بعد أن نزلت آيات سورة المجادلة متضمنة حكم الله في أي زوج يقول لزوجته: أنت علي كظهر أمي. وقد كان حكم الله تعالي مشتملا علي كفارة يمين الظهار بعد أن كانوا في الجاهلية يعتبرونه طلاقا وقد أنهي الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بعد أن سري عنه علي مسامع خوله: ان الله قد انزل فيك وفي أوس بن الصامت زوجك قرآنا فصرت الفرحة وجدان خولة بنت ثعلبة. وتم تنفيذ الكفارة كما أمر الله تعالي في آيات سورة المجادلة وذلك بما أفاد الرسول عليه من النعم وكذلك خولة بنت ثعلبة. بعد الفرج الذي جاء من عند الله لطفا وسعادة لكي تعود إلي هذا البيت الصغير السعادة التي غابت لفترة شاء الله عز وجل ألا تطول ومضت حياة هذه الاسرة هادئة هانئة. واختفي الغضب ولم يعد هناك ما يعكر صفو الاسرة بعد هذا الذي جري من أوس بن الصامت. استمر الزوجان تربطهما علاقات الود والمحبة حتي جاء الأجل المحتوم لاوس بن الصامت فرحل عن هذه الدنيا تاركا خلفه بنت العم خوله بنت ثعلبة تعيش حياتها وترعي بيتها في ضوء تعليمات الله وفي نفس الوقت تترحم علي زوجها أوس بن الصامت وتطلب له المغفرة. وأخذت تردد فيما بينها وبين نفسها طالبة من رب العباد أن يتغمدها برحمته حين يأتي اليوم الموعود. مضت الايام سريعًا وتناسي الناس أحداث هذه القصة التي أثارت حديث الناس في تلك الأيام الماضية. وبالتالي تقدم السن بهذه المرأة المؤمنة. وقد بدا عليها سمات الشيخوخة وطال بها الأجل حتي أدركت خلافه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وفي أحد الايام كان أمير المؤمنين عمر قد خرج من المسجد ومعه صاحبه يقال انه الجارود العبدي وبينما هما يمضيان في الطريق إذ ظهرت هذه السيدة وقد ألقي عليها عمر رضيِ الله عنه السلام فردت. ثم أخذت تقول: هيهات ياعمر وأخذت تذكره بما كان يجري في سوق عكاظ وعمر يرعي الغنم وكان يسمي عميًرا. ثم سميت عمر. ثم حدث أميرًا للمؤمنين وأخذت توصيه قائلة: اتق الله في الرعية. وأعلم أن من خاف الوعيد قرب عليه البعيد. ومن خاف الموت خشي عليه الفوت. وأخذت تردد هذه الوصية وعمر رضي الله عنه ينصت حتي أكثرت في الحديث لدرجة أن مرافقه قال: من هذه المرأة؟ فقال عمر: دعها أما تعرفها أنها خولة بنت ثعلبة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات فعمر والله أحق أن ينصت إليها بكل أناه. رحم الله هذه المرأة المؤمنة الصابرة الوفية لزوجها والتي لم تتخل عن قيم الدين الحنيف. ضميرها الحي اليقظ لم يتزعزع ويتحرك أمام رغبات زوجها أوس بن الصامت صدق ووفاء وعفة وطهارة انها نموذج للمرأة المؤمنة بالله ورسوله. تغمدها الله برحمته وأجزل لها العطاء.