مازال ملف الصحة من الملفات التي لم يتحرك فيها ساكن حتي الآن.. فلم يتم وضع رؤية تضمن خدمة صحية معقولة ولو بعد حين وكل ما يحدث لايتعدي بعض الوعود والتصريحات.. والدليل علي ذلك مشكلة التمريض المزمنة التي تعانيها كل المستشفيات ولم يفكر أحد في التعامل معها بالجدية اللازمة. ومشكلة التمريض لها عناصر متعددة أهمها نقص الاعداد ثم الكفاءة وجودة الأداء ومواكبة أحدث الأساليب الطبية والتدريب والتي تجعل الممرضة بحق مساعدا للطبيب ومسئولة عن نجاح ادائه سواء في العمليات الجراحية أو العلاج العادي في حالة حجز المريض في المستشفي. لكن يبقي نقص العدد هو الهم الذي تعاني منه كل المستشفيات ويبقي سد العجز العددي أمنية لكل القائمين علي تلك المستشفيات.. ولأن مستشفي قصر العيني من أكبر المستشفيات علي مستوي العالم فهو مقياس لتلك المشكلة التي أفردت لها جريدة الأهرام موضوعا لمناقشتها منذ أيام.. والأرقام بالفعل مفزعة.. فنسبة العجز تزيد علي 30% وتصل الي 950 ممرضة والنتيجة ان وحدات كثيرة بالمستشفي متوقفة عن العمل لهذا السبب في وقت تبلغ فيه المعاناة من عدم القدرة علي استيعاب كل المرضي ذروتها!! حتي غرف الرعاية المركزة وهي أصلا قليلة ولاتتناسب مع حجم الطلب عليها من الحالات الحرجة وهي الاخري توقف ثلثها وتم اغلاقه تماما لهذا السبب!! فأي إهمال هذا في مواجهة حقيقية لتلك المشكلة. وخلال الشهور القليلة الماضية أجريت ومعي زميلتي يسرية زكريا عدة حوارات مع المسئولين عن عدة صروح طبية منها المعهد القومي للأورام ومعهد السموم ومستشفيات ابوالريش للاطفال ولمسنا من خلال مناقشة هؤلاء المسئولين حجم المعاناة من نقص التمريض ومحاولاتهم ايجاد حلول مؤقتة أملا في نظرة شاملة لتلك المشكلة. في معهد الأورام يبلغ العجز في التمريض 50% والدكتور حاتم ابوالقاسم مدير المعهد حدد الاسباب في قلة مدة التكليف الاجبارية وهي عامان يقضيها الرجال عادة في الخدمة العسكرية والاناث إما يتزوجن ويطلبن النقل مع ازواجهن او يحصلن علي اجازات.. اضافة للنظرة المجتمعية للممرضة التي سببت احجاما عن هذه المهنة. وفي مستشفي أبوالريش قالت الدكتورة هالة فؤاد مدير المستشفي ان نقص التمريض مشكلة عامة لقلة عدد الدارسين لهذه المهنة ولتفضيل الكثيرين السفر للخارج أو اللجوء للعمل في المستشفيات الخاصة للحصول علي اجور مجزية مقابل أجور ضعيفة في المستشفيات الجامعية والعامة.. وفي معهد السموم وصفت مديرة المعهد الدكتورة أمل السفطي نقص عدد ا لتمريض بأنه مشكلة كبيرة. المشكلة محددة والأسباب معروفة وإقامة المزيد من مدارس ومعاهد التمريض ورفع المرتبات وتحسين ظروف العمل حتي لاتعمل الممرضة 15 ساعة يوميا.. كلها حلول مطروحة.. لكن تبقي ان تتوفر الارادة الجادة علي المواجهة.