استنكر العلماء المسلمون والمسيحيون الطلب الذي تقدم به وفد من أقباط المهجر المقيمين بالولايات المتحدة للكونجرس الأمريكي والأمم المتحدة والفاتيكان لفرض الحماية الدولية علي مصر حيث أوضحت الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية ان هذا الطلب يأتي تحقيقا لعدة أهداف منها الفصل بين الدين والدولة واستبعاد المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع وإعداد لجنة لوضع دستور جديد في البلاد قبل الانتخابات التشريعية واضافة مادة بالإعلان الدستوري لتسهيل قيام الأحزاب الجديدة وتقديم الجناة الذين تسببوا في الأحداث الطائفية إلي العدالة وإصدار تشريعات تكفل حرية العقيدة ومن التمييز والتمثيل العادل للأقليات في المناصب الهامة والإسراع نحو إصدار تشريعات لحرية بناء الكنائس.. مع منح السلطات 6 أشهر لإقرار الأمر وفي حالة الرفض تقطع كافة المعونات عن النظام الحاكم في مصر ويمنع الطيران ويوقف توريد السلع الاستراتيجية لمصر ويوقف تصدير الإنتاج المصري للخارج. "المساء الديني" ناقش خطورة هذا الطلب الخبيث وردود فعل العلماء وكانت هذه آراءهم: يقول الدكتور محمد أبوليلة - أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر - يؤسفنا هذا البيان المجحف والمعادي لمصالح المسلمين والأقباط معا في مصر.. وهذا البيان الذي يحرض علي فرض الحماية علي مصر فيه عقوق للوطن وإساءة بالغة إلي المصريين جميعاً مسلمين وأقباطا لأن العدوان علي مصر لم يفرق بين أبنائها وإنما سيعم البلاد ككل. أضاف انه إذا كان أقباط المهجر الذين اتخذوا أمريكا وطنا لهم فإن المسلمين والأقباط في مصر لا وطن لهم غير مصر وهم جميعا مستعدون لحماية ترابها وسمائها وقيمها وتاريخها ومستقبلها المشترك. أكد د.أبوليلة انه لا توجد في مصر فتنة طائفية ولا كراهية للأقباط وإنما يوجد بعض الخارجين علي القانون والمسلطين علي الشعب في إثارة الذعر هنا وهناك ودب بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط وما حدث في الإسكندرية أو إمبابة أو صول هي جرائم يعاقب عليها القانون قامت به فئة محاربة من حساب النظام القديم الفاسد ولا يخلو أي مجتمع بما فيها أمريكا وأوروبا من الخارجين علي القانون والمرتكبين للجرائم حتي تخلو مصر من هؤلاء المجرمين. طالب د.أبوليلة الكنيسة أن تكون كلمتها واحدة في شجب هذا البيان لأن أقباط المهجر قد توغلوا في العداوة لمصر والمصريين عندما لجأوا إلي مجلس الأمن وطالبوا بفرض وصاية علي الوطن يشهد الجميع بأهميته ووحدة أبنائه.. ويشهد بالثورة التي فجرها المصريون مسلمين وأقباطا الذين جميعهم ميدان التحرير دون أي تمييز عنصري أو طائفي أو ديني. أكد انه من العار أن يشكو انسان وطنه لمجلس الأمن ويثير قضية عالمية ضده.. فأقباط المهجر قلة معزولة عن التيار القبطي العام.. إنها فئة منشقة ولن تصل إلي غرضها فأبناء مصر يد واحدة في السراء والضراء وقلب واحد ولسان يعبد الله كل علي طريقته والكنائس والمساجد خير شاهد علي ذلك. محاولات دنيئة يقول د.محمد فؤاد شاكر - أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس - من فضل الله علي مصر ان حباها شعبا يحمل المودة والرحمة والألفة مع غيره.. والانسان بطبيعته يميل إلي حياة الأمن والأمان ولكن من الملاحظ منذ فترة بعيدة بدأت الأمور تأخذ صورة أخري فظهر ما يسمي بأقباط المهجر وهؤلاء خرجوا من مصر كما خرج منها المسلمون بحثا عن لقمة العيش واستقروا في الغرب ثم بدأوا في حركهم المدعومة من أعداء الإسلام وخصومه في تأليب الرأي العام ضد المسلمين في مصر ومحاولة اثبات أخطاء التعامل مع غير المسلمين حتي انهم من جرأتهم تطاولوا علي رسول الإسلام وعلي رموز المسلمين وفتحت لهم أجهزة الإعلام قنواتها المختلفة لينشروا هذا الكلام الغث وليوحوا للناس بأنهم مضطهدون ولا يأخذون حقوقهم. أضاف د.شاكر انه لكي نكون منصفين لابد أن نوجه هؤلاء إلي هذه الأمور: أولا النصاري في مصر هم أسعد الأقليات في العالم كله ولا نخفي هنا أن مطالبهم قد تؤدي قبل المسلمين. ثانيا: ان الزعم الذي يأخذ طريقه إلي أذهان الناس انهم أصحاب هذا البلد وان المسلمين الذين جاءوا في العام العشرين من الهجرة وفتحت مصر هم ضيوف علي هذا البلد ولكي نوقظ الذاكرة فالمسيحية دين وافد علي مصر ظهرت في بلاد الشام واعتنقها من اعتنقها في مصر مثلها كمثل الإسلام الوافد من الجزيرة العربية ولكن ما ينبغي ان نهتم به ان المسلمين القادمين من جزيرة العرب وفدوا إلي مصر العربية وعروبة مصر ليست قابلة للمتاجرة أو التزييف أو التحريف فهي ثابتة قبل ظهور الإسلام بعدة قرون ومنذ أن توافد إلي مصر إخوانهم العرب القادمون من بلاد اليمن بعد تهدم سد مآرب.. والذي يدقق النظر في التكوين البشري واللهجة العربية في مصر ولاسيما في الصعيد يجد أن كلامنا هذا هو نفسه الذي ينطق به أهلنا في اليمن. ثالثا: يفسر المهاجرون الأقباط عملية تنظم بناء الكنائس بأنه اضطهاد وأنا أتساءل عدة أسئلة لعلها تجد اجابة الأول: لماذا تحاط الأديرة التي يقيمها إخواننا وشركاؤنا في الوطن بمئات الفدادين من الأرض حول هذه الكنيسة وهذا الدير أو ربما آلاف الأفدنة كما حدث في المنيا مع أن الطاعة والعبادة تلتزم عندهم أن يؤدوا صلواتهم وطقوسهم في داخل مبني فما احتياجهم إلي هذه الأفدنة الشاسعة حول هذه الكنائس أو هذه الأديرة. الثاني: هل طرق أحد باب المسئولين في مصر للحصول علي ترخيص بناء كنيسة بالمواصفات المطلوبة وهي ان تكون في منطقة يحتاج إليها أصحابها للصلاة فيها فلا يعقل أن نبني كنائس في أماكن لا يسكن فيها إخواننا وشركاؤنا في الوطن.. وإذا سألت أحدهم عن السبب في بناء كنيسة في منطقة ليس فيها أحد من الأقباط كما حدث في الكنائس التي أقيمت بجوار الخط الدائري المحيط بالقاهرة يرد عليك من يسأل انها للمستقبل. السؤال الثالث: لماذا إذا حدث شيء بين مسلم وغير مسلم في أمور الحياة العادية كالتعامل التجاري وكالأخذ والعطاء في المال والعقارات مثلا لا يذهب النصراني أو القبطي إلي مركز دولة في داخل الدولة. السؤال الرابع كما يقول د.شاكر: لماذا لا يراقب أحد ما يقال من عظات في داخل هذه الكنائس لشحن أذهان الشباب بالكراهية ضد إخوانهم المسلمين في مصر مع أن الكلمة في المساجد يحاسب عليها من يصعد المنبر وقد يسجن إذا خرج عن الخط المألوف وعلي فكرة لا يستطيع أحد أن يصعد إلي المنبر إلا بحصوله علي موافقة من وزارة الأوقاف ومن الأمن فهل يتم ذلك بالنسبة للأقباط؟ رابعا: إذا كان هؤلاء يزعمون بأنهم لم يأخذوا حقهم في هذا البلد نحن نقول لهم: أولا تعداد الإخوة الأقباط لايزيد بحالة من الأحوال علي 6 ملايين قبطي مقابل 74 مليون مسلم.. ماذا يملك الستة ملايين من اقتصاد في هذا البلد.. آخر الاحصائيات والدراسات أثبتت ان 60% من اقتصاد مصر بأيدي الأقباط فمن المضطهد هنا؟ ثم ان اختيار القيادات كما يزعمون في كل شئون الحياة المصرية لا يخلو مطلقا من مشاركة إخواننا الأقباط وهذا واضح لكل ذي بصيرة فهناك وزراء مالية وبيئة وتجارة ومحافظون ومناصب مدنية وعسكرية كبري من الأقباط. خامسا: لو دققنا كثيرا بعيدا عن السياسة لوجدنا محبة المسلمين لإخونهم الأقباط واضحة بينه وذلك ان كثيرا من المسلمين يسمون أبناءهم عيسي وبناتهم مرية فهل رأيت أحدا من الذين يزعمون انهم مضطهدون يسمي ابنه محمد أو بنتهم خديجة أو زينب كل ذلك نحن نغض الطرف عنه وما يأتينا من استفزازات يصبح الحليم فيها غضبانا في النيل من رسول الله ومن القرآن. مشاكل مصرية استنكر الدكتور نبيل لوقا بباوي - المفكر القبطي - بشدة التدخل الدول في الشأن المصري واصفا مشاكل الأقباط بأنها مشاكل مصرية ذات طابع خاص يسهل تداركها وحلها ولن نسمح بالتلاعب بها مطالبا بإجراء حوار مع أقباط المهجر لمعرفة سبب اتجاههم إلي هذا الطريق. وفي تصريحات له قال نجيب جبرائيل - رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان - انه لا يجوز المطالبة بفرض الحماية علي مصر وان ما اتخذه أقباط المهجر من خطوات نحو تحقيق هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا. أضاف ان عصر فرض الحماية الدولية انتهي بلا رجعة واننا نعيش في عصر الحرية والديمقراطية والعالم لا يقبل بهذا الأمر. أشار إلي انه حدث في مصر العديد من التجاوزات ضد الأقباط التي تحتاج وقفة قوية من قبل المجلس العسكري والوزارة القائمة علي أن تصدر بعض التشريعات التي من شأنها تجفيف منابع الفتنة الطائفية مثل قانون دور العبادة الموحد والأحوال الشخصية ومنع التمييز.