المفروض أن هناك أسساً وقواعد لاختيار الوزراء والمسئولين الكبار الذين بيدهم صناعة القرار.. ولكن يبدو أن الوضع في مصر قد اتسم في أحوال كثيرة بالمجاملات أو سد خانات أو اختيار من يقبل المنصب.. عرفت مصر تشكيل الحكومات في 28 أغسطس 1878 وكان عدد الوزراء لا يزيد علي أربعة ثم تم زيادتهم إلي ستة وزراء.. وتطور العدد ولكنه لم يزد بأي حال من الأحوال علي 11 وزيراً قبل ثورة 23 يوليو 1952 وبعدها.. لم يكن هناك رابط لعدد الوزراء حتي أنهم زادوا علي 33 وزيراً.. وفي التشكيل الأخير لمجلس الوزراء تقرر تقليص عددهم من 36 وزيراً إلي 33 فقط.. ولكن فجأة أعلن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أنه تقرر تعيين نائب لكل وزير.. وضرب مثلاً بتعيين نائب للعشوائيات لوزير الاسكان وآخر للتدريب والتعليم الفني كنائب لوزير التربية والتعليم.. والواضح انه سيكون لكل وزير نائب.. إننا في ظل الرغبة الأكيدة للإصلاح بصفة عامة ومن خلال المنظومة الحكومية بصفة خاصة.. كنت أري أن تبدأ هذه الحكومة في دراسة التوسع في اللا مركزية.. ومن غير المعقول وقد اكتظت القاهرة عن آخرها بالأبراج السكنية وازدحمت بالسكان وامتلأت بالسيارات.. وأصبح المرور مكدساً ومرتبكاً ويثير كل أنواع الغيظ. بصراحة لقد اختنقت القاهرة اختناقاً كاملاً ومع شدة الحر لم تعد تطاق.. وفي الوقت نفسه مازال الاهتمام يزداد بالقاهرة.. رغم أن هذا الاهتمام لا يبدو له أي تأثير مع زيادة الضغط وكثرة الناس.. ولهذا لماذا الاصرار علي المركزية وأن كل قرار لابد أن يصدر من القاهرة.. من هنا أقول إن حل المشاكل لن يكون سهلاً.. وكل ما يحدث هو مجرد مسكنات سرعان ما تزول وتعود المشاكل أكثر عنفاً واستفحالاً.. وكنت أري أيضاً وهذا مجرد اقتراح أن يتم نقل الوزارات إلي المحافظات.. وهذا الاقتراح يهدف إلي صحة الحد من عدد السكان في العاصمة.. حيث يتم نقل موظفي كل وزارة إلي موطنه الأصلي في محافظة من المحافظات.. ومعني ذلك أن موظفي 33 وزارة مركزة في القاهرة سيتم توزيعهم علي 26 محافظة.. وبهذا يتم تقوية الجهاز التنفيذي لكل محافظة بهؤلاء الموظفين الذين اكتسبوا خبرات من خلال عملهم في الوزارة التي كانوا يعملون فيها. ولكن هناك بعض الوزارات التي لا يمكن نقلها مثل وزارات الخارجية والداخلية والدفاع.. أي الوزارات ذات الطابع السيادي والتي يرتبط عملها بالعاصمة.. أعود فأقول إن نقل الوزارات إلي المحافظات سيؤدي بالتأكيد إلي مزيد من الانتاج الذي يتم في ضوء المعطيات الميدانية والواقعية.. لأن كل المعلومات ستكون متوافرة.. من حيث متطلبات المواطنين.. والوسائل التي تؤدي إلي التنفيذ.. واعتقد أنه حتي بالنسبة للتمويل فإن من أهالي كل محافظة من يمتلك أراضي وأموالاً كافية وتدخلهم في طبقة الأثرياء وبالتالي يمكنهم الاستثمار في بلدهم.. هذا من جهة ومن جهة أخري فإن كل محافظة لديها دليل كامل للأراضي الخلاء والمشروعات المطلوبة وعدد التلاميذ في أعمارهم المختلفة وعدد المدارس.. القائمة والمراد انشاؤها.. وعدد المساكن المأهولة والشاغرة. ومدي احتياج المحافظة إلي مساكن أخري.. وقد تبين أن كل الوزارات غير السيادية لا تعمل إلا في المحافظات وبالتالي فإن ازدواج السلطة ومشاكلها أمر وارد فالوزير يريد السيطرة علي المحافظة. والمحافظ يعتبر نفسه حاكم الاقليم وقد لا يعجبه قرار للوزير والعكس صحيح.. اذن لماذا هذه الازدواجية في السلطة.. وقد سبق أن كتبت مراراً حول هذا الموضوع وأعطيت مثالاً علي وزير التربية والتعليم الذي يختص بالثانوية العامة واعتماد نتيجتها بينما المحافظ يختص بالشهادة الاعدادية.. كلام غريب فعلاً. وفي بداية العام الدراسي الحالي شاهدت وزير التربية والتعليم في زيارة لإحدي المدارس في محافظة من المحافظات وبرفقته محافظ الاقليم.. وتساءل بعض الخبثاء من يرأس من.. هل الوزير يرأس المحافظ أم المحافظ حاكم الاقليم هو الذي يرأس الوزير..؟!!! بصراحة هذا الاقتراح في حاجة إلي دراسة.. وهل تنقل الوزارة بأكملها أو يتم نقل معظمها وترك من يمثلها في القاهرة للتنسيق بين المحافظات كلها وأن تكون علي علم بما يجري في كل محافظة.. وإذا كان هذا الاقتراح لا يلقي وسائل التنفيذ العاجلة.. خصوصاً وأنه في السبعينات من القرن الماضي صدر قرار بإنشاء مجمع للوزارات في مدينة السادات.. ولكنه فشل فشلاً ذريعاً لعدم امكانية التنفيذ وظهرت المشاكل بنقل الموظفين إلي هذا المجمع.. مع عائلته.. فلم يفكر المسئولون في كيفية تسكينهم بالسادات.. ومن هنا فإن عملية نقل الوزارات يلزم أن تتم في اطار شامل بين الموظف وأسرته والحالة الاجتماعية والسكانية. علي أي حال فإن مثل هذا الاقتراح سيحتاج إلي مزيد من الوقت ولا اعتقد أن الحكومة الحالية تستطيع تنفيذه ولكن الأمل في أن تتخذ الاجراءات التي يمكن علي أساسها التنفيذ حتي ولو بعد أعوام.. ولكن هناك فكرة أخري.. لماذا لم يتم دمج بعض الوزارات المتشابهة في الأهداف مثل وزارة الآثار ووزارة السياحة وكلاهما يخضع لهدف واحد هو اتاحة الفرصة للسائح أن يشاهد الآثار ضمن مشاهداته.. وكذلك وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ووزارة الري والموارد المائية.. وغيرها. المهم أن القاهرة تختنق.. بزحامها وفوضاها.. وعدم الجدية في اتخاذ القرارات السليمة لإصلاح الحال المايل.. ولي أن أتساءل.. هل يمكن عرض كل مشكلة علي حدة علي الشعب لكي يقترحوا حلولاً لها.. اعتقد أننا سنجد بين الملايين من يستطيع التفكير في ايجاد الحلول المناسبة ولعلنا نبدأ بمشكلة المرور.