قيل اسمها "خولة بنت مالك بن ثعلبة" وقيل اسمها "خويلة" وقيل: "جميلة". تزوجت خولة من أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم ابن فهر. وهو أخو عبادة بن الصامت. وهي من المسلمات المؤمنات المبايعات لرسول الله "£".. روت خولة الحديث عن قصة نزول سورة المجادلة فيها. قالت: كنت عنده وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه. وضجر. وقالت: فدخل عليّ يوماً فراجعته في شيء فغضب وقال: أنتي عليّ كظهر أمي. ثم خرج. فجلس في نادي قومه ساعة. ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني..... فامتنعت عليه. وذهبت إلي رسول الله "£" تشتكي زوجها. وما حدث منه. ثم ما لبثت تجادل رسول الله "£" ثم دعت الله تعالي قائلة: "اللهم أشكو إليك شدَّة وجدي. وما شق عليّ من فراقه. اللهم أنزل علي لسان نبيك ما يكون لنا به فرج".. فبكت عائشة رضي الله عنها. وبكي من معها تأثراً بذلك. ثم نزل الوحي علي رسول الله "£" "بصدر سورة المجادلة". فلما سري عنه قال لها: "يا خولة.. قد أنزل الله فيك وفي صاحبك".. ثم قرأ عليها صدر سورة المجادلة: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلي الله. والله يسمع تحاوركما".. إلي قوله تعالي: "وللكافرين عذاب أليم" "المجادلة: 1 - 4".. ثم أمرها النبي "£" أن تجعله يعتق رقبة. فذكرت له أنه لا يملك ما يعتقه. فقال لها: "فليصم شهرين متتابعين". فذكرت له أنه شيخ كبير لا يستطيع الصيام. فقال لها: "فليطعم ستين مسكيناً".. فلما قالت له يا رسول الله ما ذاك عنده. فقال لها رسول الله "£": "وإنا سنعينه بعرق من تمر" قال: فقلت يا رسول الله. وأنا سأعينه بعرق آخر. قال: "قد أصبت وأحسنت. فاذهبي فتصدقي به عنه. ثم استوصي بابن عمك خيراً".. قالت: ففعلت. هذا. وقد ذكر ابن عبدالبر في "الاستيعاب" أن عمر بن الخطاب خرج من المسجد ومعه الجارود العبدي. فإذا بامرأة بارزة علي ظهر الطريق. فسلم عليها عمر. فردت السلام وقالت: هيها ياعمر. عهدتك وأنت تسمي عميراً. وفي سوق عكاظ ترعي الصبيان بعصاك. فلم تذهب الأيام حتي سُميت عمر. ثم لم تذهب الأيام حتي سُميت أمير المؤمنين. فاتق الله في الرعيَّة. واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد. ومن خاف الموت خشي الفوت.. فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة علي أمير المؤمنين.. فقال عمر: دعها.. أما تعرفها؟!.. هذه خولة بنت ثعلبة. التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات. فعمر والله أحق أن يسمع لها. ثم قال: والله لو زنها وقفت إلي الليل ما فارقتها إلا للصلاة. ثم أرجع إليها. وبذلك نري حرص المرأة الصحابية علي الالتزام بالحلال والحرام وبمبادئ الإسلام. لذا فقد ذهبت إلي رسول الله "£" تبلغه ما حدث قبل أن يمسها زوجها.. كذلك يدل علي اهتمام الإسلام بشئون المرأة. وتقدير الله تعالي لها بنزول هذه الآيات الكريمة التي تدل علي استماع الله تعالي لشكواها وإجابته. بما يفرج عنها همها. ومشاكلها الأسرية لتكون تشريعاً للمسلمين من بعدها.