* تسأل دعاء أ. من القاهرة: طلق عبدالله بن عمر امرأته وهي حائض فأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن عمر ان يراجع زوجته وهي حائض ألا يدل هذا الحديث علي عدم وقوع الطلاق في فترة الحيض؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: الحادثة المذكورة لا تدل علي عدم وقوع الطلاق في الحيض بل هو لازم لمن اوقعه وان كان فاعله قد فعل ما كره له إذا ترك وجه الطلاق وسنته والدليل علي ان الطلاق لازم في الحيض أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن عمر بمراجعة امرأته إذا طلقها حائضا والمراجعة لا تكون إلا بعد لزوم الطلاق وإذا لم يكن الطلاق في الحيض واقعا ولا لازما ما قال له راجعها لأن من لم يطلق ولم يقع عليها طلاق لا يقال فيه راجعها لأنه محال ان يقال لرجل امرأته في عصمته لم يفارقها راجعها ألا تري إلي قول الله عز وجل في المطلقات: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك" البقرة 228 ولم يقل هذا في الزوجات اللاتي لم يلحقهن الطلاق وعلي هذا جماعة فقهاء الامصار وجمهور علماء المسلمين وان كان الطلاق عند جميعهم في الحيض بدعة غير سنة فهو لازم عند جميعهم ولا مخالف في ذلك إلا الظاهرية فإنهم يقولون ان الطلاق لغير السنة غير واقع ولا لازم.. وروي مثل ذلك عن بعض التابعين وهو شاذ لم يعرج عليه أهل العلم من أهل الفقه والأثر في شيء من امصار المسلمين ولأن ابن عمر الذي عرضت له القضية احتسب بذلك الطلاق وافتي بذلك وهو ممن لا يدفع علمه بقصة نفسه. ومن جهة النظر قد علمنا ان الطلاق ليس من الاعمال التي يتقرب بها إلي الله عز وجل فلا تقع إلا علي حساب سنتها وإنما هو زوال عصمة فيها حق لآدمي فكيفما وقع فإن اوقعه لسنة هدي ولم يأثم وان اوقعه علي غير ذلك آثم ولزمه ذلك. وقد احتج قوم من أهل العلم بأن الطلاق في الحيض لازم لقول الله عز وجل: "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه" الطلاق "1". يريد انه عصي ربه وفارق امرأته وحسبك بابن عمر فقد أنكر علي من ظن انه لا يحتسب بالطلاق في الحيض.. فعن ابي غلاب قال سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال تعرف عبدالله بن عمر فإنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك فأمره ان يراجعها قلت اتحتسب بها قال فمه ان عجز واستمق. وكان عبدالله بن عمر إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم إذا أنت طلقت امرأتك وهي حائض مرة أو مرتين فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر بهذا وإن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتي تنكح زوجا غيرك وعصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك. وروي الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج انهم ارسلوا إلي نافع يسألونه هل حسبت تطليقه ابن عمر علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال نعم. وعن عبيدالله بن عمر ويحيي بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال طلقت امرأتي وهي حائض فأتي عمر رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكر ذلك له قال مرة فليراجعها حتي تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء الله طلقها قبل ان يجامعها وان شاء امسك فإنها العدة التي قال الله عز وجل قال عبيدالله: فقلت لنافع: ما فعل بتلك التطليقة؟ قال اعتد بها.. فهذه الآثار كلها توضح لك ما قلنا عن ابن عمر وفي قول رسول الله صلي الله عليه وسلم مره فليراجعها دليل علي انها طلقة لأنه لا يؤمر بالمراجعة إلا لمن لزمته الطلقة ولو لم تلزمه لقال دعه فليس هذا بشيء أو نحو هذا.