* يسأل سعيد.أ من الإسكندرية: لقد ضعفت نفسي في غياب تام لرقابة هل خطيبتي فوقعت في الخطيئة . وكانت النتيجة أن حملت خطيبتي بعد ذلك وأريد الستر علي نفسي وعليها. وحتي لا نقترف جريمة الإجهاض.. فهل يجوز لي العقد علي خطيبتي الحامل التي أخطأت معها..؟ وهل الجنين الذي كان نتاج خطيئتنا ينسب إلينا.. أم لا؟! ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: اختلف الفقهاء رحمهم الله في نكاح الحامل من الزنا. فقال المالكية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية: لا يجوز نكاحها قبل وضع الحمل. سواء من الزاني نفسه. أو من غيره. لقوله صلي الله عليه وسلم : "لا توطأ حامل حتي تضع" رواه أبو داود. ولما روي عن سعيد بن المسيّب: أن رجلاً تزوج امرأة. فلما أصابها وجدها حبلي. فرفع ذلك إلي النبي صلي الله عليه وسلم ففرَّق بينهما" رواه البيهقي. وذهب الشافعية والحنفية إلي أنه يجوز نكاح الحامل من الزنا لأنه لا حرمة لماء السفاح بدليل أنه لا يثبت به النسب. لقوله صلي الله عليه وسلم : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري ومسلم. والواقع أن في تشجيع من قارف الزنا علي التزوج بمن زنا بها خلاصاً من مشكلات كثيرة تنجم عن منعه من الزواج. حيث إن في تزويجهما عوناً لهما علي التوبة. واستقبالاً لحياة جديدة يصلحان فيها ما أفسداه. وممن أفتي بذلك من الصحابة أبو بكر الصديق وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما . ففي مصنف عبدالرزاق عن عبدالله بن عتبة قال: سئل أبو بكر الصديق عن رجل زنا بامرأة ثم يريد أن يتزوجها؟ قال: ما من توبة أفضل من أن يتزوجها خروجاً من سفاح إلي نكاح". وفي سنن البيهقي عن علقمة بن قيس أن رجلاً أتي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: رجل زنا بامرأة ثم تاب وأصلح. أله أن يتزوجها؟ فتلا هذه الاية: "ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم" سورة النحل: آية 119 قال: فرددها عليه مراراً حتي ظن أنه قد رخَّص فيها "السنن الكبري". ولا شك أن القول بمنع تزوُّج الزاني من الحامل التي زنا بها تترتب عليه جملة من المفاسد. منها: تعريض الحامل من الزنا إلي خطر القتل من قبل أهلها» خلاصاً من العار وستراً للعرض. ومعلوم أنها غير مستحقة للقتل إن كانت بكراً. ان الحامل من الزنا والتي ثلم عرضها وضاع شرفها قد لا تتوقف عن السير في هذا الطريق المظلم. وتزول هيبة الجريمة من نفسها» فتمارسها دون توقف» مما يضاعف الشر. تعريض الجنين الذي في بطنها للرجهاض. ولربما تعمد أمه إلي طرحه بعد ولادته علي قارعة الطريق. وذكر ابن قدامة في المغني: وروي علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أري بأساً إذا زنا الرجل بالمرأة.. فحملت منه أن يتزوجها ويستر عليها. والولد ولد له. تعريض الأمن العام للخطر الماحق بما يترتب من غضب الأهل علي ضياع العرض» حيث يلجأ بعضهم إلي محاولة استنطاق الفتاة لمعرفة من فعل ذلك بها. ومن ثم الانتقام منه بقتله أو إيذائه. لو قيل بالمنع فإننا نقطع الطريق علي ستر العرض وحفظ الأمن الاجتماعي» حيث ستلوك ألسنة السوء عرض الفتاة وأهلها. ومعلوم أن الستر علي الأعراض مقصد شرعي وأمر نبوي.