سافرت إلي انطاليا بتركيا لحضور اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد العالمي للكتاب السياحيين. اختار تيجاني حداد رئيس الاتحاد منتجع انطاليا التركي لعقد الاجتماع في إحدي القري السياحية الضخمة هناك.. وبالمناسبة عدد الغرف فيها نحو 600 غرفة ويمكن تقديم الطعام لأكثر من 1200 شخص في وقت واحد. والواضح ان الأتراك في هذه المنطقة بل وربما غيرها يجيدون صناعة السياحة إجادة تامة.. وهائلة ولا يعوقهم أي عائق.. حتي ان الانفجارات التي حدثت هناك.. استطاعوا احتواءها بصورة أو بأخري لدرجة انها لم تحدث أي تأثير علي الحركة السياحية بعكس ما يحدث في البلاد العربية وعندما حدث الحادث الإرهابي الأخير في تونس.. سارعت بعض دول العالم بنشر تحذيرات لعدم السفر إلي مصر!! وكان هناك سؤال ملح بالعلاقة بين ما حدث في تونس والحركة السياحية في مصر ولماذا كانت التحذيرات..؟ وهذا ما حدث أيضاً لكل الدول العربية السياحية فإذا وقع حادث مهما كان تافهاً تسرع أبواق الدعاية الغربية إلي "الطنطنة" له وتسرع الدول في نشر تحذيراتها بعدم السفر..؟ والواقع ان مشاكل السياحة في الشرق الأوسط كانت محور المناقشات في هذا الاجتماع.. والحقيقة ان الاتحاد العالمي الذي يضم في عضويته عدد لا بأس من دول العالم يمكنه أن يؤدي دوراً بارزاً في إلقاء الأضواء علي دول العالم السياحية ومميزاتها ومشاكلها ويمكن أيضاً إجراء دراسات إقليمية ليقوم بها الكتاب السياحيون في الدولة التي تجري حولها الدراسة.. ثم يتجه أعضاء الاتحاد إلي هذه الدولة لزياراتها والوقوف علي أهم معوقات السياحة فيها وكيفية علاجها.. ومن الممكن أيضاً له أن تقام كل سنة سابقة لأحسن بحث أو مقال سياحي مما ينشره الأعضاء.. وغير ذلك من الأفكار التي وعد تيجاني حداد بدراستها خاصة انهم انتهوا إلي دراسة إجراء تدريبات للكتاب السياحيين الشبان. نعود إلي تركيا وعلي الرغم من انها بلد سياحي يأتي إليه عشرات الملايين من السياح كل عام وبه أعداد ضخمة من الفنادق والموتيلات إلا انني لاحظت كثرة عدد "القطط" الضالة وأيضاً الكلاب وقد ظننت في البداية ان هذه الكلاب أطلقتها الشرطة إلي الشوارع لاقتفاء أثر الإرهابيين ولكنني اكتشفت في النهاية انها كلاب ضالة كثيرة وتتجول بين الناس في الشوارع.. أما المرور فهو مزدحم جداً.. العربات تغلق الشوارع من كثرتها ويقال ان سبب ارتباك المرور يرجع إلي تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية وإنشاء خطوط مترو أنفاق جديدة. ولكن هناك معاناة أخري يعاني منها السياح علي وجه الخصوص وهي معاملة سائقي سيارات الأجرة وابتزازهم للركاب وعلي الرغم ان معظم السيارات بها عدادات.. إلا انها لا تعمل أو مغلوطة ويتعامل السائقون بأسلوب "الفصال" وعند سداد القيمة يقومون باستبدالها بخفة غريبة كأي نشال ويدعون ان الراكب دفع قيمة أقل ويبدأ النزاع وعادة ينتصر السائق ويلهف أضعاف أضعاف القيمة المتفق عليها أما إذا كان السائح ناصحا وقوي البنية فإنه سيستعين بالبوليس.. وبالفعل يحصل علي حقه وزيادة. وفي تركيا مزارات سياحية كثيرة ولهذا فإنني لم أدهش عندما وجدت مطاراتها التي زرتها مزدحمة بشكل غريب بآلاف السياح وطوال اليوم.. والواضح ان للأتراك قدرة تسويقية فنية بعكس الحال عندنا. وفي جميع الأحوال فإن المقاصد السياحية المصرية تفوق كثيرا المقاصد التركية.. ولكن القدرة الدعائية والتسويقية عندنا مازالت تعيش علي الفكر القديم.. وفي رأيي ان وزارة السياحة تشكل عائقاً لتنشيط الحركة السياحية. فالشركات تعتمد في الترويج والدعاية علي الوزارة.. والوزارة لا يوجد لديها فكر دعائي.. بالإضافة إلي انه ليس مطلوباً منها في الواقع أن تقوم بأي عملية ترويجية أو دعائية لأنها مهمة صاحب الشركة السياحية أو المنتجع.. والمفروض انه هو الذي يقوم بالتحرك في الأسواق السياحية فينطلق ومعه البرامج والأسعار ويعرضها علي الشركات المنظمة للرحلات. وأتذكر انني في سنة من سنوات الستينيات من القرن الماضي أن قابلت في باريس المرحوم حسن صادق وعرفت منه انه صاحب شركة سياحة وجاء إلي باريس ومعه حقيبة بها برامج رحلات متعددة.. وأتذكر قوله ان رجل السياحة الناجح يجب أن يكون مستعداً دائماً ببرامج متنوعة وأسعار مناسبة ولديه القدرة علي الإقناع.. بصراحة أشك ان هناك من يفكر مثل هذا التفكير خصوصا من رجال السياحة حديثي العمل في هذا المجال. ولهذا فإن تنمية الحركة السياحية إلي بلادنا لن تحدث في ظل الاعتماد علي الوزارة ولكن يجب أن تتحرك الشركات والمنتجعات ويسافروا إلي مختلف الأسواق السياحية في العالم للتسويق والترويج من خلال برامج جيدة والدعاية الجيدة للمقاصد السياحية خاصة الجديدة منها. يكفي القول بأن الأقصر وأسوان والحمد لله بعيدتان عن الارهاب إلا إن السياحة انحسرت عنهما وبقي أصحاب الفنادق والبازارات ينعون حظهم دون أن يتحركوا وينطلقوا للتسويق والترويج.. وكفي انتظاراً لدعاية وترويج الحكومة.