كل بلد من بلاد العالم فيما عدا التي ابتليت بالحروب وبحور الدم عبارة عن دولة واحدة متجانسة يحكمها القانون عدا مصر للأسف الشديد.. ففي كل شبر منها نجد مجموعات من الخارجين علي القانون أو المستهترين به وتشكل كل مجموعة منهم دولة داخل الدولة.. وانطلاقاً من هذا الواقع المر نتحدث اليوم عن "دولة الميكروباص والتكاتك. الميكروباص أصبح يحكم الشارع في كافة المحافظات.. سائقوه حولوه إلي ديسكو متحرك.. سماع الأغاني الهابطة وبأعلي صوت يفرضه السائق علي كل الركاب وليس من حق أحد الاعتراض وإلا لقي ما لا يرضي ويسمع. والميكروباص هو وسيلة المواصلات الوحيدة التي لا ضابط أو رابط لها.. يركن في وسط أي شارع لنزول راكب أو صعود آخر عيني عينك أمام رجال المرور ولا أحد يسحب رخصته أو يحرر له مخالفة.. يرفع الأجرة وقتما شاء أو يتعطف ويتركها كما هي وقتما أراد.. في بعض المناطق خاصة الشعبية منها مثل امبابة وبولاق الدكرور وفيصل والأميرية والسواح والمطرية أو البعيدة عن العين كالعياط واخواتها وقليوب ومثيلاتها فإن غالبية الميكروباصات فيها بدون لوحات معدنية ويقودها صبية أو سوابق.. ناهيك عن السرعة الجنونية التي يسير بها كل السائقين علي السواء والتي ترعب الركاب وتتسبب في كوارث لا حصر لها. والميكروباص المنضبط له مواقف رسمية ولكن اجارك الله فيمن يديرون هذه المواقف.. فكل منهم هو الحاكم بأمره ودائماً ينصر السائق علي الراكب الغلبان ومن لا يعجبه يُطرد من جنة رئيس حكومة الموقف وعليه أن يبحث له عن وسيلة مواصلات أخري..!!! أما "التوك توك" فحدِّث ولا حرج.. والمفروض محاكمة "الشيطان" الذي جلبه إلينا وأفسد به الشوارع والأخلاق وكسر من خلاله القانون و"لوي" ذراع الدولة. "التوك توك" مشهور جداً في دول شرق آسياً وهو مناسب لها ويخضع لنظام مروري وأمني دقيق.. أما عندنا فهو مثال صارخ للفوضي والاجرام. دخل مصر بأعداد قليلة جس نبض يعني وتواجد في الريف والمناطق الشعبية التي تفتقر إلي السيطرة الأمنية ثم انتشر وساعد علي انتشاره أن سعره رخيص يتراوح بين 10 إلي 15 ألف جنيه.. ثم فجأة أصبح في كل مكان فتحرك السعر إلي الضعف وأكثر. الدولة عاندت وقررت عدم ترخيصه ومصادرته وعندما صرخ اصحابه سمحت بسيره في الريف والمناطق التي لا تتوفر بها وسائل مواصلات وجرَّمت سيره داخل المدن.. ومع ذلك فمازال يتحدي وينطلق في الأماكن الراقية وعلي الطرق السريعة..!!! ولا سائق للتوك توك يحمل رخصة قيادة.. والمصيبة الكبري انه في كثير من الأحيان ترتكب من أجله وبه جرائم القتل وخطف السيدات.. وارجعوا إلي الصحف لتتأكدوا مما أقول. الميكروباصات والتكاتك دولة داخل الدولة وإذا لم تُردع بالقانون هي ومن يتستر عليها ويحميها فسوف تتحول إلي امبراطورية يستحيل كسرها.. وساعتها لا تحدثونا عن انضباط الشارع.