في اسطنبول انعقد المؤتمر الثاني والخمسون للاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين، وتابع 250 صحفيا يمثلون 54 دولة في العالم تجربة مصر السياحية، من خلال كلمة وزير السياحة زهير جرانة، وشرح فيها المشاكل التي واجهت السياحة العالمية في العام الماضي، ورغم هذه التحديات نجحت مصر في تخطي الأزمات والوصول بأعداد السياح إلي 12.5 مليون سائح وحققوا دخلا وصل لحوالي 11 مليار دولار، ثم تواصل هذا النجاح بزيادة المعدل إلي 20٪، والمتوقع أن يرتفع عدد السياح لمصر إلي 15 مليون سائح بنهاية هذا العام. في السوق السياحي هناك دولتان فقط في منطقة الشرق الأوسط، تستحوذان علي 80٪ من الحركة السياحية الوافدة، الأولي تركيا.. وبالذات اسطنبول الجميلة التي تعتبر »فاترينة« هذه الدولة، وبما تحتويه من كنوز ومقومات سياحية، وتستقبل 30 مليون سائح سنويا، أما الدولة الثانية فهي »مصر«.. أم الدنيا.. كما يردد الجميع، لكنها تستقبل عدد سواح أقل من تركيا، فقد بلغ عدد السياح الذين زاروها خلال العام الماضي 12.5 مليون سائح، وبين الدولتين يجري تنافس غير معلن بالطبع. بين مصر وتركيا وقد تندهش عندما تعلم أن عدد السياح المصريين الذين يزورون تركيا أكثر من عدد الأتراك الذين يزورون مصر، والأرقام وحدها تتكلم، فكما ذكرت مستشارنا السياحي باسطنبول السيدة نهاد كمال الدين، فإن عدد المصريين الذين زاروا تركيا عام 2009 بلغ 67 ألفا بينما عدد الأتراك الذين زاروا مصر في نفس العام حوالي 50 ألفا رغم ظروفهم الاقتصادية الأعلي منا (متوسط الدخل 11 ألف دولار في السنة). وأسباب ذلك متعددة أولها رخص رحلات المصريين لتركيا، فالشركات في القاهرة تنظم رحلات »شارتر« بشكل منتظم طوال شهور الصيف، وكل المناسبات المختلفة كالأعياد وشم النسيم، حتي أنهم بدأوا من الآن »مثلا« يعلنون عن رحلات لأسطنبول في عيد الأضحي المبارك، والأسعار تبدأ من ألفي جنيه شاملة الطائرة والفنادق، في حين أن أقل سعر معلن للسائح التركي لزيارة القاهرة بالطائرات »الشارتر« حوالي 400 يورو (3200 جنيه مصري)، وتصل إلي 1700 يورو بالنسبة لفنادق الخمس نجوم في مصر (أكثر من 13 ألف جنيه مصري). الحملة بدأت مبكرا وتركيا ميزانية حملاتها الدعائية 100 مليون دولار في السنة علي مستوي العالم، بينما ميزانية مصر لنفس الهدف 40 مليون دولار سنويا، بالإضافة إلي أن تركيا بدأت حملتها الدعائية لمصر منذ أربع سنوات، في حين بدأتها مصر في يناير من العام الحالي بشكل مكثف، فقد كنا نستخدم الوسائل الدعائية الإعلانية العادية، لكن التواجد المصري لأول مرة الآن وصل لتنظيم الحملات في الشوارع التركية وبدأ الأتراك يعرفون عن مصر الكثير بعد حملتين رائعتين الأولي تمت في يناير وفبراير شملت اسطنبول وأزمير وأنقرة، والثانية اشتركنا في معرض »إيمت« كضيوف شرف، وكانت النتائج إيجابية، واهتمت الصحف ووسائل الإعلام التركية ومحطات التليفزيون هناك بالمشاركة المصرية التي كان علي رأسها زهير جرانة وزير السياحة، ورئيس هيئة تنشيط السياحة عمر العزبي في زيارات متتالية حققت دعاية جيدة لبلادنا. أهم مقصد سياحي وبدأ الأتراك يقتنعون بزيارة مصر كأهم المقاصد السياحية في المنطقة العربية وبدأت تسمع الآن أتراكا يتحدثون عن انطباعاتهم الرائعة عن شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان والقاهرة، وخصوصا بالنسبة للشباب التركي لتمضية شهر العسل في ربوع مصر الساحرة، حيث يتم معظم زواج الأتراك في شهور الربيع والصيف. وبدأنا نجني الحصاد إذ زاد عدد السياح الأتراك بنسبة 49٪ في الشهور الخمسة الأولي من عام 2010، وكانت بصمات المستشار السياحي المصري باسطنبول السيدة نهاد كمال الدين واضحة في ذلك الحصاد. وكان المؤتمر الثاني والخمسون للاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين في مدينة اسطنبول رائعة الجمال، وكان التواجد المصري ملحوظا في هذا المؤتمر السنوي الهام الذي يعقد كل عام في مدينة سياحية بالعالم، وكانت اجتماعات المؤتمر علي ثلاثة مستويات: مجلس الإدارة وهو مشكل من شخصيات عامة من منطقة دول البحر المتوسط ويرأسه التيجاني حداد (تونسي وكان وزيرا للسياحة)، ونائبه مصري الكاتب الصحفي المعروف صلاح عطية، ثم مجلس المديرين، فالجمعية العمومية. كلمة وزير السياحة وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وجه وزير السياحة المصري زهير جرانة كلمة هامة ألقتها نيابة عنده السيدة أميمة الحسيني (المستشار الإعلامي للوزير والمتحدث الرسمي لوزارة السياحة)، وهي بالمناسبة شخصية راقية حظيت باحترام جميع الوفود المشاركة، وشرحت في كلمتها تجربة مصر السياحية بكل اقتدار، عندما ذكرت أن مصر استطاعت مواجهة التحدي الذي واجهته صناعة السياحة العالمية منذ عام 2008، وعلي امتداد 2009، ومطلع عام 2010، حيث بدأت الأزمتان العالميتان المالية والاقتصادية، وأزمة أسعار النفط، وانتشار مرض إنفلونزا الخنازير، وأخيرا الاضطراب في حركة الطيران العالمية نتيجة بركان أيسلندا في أبريل 2010، واستطاعت مصر تخطي هذه الأزمات والوصول بأعداد السياحة إلي 12.5 مليون سائح في عام 2009 وتحقيق 120 مليون ليلة سياحية.. ودخل سياحي وصل إلي 10.8 مليار دولار، وأعرب الوزير في كلمته عن ثقته في أن هذا النجاح سيتواصل في عام 2010 مع زيادة معدلها 20٪ حتي نهاية العام ليصل إجمالي عدد السياح 15 مليون سائح. تقدم سياحي ملحوظ كذلك أشار الوزير في كلمته أمام وفود 48 دولة أن مصر تحقق تقدما كبيرا في السوق السياحي التركي وبزيادة قدرها 49٪ عن العام الماضي، وأن أهدافنا للمستقبل أكثر طموحا، فنحن مصممون علي تأكيد أن مصر مقصد سياحي يتمتع بطلب ثابت ومستقر في هذا العالم المتغير، وعلي الرغم أن مصر عرفت دائما بتميزها بتراثها التاريخي والحضاري الرائع، إلا أن التنوع الكبير فيما تقدمه مصر يكمن في التجارب والخبرات التي لا حصر لها التي يمكن للسياح القادمين إلي مصر أن ينعموا بها، خاصة شواطئها المتميزة والفريدة، وصحاريها الساحرة، ومطبخها الرائع، وطقسها الجميل طول العام، وأهم من هذا كله الدفء، وكرم الضيافة اللذان يشتهر بهما المصريون، وكل هذا يجعل مصر مقصدا لامثيل له. وقد شكر وزير السياحة في كلمته الكتاب السياحيين العالميين أعضاء المؤتمر علي جهودهم في دعم السياحة المصرية، وعبر في ختام كلمته عن شكره لاختيار الاتحاد لمصر لعقد مؤتمره السنوي فيها في عام 2012، قائلا: إن مصر ستستقبلهم بكل ترحيب، وبكل ما عهد عنها من كرم الضيافة. وقد صفق أعضاء المؤتمر طويلا للفيلم الدعائي القصير عن المعالم السياحية لمصر بعد كلمة الوزير، معبرين عن آمالهم أن يروها علي الطبيعة بعد عامين في مؤتمرهم بعد القادم، حيث من المنتظر أن يعقد مؤتمر العام القادم في رومانيا. توصيات هامة للمؤتمر وفي ختام أيام المؤتمر، وقبل أن يستعد أعضاؤه للسفر إلي مدينة »بودروم« أكبر منتجعات تركيا، صدرت عدة توصيات هامة منها: دعوة الحكومات لمساندة صناعة السياحة لدورها الرئيسي في الاقتصاد العالمي، وكذلك الاقتصاد الوطني لكل دولة، وقدرتها علي النهوض بشعوب العالم وتعزيز روابط الصداقة والتعارف بين الشعوب. والمطالبة أيضا لهذه الحكومات بأن تخفف من الأعباء الضريبية علي صناعة السياحة، حيث تجني من الأرباح وعوائد السياحة ومن تحريك أكثر من 75 خدمة وصناعة مرتبطة بها أضعاف ما تجنيه من الضرائب التي تحد من قدرة السياحة وتعرقل مسيرتها. كما أوصي الاتحاد العالمي للصحفيين والكتاب السياحيين باستمرار أعضائه في دعمهم للسياحة. جولات سياحية لاسطنبول والحقيقة فقد كانت الحكومة التركية مضيافة مع أعضاء هذا المؤتمر عندما نظمت لنا جولات سياحية رائعة للتعرف علي معالم مدينة أسطنبول التاريخية العريقة التي كانت في يوم من الأيام عاصمة للدولة العثمانية لسنوات طويلة، والتي تعتبر أجمل مدن تركيا علي الإطلاق بموقعها الفريد علي مضايق »البوسفور« و»الدردنيل« وتربط البحر الأسود بالأبيض.. زرنا أهم جوامعها الشهيرة ومتاحفها العالمية العريقة، وقلاعها الحصينة، ورحلاتها البحرية الساحرة بين القسم الأوروبي والآسيوي علي ساحل البوسفور، والذي ليس له مثيل في مدن العالم كنقطة التقاء الشرق بالغرب، وأسواقها المترامية التي تحتفظ بطابعها القديم، بالإضافة إلي »المولات« الضخمة التي تحتضن أرقي الأزياء لآخر خيوط الموضة.