1⁄4 ما يحدث في منطقتنا جدير باهتمامنا لأنه يؤثر علينا بشكل أو آخر خاصة ما يتعلق بأمتنا القومي في عمقه الأفريقي ودوائره العربية والشرق أوسطية.. زيارة أوباما لإثيوبيا وكينيا لها أهداف معلنة كمكافحة العنف والإرهاب ودعم التكامل الإقليمي في شرق افريقيا.. وأهداف مسكوت عنها تعني مصر في المقام الأول فواشنطن تسعي لإعادة تشكيل الخريطة الجيوستراتيجية للشرق الأوسط وأفريقيا.. ونحن بالطبع جزء من هذا المخطط. امريكا أنهكها التدخل العسكري المباشر في كثير من المناطق الملتهبة مثلما حدث في العراق وافغانستان. ومن ثم فهي تحاول خلق قوي إقليمية جديدة تتولي نيابة عنها إدارة شئون المناطق الموجودة فيها وإعادة تشكيل خرائطها بما يحقق مصالحها ويضمن أمن إسرائيل.. وهذه القوي ليست عربية كإيران وإسرائيل وإثيوبيا وتركيا وهو ما يعني قفزاً علي أدوار القوي العربية التقليدية كمصر والسعودية وخصماً من النظام الاقليمي خلال الفترة المقبلة.. انسحاب امريكا تدريجياً من منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية وتحولها إلي آسيا نظراً لانخفاض اعتمادها علي بترول الخليج ومعارضه الرأي العام الأمريكي لأي تورط جديد في الشرق الأوسط وتعاظم نفوذ قوي اخري علي الساحة الدولية مثل الصين وروسيا يجعل مستقبل هذه الأقاليم مرهوناً بأيدي دول في المنطقة ذاتها وتحديداً مصر. السعودية. تركيا. إيران. إثيوبيا.. والأخيرة تنامي تأثيرها في ظل غياب دور مؤثر لمصر غداة ثورة يناير وربما قبلها بسنوات منذ محاولة اغتيال الرئيس المتنحي في أديس أبابا. انسحاب أمريكا من المنطقة لا يعني غيابها عن التأثير المباشر في مجرياتها فهي تمارس المنطق التفكيكي لحساب قوي إقليمية تابعة لها. ما يهمنا في هذا السياق زيارة أوباما لأديس أبابا التي تقوم بدور محوري في الصومال وجنوب السودان وجماعة "الإيجاد" والاتحاد الافريقي.. وانعكاسات هذه الزيارة علي مفاوضات سد النهضة التي تجري بشق الأنفس في ظل مماطلة وتعنت من إثيوبيا وصبر ونفس طويل من مصر التي تصر علي استكمال التفاوض للوصول لحلول تحافظ علي أمنها الإنساني وتسمح للآخرين بتحقيق التنمية بلا إضرار.. هل تزيد زيارة أوباما تلك المفاوضات تعقيداً وتأزيماً لخنق مصر وتعطيشها.. وهل يفهم من توقيت الزيارة أن ادارة أوباما داعمة لإثيوبيا في هذا الملف وغيره.. وهل تأتي استكمالاً لما تفعله ادارة اوباما بالمنطقة العربية من تفكيك وتدمير لحساب إسرائيل..؟!. الرئيس الأمريكي رغم فشل كثير من سياساته في المنطقة يبدو وقد حقق مجداً رئاسياً يؤهله لجائزة نوبل إذ أنجز اتفاقاً نووياً مع طهران أتاح لها دوراً أكبر في المنطقة ومنحها صك اعتراف بنفوذها المؤثر في الإقليم. ورمم سمعة نظامها الآخذ في الانهيار بإنعاشه اقتصادياً. كما أنجز أوباما مصالحة تاريخية مع كوبا لكنه في المقابل تسبب في كوارث في المنطقة العربية وكان كسلفه بوش وبالاً علي القضايا العربية فبينما يعتبر التحالف الدولي بقيادة امريكا "داعش" تنظيماً إرهابياً في العراق وسوريا لا يعتبره كذلك في ليبيا رغم أنه يدين بالولاء للتنظيم الأم وهو ما يثير علامات استفهام حول هذه الازدواجية وحول نشأة هذا التنظيم ومصادر تمويله وتسليحه وعلاقاته بأجهزة مخابرات دولية ولغز استقطابه مقاتلين أجانب.. باختصار إذا لم يأخذ العرب زمام المبادرة كأمة مستهدفة فلا وجود لهم في المستقبل..!!.