طبعاً هناك خلل في وزارة الكهرباء.. وهذا الخلل ليس مسئولاً عنه الوزير الحالي الدكتور محمد شاكر. وإن كان يتحمل جزءاً من المسئولية.. الوزارة علي مدي سنوات عديدة اهتمت بتوفير الكهرباء لكل المستخدمين قدر الإمكان.. سواء للإضاءة أو المصانع أو غيرها.. ولكنها في الوقت نفسه أهملت الصيانة لكل مرافقها. وسقوط كابل للكهرباء نتيجة للطقس السييء في الإسكندرية الذي أدي إلي وفاة 6 مواطنين هو نتيجة لهذا الإهمال.. وهي نتيجة طبيعية لسوء حال كل المرافق في مصر.. كهرباء.. مياه.. مدارس.. مستشفيات.. قطارات.. مساجد.. شوارع وطرق.. قمامة وغيرها مما لا تستطيع الذاكرة حصره في هذه العجالة. وحتي بعد قيام ثورتين إحداهما مرت عليها ما يقرب من 5 سنوات والثانية مر عليها سنتان ونصف السنة لم تنتبه الحكومات المتعاقبة لهذا الخلل. ولم تبد أي اهتمام بإصلاح ما أفسده الدهر في هذه المرافق. أسلاك كهرباء مكشوفة في الشوارع تهدد حياة الناس بالموت صعقاً.. وأكشاك كهرباء تركت دون عناية وبدون تفتيش عليها وبعضها يمكن أن يؤدي إلي كارثة.. وأعمدة كهرباء أكل الدهر عليها وشرب دون أن يمر موظف عليها ليقال إن هذا "العمود" يحتاج إلي صيانة أو تغيير.. وكابلات كهرباء إن لم تهدد حياة الكبار فهي نذير شئوم للأطفال الذين يملأون الشوارع وخاصة طلاب المدارس.. وغيرها. هل فكر أحد من الوزارة أو فروعها بالمحافظات أن يمر علي أبراج الكهرباء ليعرف مدي صلاحيتها من عدمه.. كنا نسمع إلي عهد قريب عن عمليات تفجير لهذه الأبراج من قبل الإرهابيين.. ثم تبقي هذه الأبراج عرضة لعوامل الجو. ما شهدته مدينة الإسكندرية خلال الأيام الماضية من تقلبات جوية مفاجئة أدت إلي وقوع كارثة حقيقية حيث عصفت الرياح والأمطار الغزيرة وكرات الثلج التي اجتاحت المدينة أدت إلي انهيار كابل كهرباء ترام فلقي ستة مواطنين مصرعهم!! وهذه الكارثة تتحملها الوزارة بالاشتراك مع المحافظة.. ففرع الوزارة بالإسكندرية لم ينكر لحظة واحدة في موضوع صيانة أبراجه وكابلاته وأكشاكه. ولم يقم أي موظف فني بالمرور علي هذه الخدمات ليكتب تقريراً عنها حول ما إذا كانت صالحة أو كانت في حاجة إلي صيانة أو تغيير. والمحافظ نفسه الدكتور هاني المسيري الذي قدم استقالته لم يتخيل أنه مسئول عن محافظة ساحلية يمكن أن تتعرض لتقلبات مفاجئة.. وقد فاجأتها أمطار وعواصف رعدية وثلوج أغرقت الشوارع بالكامل وجعلت الناس عاجزين عن السير فيها.. وكان المحافظ يتعرض لهجوم شديد منذ أن تقلد منصبه وقد جاءت الفرصة ليزاد الهجوم عليه. ألم يكن من اللائق أن يستعد المحافظ المستقيل لهذا الجو السييء ويأمر الأجهزة التابعة له بالكشف علي بلاعات المياه وتشغيلها بالكفاءة اللازمة؟! وألم يكن من اللائق أيضاً أن يطمئن علي رفع القمامة من الشوارع استعداداً لهذا الطقس؟! مفروض أن كل محافظة لها خصوصية معينة بحيث يكون تعيين المسئول عنها ملماً بهذه الخصوصيات. حتي رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل لم يتحرك ويسافر إلي الإسكندرية إلا بناء علي توجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي.. فهل نحن دائماً ننتظر الأوامر للبدء في هذه التحركات؟! لقد تعودنا جميعاً نحن المصريين علي عدم التفكير في المستقبل.. نعيش اللحظة الراهنة.. ثم ننتظر ما تأتي به الأيام.. وهذه صفات الإنسان الكسول المهمل الذي لا يقدر الأمور حق تقديرها ولا يهتم بمفاجآت الأيام.