شركة «ألبا» لمعالجة المخلفات الطبية الخطرة وقام بركن سيارته الخاصة فوق جبل المقلب ويراقب من بعيد عربات نصف نقل تابعة لشركته تقوم بتفريغ المخلفات الطبية التي تقوم الشركة بتجميعها من المستشفيات في المقلب رغم قرار المحافظة بعدم إلقاء أي مخلفات عضوية في المقلب المخصص فقط في استقبال ودفن المخلفات الصلبة.
وعندما حاولنا تصوير ما يجري والتحدث مع صاحب الشركة غضب بشدة وتفوه بألفاظ بذيئة وادعي في البداية انه المسئول عن المقلب ومنعنا من التصوير، ولكننا نجحنا في التقاط صور تكشف عن جرائم تهدد صحة المصريين من خلال دفن النفايات السامة.
وقال أحد العاملين ويدعي «عبد المحسن سرحان» إن الشركة المذكورة مغلقة بالشمع الأحمر منذ فترة طويلة بقرار من محافظة القاهرة، وغير مسموح للشركة بإلقاء أي مخلفات عضوية في المقلب أو مزاولة مهنتها، ولكن صاحب الشركة ضرب بقرار المحافظة عرض الحائط ولا ينفذ القرار فيومياً يأتي لتفريغ المخلفات الطبية التي تجمعها عربات شركته مستغلاً بذلك عدم المراقبة الدائمة للمحافظة ورئيس الحي، مؤكداً أن العمال لا يستطيعون الاعتراض علي صاحب الشركة وأعماله غير القانونية واعترفوا بأنه يهددهم بالاستمرار في حال إذا بلغنا المحافظة.
وقال رئيس هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة «حافظ السعيد»: «إن شركة «ألبا» اخترقت القانون بإلقائها القمامة العضوية في المقلب، مؤكداً أنه تم اغلاق الشركة بالشمع الأحمر وصدر قرار بعدم مزاولة مهنتها وهي دفن النفايات الصحية الناجمة عن المستشفيات.
وأضاف «السعيد» أنه في أوائل عام 2018 سيتم نقل مقلب القطامية إلي مدينة بلبيس، مؤكداً أن محافظة القاهرة ووزارة البيئة اتخذتا الإجراءات اللازمة حيث قامتا بعمل محضر في النيابة العامة ضد «شركة أما العرب» لإلزامها بدفع تعويضات نتيجة الخسائر التي تسبب في إحداثها وهو تراكم القمامة في المقلب لأيام وعدم دفنها مباشراً فور وصولها، ما أسفر عن الحريق الهائل الذي نشب بالمقلب بسب تولدغاز الميثان الذي اشتعل مع ارتفاع درجات حرارة الجو.
أوضاع مأساوية للعاملين
ليس وضع المقلب هو فقط المتردي، بل اوضاع العاملين بشركة «أما العرب» لا تقل سوءاً عن وضع المقلب، إذ يشتكي هؤلاء من تدهور أوضاعهم والأمراض التي تصيب بعضهم بسبب مهنتهم وهي فرز القمامة ودفنها.
وقال «عيد محمد» عامل بشركة «اما» إن أوضاع العاملين سيئة للغاية بسبب غياب وسائل الوقاية من الامراض الناجمة عن تعاملهم المباشر مع القمامة، فلا (كمامات ولا قفازات ولا أحذية خاصة) بهذه المهام الخطرة فقط يرتدون تي شيرت عليه اسم الشركة، مؤكداً ان العديد من العاملين أصيبوا ومنهم من أصيب بجروح وندبات في جسده، والبعض الآخر يشكو من حساسية في عينه وعدم قدرته علي الرؤية بشكل واضح.
وأكد «رجب أحمد عبد الرحيم» عامل فرز قمامة: «أنه يعمل بالشركة منذ 3 سنوات ويتقاضي550 جنيهاً شهرياً، أما «سيد جمال عويس» (26 عاماً) فيعمل بالشركة منذ 4 سنوات ويتقاضي نفس المبلغ، أما أحمد عبدالمجيد فيعمل منذ 11 عاماً ولا يتقاضي سوي 840 جنيهاً.
ولا تتوقف مأساة العمال فقط علي المرتبات الضعيفة التي لا تكفي إعالة أسرهم، فضلاً عن سوء المسكن الذي يقطنون فيه والذي لا يصلح للحياة الآدمية فالروائح الكريهة تنبعث من كل مكان منه بسبب القمامة، فهو عبارة عن أسرة من حديد فوق بعضهما ولا يوجد مراتب عليها بل بطنية مفروشة لكل عامل، أما الأرضية مفروش عليها حصيرة ممزقة، والجدران مشققة من كافة الجوانب، هكذا هو حال مسكن العمال الذين يعيشون فيه طوال الوقت ولا يسمح لهم بأخذ إجازة إلا يوماً واحداً في الأسبوع.
وتحدث «محمد عبدالسميع» قائلاً: «نقضي معظم الوقت في الشغل فضلاً عن نومنا في المساكن الرديئة الخاصة بالشركة، ومع ذلك لا تقدم الشركة إلينا أي وجبة إفطار وتقتصر وجبة الغداء علي سندويتش بطاطس مقلية وباذنجان والعشاء وجبة فول، هكذا حياتنا طيلة الوقت.
وأكد «جلال فتحي» أنهم لا يستطيعون الاعتراض علي أي قرار تتخذه الشركة ولا حتي عن أوضاعهم المعيشية، لأن سيكون مصيرهم إما فصلهم من العمل أو السجن بتهمة تعطيل مصالح الشركة خاصةً أن الشركة لا تتورع عن إلصاق أي تهمة بالعامل وفي النهاية يعيش العمال أوضاع مأساوية بعيداً عن أي حماية حكومية.
ثم توجهنا إلي مصنع إعادة تدواير القمامة التابع للشركة، لننظر إلي حال العمال في المصنع حيث لا يقل مأساة عن وضع سابقيهم، فلا توجد أي وسائل حماية تحمي العمال من تعرضهم للخطر الناجم عن الآلات التي يتعاملون معها في المصنع أو القمامة التي يقومون بفرزها قبل دخولها للماكينات لإعادة تدويرها.
وهناك عثرنا علي أحد العمال الذي بدا عليه آثار المعاناة ويدعي «مصطفي محمد»: حيث قال: «لا يوجد أي وسائل وقاية تحمينا من المخاطر الناجمة عن تعاملنا المباشر مع القمامة، مشيراً إلي أنهم يقومون بفرز القمامة بأيديهم ولا يرتدون أي قفاز ولا توجد أي وسائل حماية لهم من قبل الشركة.
وأكد «مصطفي» أن مصير العديد من العمال معروف فعندما يمرض أي عامل يكون جزاؤه الطرد ولا يعوض عما لحق به أمراض وأخطار، لافتاً إلي أن بعض زملائهم أصيبوا بجروح في أيديهم وأرجلهم بسبب قطع الزجاج والدبابيس والإبر وغيرها المتواجدة في النفايات التي يقومون بفرزها.
ومع تصاعد الأتربة المستمرة من المصنع أثناء عملية التدوير، يصاب مئات العمال بأمراض في الرئة بحسب ما ذكره «أحمد فوزي» عامل بالمصنع، مؤكداً أنه يعاني من حساسية شديدة في عينيه فضلاً عن عدم قدرته علي التنفس في كثير من الأوقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.