الاحتفال بالذكري الثالثة والثلاثين لتحرير سيناء يعيد طرح السؤال التقليدي الذي يتبادر إلي الأزهان أين الأفلام التي تجسد انتصارات القوات المسلحة ومعاركها المختلفة التي خاضتها للوصول لذلك الانتصار العظيم.. واستعادة أرض سيناء الحبيبة كاملة بعد تحريرها بدماء الشهداء من أبطال القوات المسلحة؟ الأفلام المعروفة معدودة علي أصابع اليد الواحدة وجميعها وثقت لمعركة أكتوبر المجيدة فقط. بينما خرج من العباءة فيلم "الطريق إلي إيلات" الذي وثق لواحدة من العمليات الحربية المهمة في التاريخ المصري والتي مهددت لانتصارات أكتوبر. رغم المحاولات التي بذلها العديد من المخرجين والمؤلفين قبل عدة سنوات لتجسيد البطولات التي لم يتم تناولها في السينما أو الدراما. فإنها لم تحقق النجاح المطلوب. "المساء" تفتح ملف الأفلام الحربية وكيف يتم توثيق تاريخ الانتصارات العسكرية والسياسية المصرية من خلال السطور التالية: يقول المخرج عمر عبدالعزيز وكيل نقابة المهن السينمائية: منذ انتصار أكتوبر عام 1973 وهذا السؤال يطرح نفسه أين أفلام توثيق حرب أكتوبر؟ لأن كل ما قدم في رأيي لا يرقي أبداً لأهمية حرب أكتوبر وقيمتها التاريخية والوجدانية عند المصريين. أضاف: أفلام الحرب دائماً وفي أي مكان في العالم لا يقوم بها الأفراد وإنما تتحمل مسئوليتها المؤسسات وجهات الإنتاج الكبري خاصة تلك التابعة للدولة. لأنها تحتاج إلي تسهيلات كثيرة تتعلق بالطبيعة الجغرافية في أماكن العمليات وضرورة توفير أدوات الحرب كالسيارات والملابس والأسلحة والطائرات التاريخية التي لا يمكن أن تتوافر إلا لدي المؤسسات العسكرية. فمثلاً من السهل جداً في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تنتج سنوياً العديد من الأفلام التي تؤرخ لحرب فيتنام ومعارك عديدة من الحربين العالميتين الأولي والثانية أن يقوم المخرج بالتصوير من حاملة طائرات.. أما في مصر فللأسف لا نستطيع حتي الحصول علي دبابة. ومن هنا ننادي بقيام الحكومة ممثلة في قطاعات الإنتاج ووزارة الثقافة وإدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة بتبني عمل وطني عالمي ننافس به الأفلام العالمية. فالفكرة ليست في الكم بحيث تنتج الدولة ثلاثة أو أربعة أعمال كلها ما بين ضعيف ومتوسط. بل الأفضل أن تنتج فيلماً واحداً قوياً قادراً علي المنافسة العالمية وحصد الجوائز كما يحدث في دول العالم التي تهتم بالفعل بالتأريخ لمعاركها العسكرية. الكاتب والسيناريست بشير الديك قال: بداية دعونا نعترف بأن عمل فيلم عن الحرب بشكل عام سيكون أمراً صعباً للغاية. ولكن المتاح هو إنتاج عمل يحكي عن إحدي المعارك. كما في معركة شدوان أو إيلات وغيرهما من المعارك المحددة التي تبرز روح أكتوبر وانتصاراتها. أضاف: الروح السائدة الآن في مصر تقترب كثيراً من الروح التي كانت موجودة خلال حرب أكتوبر.. لكن الفارق في الحشد الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي حدث خلال وقت الحرب وهو ما نحتاجه حالياً. فمعركة أكتوبر سبقها تدريبات شاقة وتجهيزات عظيمة ودراسات دقيقة لكافة تفاصيل المعركة. وهذا كله تم بناء علي أسلوب علمي حتي نصل للانتصار. لذلك أقول إنه من الصعب أن يكون هناك عمل واحد يتناول كل تلك التحضيرات والتجهيزات. وإنما فرصتنا في تحديد حادثة أو معركة بعينها وإنتاج عمل يتناول أحداثها تفصيلاً. وهو ما يحتاج تسخيراً كاملاً من الدولة لكافة الإمكانيات. طالب الديك الدولة بالاهتمام بالنواحي الاقتصادية لأنها السبيل الوحيد لتشجيع الجهات الإنتاجية الخاصة علي المشاركة وقال: بخلاف الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات الإنتاجية التابعة للدولة فلابد من الاهتمام بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية لتشجيع الإنتاج الخاص علي المغامرة في إنتاح أعمال وطنية قادرة علي تحقيق ربح مادي. المخرجة إنعام محمد علي قالت: الحرب مجموعة من المعارك وقديماً كانت الأفلام تتناول الحرب في حد ذاتها. وهو ما حاولت الخروج عنه في فيلم "الطريق إلي إيلات" الذي تحدث عن معركة واحدة فقط ليظهر مركزاً ومحدداً ويلقي النجاح الجماهيري والفني الذي حققه وقت العرض. كذلك فيلم "حكايات الغريب" الذي كان أول فيلم يتحدث عن الفدائيين المصريين والمقاومة الشعبية في مدن القناة. أضافت إنعام: الأعمال السينمائية هي الأكثر قدرة علي تقديم التأريخ المطلوب للأحداث الحربية والمعارك والمشروعات الكبري نظراً لأنها تكون جرعة مكثفة وسهلة التحرك بالمشاهد والكاميرات من مكان لآخر. والساحة حالياً خاصة علي المستوي الجماهيري تستوعب إنتاج مثل هذه النوعية من الأفلام التي ليست بالضرورة أن يكون هدفها تحقيق الربح فالمخرج أو الكاتب الذي يمتلك الوازع الوطني سيهتم بتقديم تلك النوعية من الأفلام مهما كلفه الأمر. وبالتأكيد الإخراج والنص الجيد والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة في العمل إضافة إلي إحساس الفنانين بأنهم يقدمون عملاً وطنياً قبل أن يكون عملاً فنياً.. كل هذا يظهر العمل في صورة مشرفة. أما الفنان عزت العلايلي فقد ناشد إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة بإنتاج فيلم عن حرب أكتوبر يجسد البطولات العديدة لمحاربي وعسكريي مصر العظماء وقال: لابد أن تقوم إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة بدورها في هذا الإطار بحيث تنتج أفلاماً تتحدث عن هذه المعارك. لأنها الوحيدة القادرة علي إخراج أي عمل حربي للنور نظراً لتوافر الإمكانيات المادية والإنتاجية اللازمة لتصوير وإخراج المعارك. من جانبه أكد المخرج أحمد صقر رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون أن جهات الإنتاج المختلفة التابعة للدولة تبذل جهوداً كبيرة لإنتاج الأعمال الحربية سواء كانت درامية أو سينمائية إلا أنه يتعرض كأي منتج لأزمات مادية وعدم توافر سيولة مالية كافية لتخرج تلك الأعمال بالشكل المطلوب أشار صقر إلي أن الأفلام الوثائقية التي تتخذ طابعاً درامياً إذا تم إنتاجها بشكل جيد ومتميز فإنها تحقق عائداً مادياً كبيراً عند عرضها علي الجمهور وبهذا يكون الفيلم أدي دوراً قومياً ووطنياً. إلي جانب تأديته دوراً ربحياً واستثمارياً للمنتجين.