أعشق ذاك اليوم. هذا الصباح .. وبراءة الوجه الصافي. والعينان السوداوان الرائقتان. وتلك الجديلة التي تتأرجح أسفل كتفيكِ بأنشوطتها الحمراء.. خجلك الذي يخفي خالك الجميل. حين تلمحينني أسرق بعض النظرات. و شفاهك الصغيرة الوردية التي تفرطين في مواراتها حين تبتسمين. فأحول بصري في اتجاه آخر. فتتعثر خلجات نفسك ذات اليمين وذات اليسار فتبادئي بالكلام وأنت تطرقين إلي الأرض ويدكِ تحاول الوصول لتشتبك بأصابعي.. وتمنحيني الرفاهية - كُل سنة وأنت طيب ... حد يتولد أول يوم في السنة؟ ترتجفين حين نتلامس. تنتفضين .. أخلع عني سترتي وأحوطك بها فترمقينني بنظرة وتبادري بالقول - انا موش سقعانة فأضم طرفي السترة علي صدرك. فتتحسينها فرحة.. أنتشي. أمتلك الكثير والكثير.... أركل الزجاج المنثور بالشارع مثل الكرة.. تبتسمين ساخرة مني. يظهر خالك الغائر.. ينشطر قلبي. أرتفع عن الأرض وأحلق.. تمطر.. فنسرع الخطي نختبيء تحت مظلة الحافلات. ونستقل إحداها. ونروح ونجيء طيلة اليوم.. إلي أن يعرب المحصل عن استيائه. أقضم أظافري. وأنا أهرب من نظراته الملولة لي. فتضحكين مني وتصوبين نظرة بعينيك إلي ساعتك.. تعني أن الوقت حان للرحيل. فأرضخ.. تستقيمي وتخلعي عنكِ سترتي.وتلحي ببراءة بأن أتفقدها جيداً حين أعود.. أوميء لكِ . وألوح كعادة كل عام. في آخر عامي كان هناك شيِء ينبيء عن اختلاف.. لم تكن جديلتك تتأرجح .كان شعرك منسدلاً. وكان وجهك مصبوغاً بألواني دخيلة. خالت لي أوساخ في استهلالك عليَّ. حتي أني أخرجتُ منديلاً. وهممت أن أزيلها. وأصوب الرؤية... لم ألمح خالك. كان مطموراً طيلة اللقاء. كنتِ تحاولين جاهدة أن تخفي يديكِ في غور سترة كنتِ تستدفئين فيها "ليست لي". كنت أشعر بتغير في الطقس والأرض والهواء. كنت أشخص إليكِ كثيراً. وأنت تتلعثمين وتواري عينيك بعيداَ إلي لا شيء. اليوم هو أول يومي في عامي آخر.. أمشي في نفس الطريق ونفس الأماكن. أركل بقايا الزجاج المهشم من ليلة البارحة "سخطاً".اليوم الشوارع مطفأة. الأفراح أخذت شكلاً مغايراً. لم يحدث شيء سوي أني وحدي أروح وأجيء طيلة اليوم علي أرصفة الشوارع ذاتها ووسط المدينة. وداخل الحافلات.. أعوام كثيرة مرت. وغزا رأسي المشيب. كلُ افترق في طريق ربما رحلت.. ربما تزوجت وأنجبت. ربما رحلت وانا عرفت غيرها الكثير. وسلكت طرقاً أكثر طولاً وتعرجاً وصاحبت وجوهاً ملطخة وأخري "متعددة" وقضمت الصبر وتجشأت الفراغ ..! فلم مازلت في أول يومي من كل عام.. أبحث في حاشية سترتي عن هديتي المخبوءة؟. وأقطع الطريق وسط بقايا احتفالات العام الجديد. وفي أول أيامه وتحت المطر أحملق في كل الوجوه عن فتاة بريئة الوجه وذات عيوني سوداء صافية. وجديلة بأنشوطة حمراء؟!!